رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المفتي: تجديد الخطاب الديني مقصد شرعي أصيل وليس دعوات حداثة

د. شوقي علام
د. شوقي علام

أشاد  الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- بالإقبال الكثيف للمصريين الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة؛ مشيرًا إلى أن الشعب المصري أبدى وعيًا عميقًا وحكمة بالغة بمشاركته الواسعة والملتزمة في هذه العملية الديمقراطية المهمة. 


وأضاف أن مصر قد ولدت من جديد بفضل هذا الوعي؛ فقد أثبت الشعب المصري للعالم بقرار التصويت واختياره للرئيس عبد الفتاح السيسي رغم التحديات الاقتصادية التي فرضتها الأزمات العالمية؛ أنه شعب واعٍ وحكيم، وأنه شعب لا يتأثر بالدعايات المضللة والمؤامرات التي تحاك ضدَّه وضد الدولة المصرية، بل يؤمن إيمانًا راسخًا بضرورة الحفاظ على وحدة الصف وتحدي كل من يريد زعزعة استقرار البلاد وتقويض أمنها. 

وأشار فضيلة مفتي الجمهورية إلى أن الشعب المصري يثبت في كل مراحل تاريخه أنه شعب حضاري، وأنه شعب مؤمن يدرك واجباته الوطنية، وأنه شعب قد أثبت في كل المواقف وفي كل التحديات مدى حبه لوطنه مصر، ومدى استعداده للبذل والتضحية من أجلها. 

واعتبر فضيلة المفتي أن هذه المشاركة الراقية هي تأييد ودعم مطلق للجمهورية الجديدة؛ جمهورية المواطنة، القائمة على العلم والوعي الرشيد. 

وفي رده على سؤال عن العقبات التي تواجه تجديد الخطاب الديني باعتباره ملمحًا ضروريًّا من المواطنة والجمهورية الجديدة، أشاد فضيلته بالجهود المبذولة في هذا الإطار من جميع مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن أعداء الوطن دائمًا ما يقللون من جميع الجهود المبذولة في أي مجال من المجالات سواء دينية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية. 

وقال فضيلة مفتي الجمهورية: إننا رأينا دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الديني على أنها تكليف لنا كسائر المؤسسات الدينية الرسمية، وقد لبَّت دار الإفتاء دعوته، فهي دعوة منطلقة من الحفاظ على الثوابت لمعالجة قضايانا المعاصرة في ضوء فهم سديد للنصوص الشرعية، مشيرًا إلى أن التجديد مقصدٌ شرعي أصيل، وليست دعوات حادثة؛ فقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك التجديد وظيفةٌ دينيةٌ شرعية تكفَّل سبحانه وتعالى بتقييد مَن يقوم بها على الدوام، فقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة مَن يجدد لها أمر دينها”. 

وشدَّد مفتي الجمهورية على أن الخطاب الديني بات في حاجة ماسة إلى التجديد، وبخاصة في القضايا والموضوعات التي هي بمثابة قاسم مشترك بين شعوب الأرض قاطبة، مثل الرحمة والدعوة إلى مكارم الأخلاق، والمساهمة في سعادة إنسان العصر، وكذلك مواجهة الكوارث التي أنتجها الخطاب الديني المتطرف. 

وأكد فضيلته أن تراثنا الإسلامي في المقام الأول هو مجموعة القيم الإنسانية والحضارية التي انبثقت أنوارها من القرآن الكريم والسنَّة المطهرة، بل المتتبِع لمنهج الفقهاء يلحظ الاهتمام البالغ بالرحمة حتى بالحيوان، فنجدهم أجازوا الوقف على الحيوانات الضالة التي لا مأوى لها كالكلاب والقطط؛ من أجل رعايتها وتطبيبها وتقديم الطعام إليها. 

وأوضح فضيلة المفتي أن مسئولية الفرد تجاه وطنه لا تقتصر على مجرد وضع ورقة في صندوق الانتخابات لاختيار الأفضل، بل عليه العمل والجد والمثابرة لتحقيق رفعة الوطن، فمسئولية الفرد هي مسئولية فردية، وهي أساس للمسئولية الجماعية، مشيرًا إلى أنَّ حديث السفينة فيه تأسيس لمبدأ الضبط الاجتماعي؛ لأنه إذا غاب تحوَّل المجتمع إلى العشوائية والتخبُّط، وهو يرسِّخ كذلك مبدأ المسئولية المشتركة عند الفرد في شتَّى شئونه ومراحله، بما يُعْلي من قيمة المسئولية الفردية، ويؤكِّد أنها أساس للمسئولية الجماعية، ويدل على ضرورة قيام كل فرد بدَوره على أكمل وجه من عمل واجتهاد لرفعة الوطن.