رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحديات مصرية صعبة.. ومواجهات واجبة

تدخل مصر عام 2024 وهي تواجه تحديات متعددة ومتنوعة، من حروب على الحدود الثلاثة، وصولًا إلى إعلان فشل مفاوضات سد النهضة، وليس انتهاء بموجات ارتفاع الأسعار المتوالية التي تعصف بالسوق الداخلية، مما ينعكس على أمن المواطن ويجعل أمان المجتمع في خطر حقيقي.
وفي ظل هذه التحديات التي لم تتردد الدولة في مواجهتها بكل ما امتلكت من أدوات، كانت الدولة المصرية حريصة على الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في موعده لتصبح فترة السنوات الست القادمات هي الفترة الأصعب في ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ولأن ما نواجهه من تحديات لم يكن للدولة المصرية يد في اختيارها، نجد أنه من العملي، بل ومن الواجب الوطني أن نشهد حراكًا شعبيًا على قدر تلك المواجهات، هذا الحراك يبدأ دائمًا من ارتقاء الوعي الذي يفرض تحمل المسئولية وابتكار الحلول الإبداعية للوصول بالمراكب المصرية إلى شاطئ الأمان.
التحديات التي تداهمنا من كل اتجاه يصل بعضها إلى ما يمكن وصفه بالتحديات الوجودية، بمعنى أنه عند مواجهتها لا يمكن السماح لكتائب الإحباط السامة أن تتحرك من مراقدها، تلك التحديات تم فرضها علينا فرضًا، وعلى سبيل المثال حرب غزة وشبح سيناريو التهجير وإغراق سيناء ب النازحين وما يتبع ذلك من فوضى ومن التزامات ومن ارتباك للجبهة الداخلية المصرية، ويمكن القول بعبارة أخرى أن الخصم التاريخي لمصر يحاول  الحصول على مكاسب فشل مرارًا وتكرارًا من الحصول عليها بالحرب، حيث تلقى في أكتوبر 1973 درسًا بليغًا، تأكد من خلاله أن الشعب المصري لا يقبل إلا بالسيادة الكاملة، ولا يرضيه إلا الانتصار الواضح، لأنه شعب يحمل على كتفيه الحق الواضح.
الحروب التي تحيط بنا، وبالرغم من أن أطرافها صناعة محلية، كما في السودان مثلًا في حرب الدعم السريع السوداني مع الجيش السوداني، إلا أنه لا يمكن إغماض العين عن صمت المجتمع الدولي في هذه الأزمة، وهو ما اعتبره مباركة منهم لاستمرار الصراع، فكلما تدفق النازحون السودانيون باتجاه مصر كلما اطمأن خصومنا في عواصم مختلفة، لأن صداعًا أصاب وما زال يصيب الرأس المصرية كي تتعطل أية مشروعات إنتاجية من شأنها خروجنا من الدوائر المغلقة التي طالما يريدوننا محبوسين بداخلها.
نقول كما قال الشاعر الراحل أمل دنقل في لحظة الحداد المصرية عند وفاة زعيمها التاريخي جمال عبدالناصر عندما انهمرت الدموع وغرقت بها شوارع مصر، قال دنقل "لا وقت للبكاء" والمثل مع الفارق، عندما تحاصرنا الأزمات والتحديات لا يجب أن نتوقف عند اللطميات كواحد من أشكال المواجهة، ولكن ينبغي أن نفتح عيوننا باتساع الكون حتى نفهم ما يحيط بنا وبمستقبل بلادنا، إلى أين يتجه مصير أولادنا، وإذا فهمنا أن ما يدور حولنا بقدر ما هو يعمل على إضعاف الضعيف، إلا أنه في الأخير يستهدف التفاحة الناضجة وهي القاهرة التي تحمل في داخلها أحلام الاستقلال الكامل والتنمية الشاملة.
إذا فهمنا ما يدور حولنا يرتقي الوعي ويضع المسئولية على عاتق الجميع الرئاسة والحكومة في المقدمة، ولكن يصبح الأمر أكثر عافية إذا ما تحقق لدينا اتجاه عام قادر على أن يضع قدمه في مكانها الصحيح على الطريق الصحيح، وهنا يأتي دور النخبة السياسية والأحزاب صاحبة البرامج الحقيقية والمشهود لها عبر تاريخها بوطنيتها الصادقة، لا أراهن على أحزاب شكليه جاءت إلى الحياة السياسية في غفلة من الزمن ولكنني أراهن على أحزاب تمتلك الوعي ومدعومة في ذات الوقت بقواعدها التنظيمية وكوادرها في المدن والريف، أقول جاء الوقت كى نشهد حراكًا حقيقيًا يدافع عن حدود مصر الأربعة، ويرسم المستقبل للأجيال القادمة.