رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بشائر 2024.. زيادة جديدة فى الأجور والمعاشات لأكثر من 30 مليون مواطن.. وانفراج أزمة الدولار

جريدة الدستور

أيام قليلة تفصلنا عن ميلاد عام جديد، يحمل معه بشائر الخير للمصريين، ما بين مبادرات ومشروعات جديدة وأخرى سيتم استكمالها، لتحسين حياة شريحة كبيرة من المواطنين، وإعادة الحياة لمختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، والخروج من نفق الأزمة الاقتصادية التى عصفت بالعالم أجمع وتأثرت بها مصر لأسباب عديدة.

تحرير الاقتصاد من قيود الدولار بالانضمام إلى تجمع دول «بريكس»

تتجسد أولى تلك البشائر فى انضمام مصر رسميًا لتجمع دول «بريكس»، اعتبارًا من يناير ٢٠٢٤، وهو تكتل اقتصادى عالمى يضم ٥ دول، هى: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

وينتظر أن تسهم هذه الخطوة فى الترويج للإصلاحات الاقتصادية والاستثمارية التى نفذتها الدولة فى السنوات الأخيرة، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى إتاحة فرص جديدة للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، فى ظل ما تعانيه من أزمة فى رصيدها الدولارى أثرت بشكل كبير على حركة الاستيراد وأسعار السلع محليًا.

ويتوقع أن يخفف الانضمام لـ«بريكس» الضغط على الدولار، فى ظل التعامل بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء بالتكتل فى التبادل التجارى والتعاون الاقتصادى، إلى جانب تعظيم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بين هذه الدول.

وتتعاظم أهمية تحقيق هدف تخفيف الضغط على الدولار فى مصر مع تضخم الفاتورة الاستيرادية، التى تتجاوز الـ١٠٠ مليار دولار سنويًا، ويوجَّه جزء كبير منها للوفاء باحتياجات السوق المحلية من السلع الأساسية والاستراتيجية.

إعداد أول خريطة تفاعلية لتهديدات التغيرات المناخية

يحظى ملف التغيرات المناخية، وما يمثله من تهديدات عالية الخطورة باهتمام كبير من قبل الدولة، التى بدأت التحرك فى خطوات استباقية تحسبًا لتداعيات تلك التغيرات.

وتعتزم الحكومة الانتهاء من إعداد أول خريطة تفاعلية بشأن مخاطر وتهديدات آثار التغيرات المناخية على مصر، عن طريق توسيع شبكة رصد الانبعاثات الصناعية وملوثات الهواء بنحو ١٣ نقطة رصد جديدة، وتنفيذ ١٢ رحلة حقلية لرصد نوعية المياه فى البحر المتوسط والبحر الأحمر والبحيرات.

وتتضمن الجهود، كذلك، استكمال تنفيذ عدد من المشروعات الرامية للتخفيف من التأثيرات المناخية، مثل مشروعات الزراعة العضوية والتراكيب المحصولية المقاومة للإجهاد البيئى، وتأهيل وتغطية الترع، ومشروعات تحلية مياه البحر بطاقة تصل لـ١٣٠ ألف متر٣/ يوم، ومحطات المعالجة الثلاثية للصرف الصحى، وتصنيع الهيدروجين الأخضر، علاوة على مشروعات الفندق البيئى والنقل النظيف.

ويمنح ٢٠٢٤ قبلة الحياة لسوق الكربون المستهدف إطلاقها محليًا فى الربع الأول من عام ٢٠٢٤، على أثر انضمام البورصة المصرية إلى مبادرة «الاتحاد العالمى للبورصات من أجل المناخ»، التى تهدف للتعاون بين البورصات العالمية فى خفض الانبعاثات المسببة للتغيرات المناخية.

ويأتى التوجه نحو إصدار شهادات الكربون، والاستفادة من العوائد المالية الناتجة عنها، بعد الانتهاء من حصر مشروعات مؤهلة لطرح تلك الشهادات وفق معايير محلية ودولية، استعدادًا لطرحها قريبًا.

إطلاق المرحلة الثانية من المشروع القومى لـ«تطوير الريف»

يعد المشروع القومى لتطوير الريف، مبادرة «حياة كريمة»، إحدى أهم المبادرات المنتظر إطلاق مرحلتها الثانية فى العام الجديد ٢٠٢٤، وذلك على مستوى ٥٢ مركزًا و١٦٠٠ قرية؛ ليستفيد بها أكثر من ٢١ مليون نسمة.

ويتزامن إطلاق المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية مع استكمال بعض مشروعات المرحلة الأولى، بتكلفة تتراوح بين ٣٠٠ و٤٠٠ مليار جنيه، لتنفيذ حزمة من المشروعات التنموية التى تغطى مختلف قطاعات البنية الأساسية، مثل الصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحى والرى والزراعة، إلى جانب الخدمات الحكومية، وخدمات الشمول المالى.

