رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما بعد الموسوي والعاروري


مرحلة جديدة دخلتها إسرائيل في حربها الطويلة التي بدأت تدخل شهرها الرابع، بعد التحليق بالطيران في سماء غزة والقصف من السماء وبعد الدخول البري كثيف العدد حتى بات كل شارع في غزة فخ إسرائيلي للموت، تدخل إسرائيل الآن مرحلة العقاب عن بعد.
بدأت هذه المرحلة باغتيال القائد الإيراني 
البارز رضي الموسوي على الأراضي السورية، بعد الاغتيال قالت وزارة الدفاع الإيرانية، إن ردها سيكون "ذكيا وقويا".
التحرش الإسرائيلي في اللعب مع إيران عن بعد دفع المتحدث الرسمي باسم الحرس الثوري إلى تصريح متهور حيث قال بوضوح أن عملية طوفان الأقصى التي تنفذها حماس منذ السابع من أكتوبر هي واحدة من ردود إيران على اغتيال الجنرال قاسم سليماني، تم نفي هذا التصريح لاحقا ولكن بعد فوات الأوان وحصول إسرائيل على إعتراف مفاده أن حرب غزة هي حرب بالوكالة.
عملية اغتيال رضي الموسوي، الذي كان رفيقا مقربا من الجنرال قاسم سليماني، الرئيس السابق لفيلق القدس الإيراني أشارت إلى أن بنك معلومات الموساد متخم بالمستهدفين للاغتيال.
لم تمر أيام بعد عملية سوريا / الموسوي حتى نفذت إسرائيل عملية لبنان / العاروري وهنا نتوقف عند أكثر من رسالة أرادت إسرائيل توصيلها من خلال إغتيال الشيخ صالح العاروري في جنوب لبنان بالتحديد، الرسالة الأهم هي لحزب الله في لبنان مفادها أن اليد الغشيمة لإسرائيل طالت المعقل والحصن الرئيسي لحزب الله المعروف بعلاقته الوطيدة مع إيران، مما يمكن اعتباره صفعة مزدوجة تخلصت من العاروري مهندس العلاقات بين حماس وإيران وفي ذات الوقت وجهت انذارها لحزب الله داخل بيته.
العاروري لم يكن مجرد واحد من قادة حماس ولكنه لا يقل وزنا عن محمد الضيف والسنوار اللذان صنعا 7 أكتوبر بدقة متناهية، لذلك ارتبكت المواقف وردود الفعل في الأوساط الفلسطينية بعد إغتيال العاروري، شاهدنا السلطة الفلسطينية تتعامل مع اغتياله باعتباره واحد من قادة الصف الأول في القضية الفلسطينية بشكل عام بينما كانت تعتبره فيما مضى مثيرا للقلاقل ويريد إشعال الموقف في الضفة الغربية التي يتمتع فيها بشعبية ونفوذ لكون مسقط رأسه هي قرية عارورة في رام الله. 
وبالتفصيل في هذه النقطة نشير إلى أحد اللقاءات الصحفية للرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قال منتقدا الشيخ صالح «صالح العاروري، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خرج من السجون الإسرائيلية بصفقة بين الجانبين، وسافر إلى تركيا واعترف بوضوح: نحن الذين خطفنا الإسرائيليين وقتلناهم لنجر الضفة الغربية إلى انتفاضة وحرب، لكنه لم ينجح».
عملية خطف المستوطنين الثلاثة هي التي فتحت على الشيخ صالح نيران جهنم، عندما خرج حينها ليعلن مسؤوليته عن العملية، ووصفها بأنها «عمل بطولي» بدأت ملاحقته دوليا وصار الحصول على رأسه ثمنه 5 مليون دولار، كان ذلك في 
10 سبتمبر 2015، عندما صنَّفت وزارة الخزانة الأمريكية العاروري بشكل خاص كإرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي 13224 بصيغته المعدلة. ونتيجة لهذا التصنيف تم حظر جميع ممتلكات العاروري، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأمريكية، وتم منع الأمريكيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع العاروري.
إذن الصراع قديم وومتفجر ولم يهدأ لحظة بين جبهات إسرائيل وإيران وحماس، وما كان انفجار شقة العاروري في جنوب لبنان إلا سطر واحد من أسطر المواجهة المتواصلة.
مرحلة إسرائيل الجديدة في هذه الحرب العبثية وحسب تصريحات رفيعة المستوى في إسرائيل تؤكد أن الحرب تدور على جبهات مختلفة سوريا / الموسوي ولبنان / العاروري واليمن / الحوثي وقد شهدنا قبل أيام ضرب ثلاثة زوارق يمنية راح ضحيتها عشرة من الحوثيين، فهل بعد كل هذا التمدد في الاشتباكات يمكن وقف الحرب وحقن الدماء وإنقاذ شعب غزة وإفشال مخطط التهجير، اللعبة بكل خيوطها لعبة جهنمية تحتاج إبداعا عربيا مختلفا عن السائد، وقد اجتهدت مصر في طرح أفكارها خاصة مقاربة المراحل الثلاثة، فما الذي يعيق تنفيذ تلك المقاربة التي تحظى بقبول دولي؟ الذي يعطل تنفيذ الأفكار المصرية هو اختلاف القراءات العربية والإقليمية بل والفلسطينية لمعنى الحرب وإصرار بعض الأطراف على التشبث بمواقعها دون النظر إلى طابور الشهداء تجاوز العشرين ألفا ولا إلى المصابين الذي تجاوز عداد الإحصاء لهم رقم الستين ألفا.