رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية 3 سنوات عاشها محمد التابعي مجهولا في بلاط صاحبة الجلالة

محمد التابعي
محمد التابعي

"كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط على الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار" هكذا قال الكاتب مصطفى أمين عن الصحفي الراحل محمد التابعي، الذي تمر اليوم ذكراه الـ47، إذ رحل عن عالمنا في 24 ديسمبر لعام 1976.

ألقاب عديدة اشتهر بها محمد التابعي ومن أشهرها أمير الصحافة، لما أحدثته كتاباته في إحداث ضجة كبيرة في بلاط صاحبة الجلالة، فضلا عن تأسيس مجلة "آخر ساعة"، وبدايته بكتابة مقالات فنية في جريدة الأهرام عام 1924، وأخرى سياسية كان لها تأثير كبير على زياردة توزيعات المجلات كـ"روز اليوسف" حتى أصبح ثمنها قرش صاغ بدلا من خمسة مليمات مصرية.

سر لقب محمد التابعي بـ"حندس"

من بين ألقاب التابعي أيضا كان "حندس"؛ وكشف كتاب "مسائل شخصية" لمصطفى امين حكاية هذا اللقب؛ فرغم وظيفة محمد التابعي بمجلس النواب، فلم يكتف بها وخطر بباله أن يصبح ناقدا مسرحيا لـ"الأهرام" وكتب ينقد إحدى المسرحيات وذهب بها إلى داود بركات رئيس التحرير حينها، وفوجئ في صباح اليوم التالي بنشر المقال في الصفحة الأولى، وكانت هذه أول مرة في تاريخ الصحافة المصرية أن ينشر مقال نقد مسرحي في الصفحة الأولى.

وأوضح الكتاب أن التابعي لم يجرؤ أن يوقع المقال باسمه الصريح خشية على وظيفته في مجلس النواب، إذ لا يليق بالبرلمان الوقور أن يكون أحد موظفيه ناقدا مسرحيا ينقد الروايات الكوميدية والدرامية، ولهذا وقع المقال باسم "حندس" وهو الاسم الذي كان يدلله به أصدقاؤه وزملاؤه، وفي يوم وليلة أصبح "حندس" ناقدا مشهورا، وأطلق عليه الفنان يوسف وهبي: الكاتب الذي يسقيني السم في برشامة.

التابعي و"روز اليوسف"

كان التابعي معجبا بتمثيل السيدة روز اليوسف الممثلة الأولى في روايات يوسف وهبي على مسرح رمسيس، وكان يثني عليها في كل مقال، ويسخر من يوسف وهبي في كل نقد، وهكذا بدأت الصداقة الوطيدة بين روز اليوسف ومحمد التابعي.

وعندما أصدرت روز اليوسف مجلتها في عام 1925 عرضت على التابعي أن يعمل معها فتردد وقال إنه لا يصلح إلا للكتابة في الصحف اليومية، وعندما عرف أن زملاؤه في الكتابة في المجلة هم عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني ومحمد لطفي جمعة وإبراهيم رمزي ذعر وأصر على أن لا مكان له بين هؤلاء العمالقة.. وبعد إلحاح قبل أن يكتب صفحة مسرحية واحدة، وصدرت المجلة وفشلت.. وهوى توزيعها.

وبعد أسابيع قليلة تخلص التابعي من العقاد والمازني ولطفي جمعة وإبراهيم رمزي وأصبح يكتب المجلة من الغلاف للغلاف، وارتفع توزيع المجلة، وأصبحت مجلة خفيفة الدم، واستطاعت أن تشق طريقها بين المجلات الأسبوعية في البلاد.

وأصبح التابعي رئيس التحرير الحقيقي ولكنه لم يجرؤ أن يعلن اسمه في المجلة حتى لا يفقد وظيفته في مجلس النواب، واتفقت السيدة روز اليوسف مع صديق لها يعمل كاتب حسابات في جريدة البلاغ أن يكون الرئيس التحرير الصوري للمجلة ويختفي خلفه التابعي، وعاش التابعي مجهولا مغمورا ثلاث سنوات بينما كانت مقالاته الساخرة متعة القراء.