ويتوزع أبرز مشروعات المرحلة الثانية لـ«حياة كريمة» بين إنشاء وتطوير ٦٦ مستشفى، وإنشاء وتطوير ٣٠٠٠ فصل مدرسى، وصيانة ١٣٠٣ مدارس و٤٨ معهدًا أزهريًا، وتنفيذ ٦٢٠ مشروعًا لمياه الشرب والصرف الصحى، إلى جانب تأهيل وتبطين ١٧٤٠ كم من الترع.

أما عن مشروعات المرحلة الأولى، المستهدف استكمالها خلال العام الجديد، فتشمل إنشاء ١٦٧ محطة معالجة و١٤٤١ محطة رفع، وتنفيذ ٢١.٣ ألف كم شبكات صرف صحى، بجانب إنشاء ٣٢٣ محطة تنقية مياه شرب، وتنفيذ ٨.٥ ألف كم شبكات مياه شرب، وتوفير خدمات الكهرباء لـ١٤٦٦ قرية.

وتتضمن، كذلك، تأهيل وتطوير ترع بطول ٦٣٣٠ كم ضمن المرحلتين الأولى والثانية من مشروع تأهيل وتبطين الترع، وإنشاء ٦٠٨ كبارى رى، وإنشاء وتطوير ٢٤ مستشفى مركزيًا، و١١٠٢ وحدة صحية، و٣٦٧ وحدة إسعاف.

وتتضمن «حياة كريمة»، كذلك، تنفيذ مبادرة «القرية الخضراء»، التى تستهدف تأهيل ١٩ قرية فى ٥ محافظات، وفق المعايير التى حددها «المجلس العالمى للمبانى الخضراء»، وضمن ٣ محاور رئيسية، هى: الطاقة والمياه والموارد، بما يؤهل القرية للحصول على شهادة «ترشيد» للمجتمعات الخضراء، وذلك بالتعاون بين وزارة التخطيط، وشركة «إى كونسلت»، والجمعية المصرية للأبنية الخضراء، وعدد من المحافظات المعنية، بهدف تحويل القرى الريفية إلى مجتمعات ريفية مستدامة.

تنفيذ المرحلة الثالثة من برنامج «الطروحات الحكومية»

تستمر الدولة فى تبنى الإصلاحات المكملة والمعززة لمناخ الأعمال، بما يوفر بيئة مواتية وجاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، خاصة فى القطاعات ذات الأولوية للدولة، بما يتضمنه ذلك من إصلاحات تنظيمية ومؤسسية وقانونية، تسهم فى تحقيق دعم وتمكين القطاع الخاص، مع توفير الحوافز اللازمة لتشجيع وجذب الاستثمارات، خاصة المرتبطة بتعزيز الإنتاجية والتنافسية.

وتواصل الدولة فى هذا السياق تحركاتها لدفع عجلة برنامج «الطروحات الحكومية» مع بداية العام الجديد، فى إطار تعهداتها بـ«التخارج» من عدة أنشطة اقتصادية، و«تخفيض» الاستثمارات الحكومية فى عدد آخر منها.

وتنفذ الحكومة ذلك من خلال إتاحة العديد من الحوافز والتيسيرات، بهدف تمكين القطاع الخاص، وتوفير فرص متنوعة لتواجده فى كل الأنشطة الاقتصادية، بما يساعد على رفع نسبة مساهمته الاقتصادية فى الناتج المحلى الإجمالى، والاستثمارات المنفذة والتشغيل والصادرات والإيرادات الحكومية.

وتتضمن المرحلة الثالثة من برنامج «الطروحات الحكومية» العديد من الصفقات المهمة، التى يُنتظر إتمامها خلال النصف الأول من ٢٠٢٤، وتركز بالأساس على ٦ شركات تسهم بها الدولة، وهى: محطة جبل الزيت لتوليد الكهرباء من الرياح من خلال طرح تنافسى على عدد من المستثمرين بإجمالى ٣٠٠ مليون دولار، وشركة «وطنية» للمنتجات البترولية، وشركة «دمياط لتداول الحاويات»، وشركة «بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع»، فضلًا عن طرح حصة من بنك «المصرف المتحد»، وطرح حصة إضافية من شركة «الشرقية للدخان».

وتتيح تلك الإجراءات رفع معدلات النمو الاقتصادى إلى مستويات محققة لطموحات المصريين، وذلك عن طريق رفع معدل الاستثمار إلى ما يتراوح بين ٢٥٪ و٣٠٪، بما يسهم فى زيادة معدل النمو الاقتصادى إلى ما بين ٧٪ و٩٪، وبالتالى توفير فرص عمل كفيلة بخفض معدلات البطالة.

