رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لبنانى بـ10 أمريكيين!

قبل يوم واحد من احتفاله بعيد ميلاده الثانى والخمسين، وصل إلى العاصمة الفنزويلية كاراكاس، رجل الأعمال الكولومبى الأمريكى الفنزويلى، اللبنانى الأصل، أليكس صعب، الذى كان مسجونًا فى الولايات المتحدة، على ذمة قائمة طويلة من الاتهامات، تصل عقوبتها، حال إدانته، إلى السجن لمدة ١٦٠ سنة، من بينها التخابر، غسل ٣٥٠ مليون دولار، وتنفيذ عمليات مراقبة، لحساب «حزب الله» اللبنانى، وتحقيق أرباح تتجاوز مليار دولار من صفقات انتهكت العقوبات الأمريكية المفروضة على فنزويلا.

فى المقابل، وبموجب صفقة لتبادل السجناء، جرت الأربعاء الماضى، أفرجت السلطات الفنزويلية عن ١٠ سجناء أمريكيين، ومعهم، أو «فوق البيعة»، تسلمت الولايات المتحدة، أيضًا، ليونارد جلين فرانسيس، المعروف باسم «فات ليونارد»، المالك الماليزى لشركة خدمات سفن فى جنوب شرق آسيا، والمتهم الرئيسى فى فضيحة رشوة البحرية الأمريكى، إحدى أكبر قضايا الفساد فى تاريخ البنتاجون، والذى استطاع الهروب من الإقامة الجبرية بولاية كاليفورنيا، فى سبتمبر ٢٠٢٢، بعد أن قطع سواره الإلكترونى. 

فى مدينة بارانكيا، بارانكويلا أو بارانكيليا، الكولومبية، التى تدور فيها أحداث رواية جابريل جارسيا ماركيز الشهيرة «أحداث موت معلن»، وُلد «صعب»، فى ٢١ ديسمبر ١٩٧١، لأب لبنانى وأم فلسطينية اختارا له اسم «على»، قبل أن يقرر وهو فى الثامنة عشرة تغيير اسمه إلى «أليكس». ومن مصنع ملابس ورثه عن والده، توسعت أعماله وامتدت إلى فنزويلا الدولة الجارة لكولومبيا، و... و... وفى كتاب أصدره عنه، أكد خيراردو رييس أن «صعب» قام بمهام لم يقم بها أى وزير فى حكومة مادورو: «إذا نقص الحليب فى فنزويلا، يتصلون بصعب، وإذا لم يكن هناك وقود، يستدعونه لتسوية الأمر».

دخل «صعب» الولايات المتحدة، سنة ٢٠٠٠، بصورة قانونية، مستخدمًا جواز سفره اللبنانى، وتقدم سنة ٢٠٠٥ بطلب الحصول على الجنسية الأمريكية، التى حصل عليها سنة ٢٠٠٨. ومع ذلك، زعمت وزارة العدل الأمريكية أنه بدأ العمل مع «حزب الله» اللبنانى، الموالى لإيران، سنة ١٩٩٦، وظل عضوًا فى «منظمة الأمن الخارجى» التابعة للحزب، بعد انتقاله للولايات المتحدة، وتلقى تدريبًا على استخدام المتفجرات، فى لبنان، بين ٢٠٠٤ و٢٠٠٥. والطريف، هو أن الوكالة الأمريكية لمكافحة المخدرات، كانت قد أكدت أن «صعب» عمل «مخبرًا سريًا» لحسابها، سنة ٢٠١٨، وقدم «معلومات حول الرشاوى التى دفعها والجرائم التى ارتكبها»، وسلّمها أكثر من ١٢ مليون دولار، حصل عليها من نشاطات غير قانونية!

مع الجنسيات اللبنانية والكولومبية والأمريكية، حصل «صعب» على الجنسية الفنزويلية، وجواز سفر دبلوماسى، ظل يتنقل به، بين شرق العالم وغربه، إلى أن ألقت سلطات «جمهورية الرأس الأخضر»، غرب إفريقيا، القبض عليه، فى يونيو ٢٠٢٠، حين هبطت طائرته هناك للتزود بالوقود، ثم قامت، فى أكتوبر ٢٠٢٢، بتسليمه للولايات المتحدة، وهو ما رد عليه الرئيس الفنزويلى، بتعليق المحادثات مع خصومه، الذين تصفهم الولايات المتحدة بـ«المعارضين»، بهدف التوصل إلى حل للأزمة السياسية، التى تصاعدت، وتصاعد معها توتر العلاقات الأمريكية الفنزويلية، منذ أن أعلن خوان جوايدو، الرئيس السابق للجمعية الوطنية «البرلمان»، فى يناير ٢٠١٩، عن عزل مادورو، وتنصيب نفسه رئيسًا لفنزويلا!

نفى «صعب»، طبعًا، كل الاتهامات، التى وجهتها له السلطات الأمريكية. كما سبق أن أكدت زوجته كاميلا فابرى، عارضة الأزياء الإيطالية السابقة، خلال وقفة احتجاجية أمام مقر اعتقاله فى ولاية فلوريدا، أنه ليس سوى «معتقل سياسى فى قبضة الولايات المتحدة»، وقرأت بيانًا تلقته منه، يؤكد فيه أنه لم يقترف أى ذنب، ولن يتعاون مع الولايات المتحدة. ثم أشارت، لاحقًا، فى حوار تليفزيونى، إلى أن زوجها كان متوجهًا إلى إيران فى «مهمة إنسانية»، موضحة أنه كان يحمل فى حقيبته الدبلوماسية، رسالة من الرئيس مادورو إلى المرشد الأعلى الإيرانى، على خامنئى، يطلب فيها الدعم لمواجهة وباء كورونا.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الفنزويلى استقبل أليكس صعب بالقصر الرئاسى فى كاراكاس، وأعرب عن ترحيبه «بهذا الرجل الشجاع»، مؤكدًا أن «الحقيقة انتصرت» بعد ١٢٨٠ يومًا من الاحتجاز!