رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنامل ذهبية.. شاب من "ضعاف البصر" ينحت مجسمات من الطين الأسواني لمساعدة المكفوفين

محمد نحات من ضعاف
محمد نحات من ضعاف البصر

بدقة وإتقان وأنامل تتحرك بسلاسة على قطعة الطين لتعبر عن ما يدور برأسه، جلس “محمد” يُعلم الطلاب المبصرين كيفية النحت على الطين، ورغم إنه من ضعاف البصر إلا أنه بلغ من الإتقان والإبداع ما يجعله ينتج قطع نحتية متميزة يشارك بها في العديد من المعارض ويساعد أقرانه من ضعاف البصر والمكفوفين في تعلم هواية جديدة أو نحت أشكال  تكون وسيلة محسوسة تساعدهم في التعلم والتعرف على العالم من حولهم.

يقول محمد السويسي من الإسكندرية، ليسانس حقوق، صاحب إعاقة بصرية "ضعيف بصر" منذ ولادته، وأنه بدأ اكتشاف هوايته من المدرسة، حيث كان أحد طلاب مدرسة النور للمكفوفين بالإسكندرية، ورأى فيه معلمي التربية الفنية الموهبة فشجعوه على تنميتها وتوفير له الخامات والأدوات الخاصة بالنحت، ومساعدته الالتحاق بالعديد من المسابقات ليحقق مراكز متقدمة حتى الوصول إلى مسابقة "تحيا مصر فوق الجميع" التابعة لوزارة التربية والتعليم والحصول على المركز الأول على مستوى العالم العربي.

ابتكار نماذج تعليمية للمكفوفين 

وأضاف لـ"الدستور"، أن حصوله على المركز الأول مستوى العالم العربي، كان لابتكار نماذج تعليمية للمكفوفين والتي تضمنت تحويل أوراق البرايل لنماذج تعليمية لتوصيل الفكرة للكفيف  بداخل المناهج الدراسي، مثل تنفيذ نماذج لمسجد، الكنيسة، قلعة، مسلة، الاهرامات وغيرها، موضحًا أن الدراسة الشفهية للكفيف يعتمد فيها على التخيل، وهي مرحلة صعبة على الكفيف، الذي يكون لم يرى مثل هذه الأشياء من قبل لذلك ساعدت فكرة المجسمات في توصيل المعلومة بنسبة 65٪ للكفيف.

وأوضح أنه استخدم الطين الأسواني لتحديد المجسم، ومن خلال حاسة اللمس عند الكفيف يستطيع التخيل ومع المواصفات المذكورة في المنهج التعليمي ليتعرف على تفاصيل النموذج وما يشير إليه لتصل الفكرة ويفهمها وتجتمع لديه في مخيلته، لافتًا إلى أن الكفيف لم يرى كافة الاشياء لذا عن طريق النماذج المنحوتة تصل إليه الفكرة والشكل.

وأضاف أنه مستمر بعد الدراسة في المشاركة في النحت، حيث شارك في معرض بدار الأوبرا المصرية، وكان هناك ترحيب بالفكرة، وقدم بقاعة العرض 50 قطعة متنوعة من  منحوتات الطين الأسواني، ولوح بطريقة برايل، وصور أثناء العمل، وحقق نجاح كبير.

وتابع أنه يقدم ورش عمل من خلال المدرسة ووحدة مكتبة طه حسين للمكفوفين وضعاف البصر بمكتبة الإسكندرية، لتعليم المبصرين والمكفوفين النحت بالطين الاسواني واستخدام أدوات "الدفرا" والماء في صناعة مجسمات تستطيع أن تساعد المكفوفين في دراستهم وتعرفهم على الأشياء واشكالها، مشيرًا إلى أنه يشارك كل عام في اليوم العالمي للغة برايل بمكتبة الإسكندرية.

 

مواجهة التحديات بالموهبة 

وأشار إلى أنه مؤمن بأنه متحدي إعاقة وليس كفيف بصر، لذا يجب علينا مواجهة العقبات وتحديات الحياة، والعمل على تخطيها، لذا يسخر هوايته وفن النحت ليكون عمل تطوعي لتوصيل المعلومة للكفيف، مشيرًا إلى أنه تعرض للعديد من الانتقادات وتحطيم همته ولكنه لم يلتفت لذلك لانه كان مؤمن بموهبته واختلافه فكل متحدي إعاقة هو مختلف ولكن للأفضل، والإيمان بذلك هو من يجعلنا أقوى مستمرين في الحياه لنصل لتحقيق أحلامنا بالإرادة.

وأكد أنه بعد انتهاء دراسته ألتحق بالعمل بمؤهله الدراسي في أحد الشركات بنسبة 5٪، وهو شيئ يشكر عليه الدولة ووزارة التضامن في التيسير على أصحاب الإعاقة ودمجهم في العمل، متمنيًا استمرار الدعم وتطويره ليصل لجميع متحدي الإعاقة باختلاف إعاقتهم وتنمية مواهبهم التي يتمتعون بها.