زيادة الأجور والمعاشات فى يناير ويوليو 

يترقب أكثر من ٣٠ مليون مواطن من العاملين وأصحاب المعاشات زيادة جديدة فى الأجور والمعاشات على مدار عام ٢٠٢٤، تشمل القطاعين العام والخاص.

ويبدأ اعتبارًا من أول يناير المقبل تفعيل قرار المجلس القومى للأجور، برئاسة الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، رفع قيمة الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص من ٣٠٠٠ لـ٣٥٠٠ جنيه.

وينفذ هذا القرار على كل المؤسسات دون استثناء، على ألا تقل العلاوة الدورية السنوية عن ٣٪ من أجر الاشتراك التأمينى، لتصل إلى ٢٠٠ جنيه بدلًا من ١٠٠.

أما فيما يخص العاملين فى الحكومة، فمن المتوقع إقرار زيادة جديدة فى الأجور، اعتبارًا من يوليو المقبل.

كما ستتم زيادة الحدين الأدنى والأقصى للمعاشات، ليصبح الحد الأدنى ١٣٠٠ جنيه بدلًا من ١١٠٥، والحد الأقصى ١٠٠٨٠ بدلًا من ٨٧٢٠ جنيهًا، اعتبارًا من يناير المقبل.

خبراء: 40 مليار دولار وفرًا فى النقد الأجنبى.. وتراجع أسعار الفائدة للحد من آثار التضخم

توقّع الدكتور صلاح فهمى، الخبير الاقتصادى، حدوث انفراجة اقتصادية خلال العام المقبل، فى ظل ظهور بوادر للتخفيف من أزمة الدولار الخانقة، وذلك عن طريق عدة مصادر، أولها حالة الحراك التى يشهدها ملف «الطروحات الحكومية»، وما أسفرت عنه من إتمام العديد من الصفقات مع مستثمرين محليين وأجانب، والتقدم المحرز فى مفاوضات قرض صندوق النقد الدولى، وكذلك انضمام مصر رسميًا لتجمع دول «بريكس».

وأضاف «فهمى»، لـ«الدستور»: هذه المصادر من شأنها التخفيف من الضغط على الاحتياطى من النقد الأجنبى، وتوفير موارد إضافية لتعزيز رصيد الدولار، بما لا يقل عن ٤٠ مليار دولار، من بينها ٣٠ مليار دولار يوفرها التعامل التجارى بالعملة المحلية مع دول «بريكس»، بخلاف العائد الدولارى من صفقات «الطروحات الحكومية»، والتمويل المزمع الحصول عليه من صندوق النقد، والذى قد يصل إلى ٦ مليارات دولار.

وشدد الخبير الاقتصادى على أن الدولة ماضية فى طريقها نحو تمكين القطاع الخاص، وإفساح المجال أمام مزيد من الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية فى مختلف القطاعات، وفقًا لأولويات وثيقة «سياسات ملكية الدولة»، مع منح القطاع الخاص فرصة لقيادة اقتصاد الدولة، واستعادة مكاسب الإصلاح الاقتصادى، سواء على صعيد معدلات النمو أو الاستثمار، إلى ما كانت عليه قبل الصدمات الخارجية التى أثرت على الاقتصاد القومى بشكل كبير، مثل جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية والوضع فى غزة.

من جانبه، قال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن الاقتصاد المصرى سيبدأ فى التعافى تدريجيًا فى عام ٢٠٢٤، لتصبح الأزمة الاقتصادية أقل حدة مما هى عليه فى العام الحالى، لافتًا إلى أنه من المتوقع تثبيت أو تراجع أسعار الفائدة، بما ينعكس على تحسين مناخ الاستثمار العام وتباطؤ تدريجى فى معدلات التضخم التى بلغت ذروتها فى عام ٢٠٢٣.

وأرجع الخبير الاقتصادى التوقعات المتفائلة إلى السياسات الحكومية الرامية إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، والعمل على إنجاح برنامج الطروحات الحكومية بهدف خلق قيمة مضافة للأصول المملوكة للدولة، وهو ما تكلل مؤخرًا بصفقة ناجحة أبرمتها الحكومة مع أحد مستثمرى القطاع الخاص المحلى ما يعطى انطباعًا جيدًا عن مناخ الاستثمار والثقة فى الاقتصاد المصرى لدى المستثمرين العرب والأجانب. وشدد على أن أى تعافٍ للاقتصاد القومى مرهون بشكل كبير بانتهاء أو تراجع حدة الصراعات العسكرية فى المنطقة، وعدم حدوث تصعيد جديد قد يهدد بتداعيات سلبية أخرى على الاقتصاد المحلى والعالمى.