رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حارس «الازدهار» البحرى!

تحالف عسكرى جديد من قوات بحرية متعددة الجنسيات، أعلنت الولايات المتحدة عن إطلاقه، تحت اسم «حارس الازدهار»، لـ«ضمان حرية الملاحة فى خليج عدن والبحر الأحمر وتعزيز الأمن والرخاء الإقليميين»، بعد، أو فى مواجهة، الهجمات الصاروخية، أو بالطائرات المسيرة، التى شنّها الحوثيون، وما زالوا، من الأراضى اليمنية، على السفن الإسرائيلية، أو المتجهة إلى إسرائيل، العابرة لمضيق باب المندب. 

قيل إن هذا التحالف، ستقوده الولايات المتحدة، تحت مظلة القوات البحرية المشتركة، وقيادة فرقة العمل ١٥٣ التابعة لها، التى تركز على الأمن فى البحر الأحمر. وخلال لقائه نظيره الإسرائيلى، أمس الأول الثلاثاء، قال لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكى، إن بلاده ملتزمة بمواجهة «تلك التهديدات» التى حمّل إيران مسئوليتها، لافتًا إلى أن هذا التحالف تشارك فيه بريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا. وقبل وصوله إلى العاصمة القطرية الدوحة، زار «أوستن» البحرين، التى انضمت، أيضًا، إلى التحالف، مع أنها تستضيف مركز الأسطول الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط!.

للدخول أو الخروج من البحر الأحمر، تمر السفن من مضيق باب المندب، الذى يبلغ عرضه حوالى ٣٢ كم، وتقع إريتريا وجيبوتى على جانبه الإفريقى، واليمن، التى يسيطر عليها الحوثيون، على الجانب الآسيوى، أو شبه الجزيرة العربية. وهناك، منذ حوالى ٢٠ سنة، خمس قوات عمل، بين البحر الأحمر والخليج العربى، تشارك فيها قوات بحرية من ٣٩ دولة، وتقودها الولايات المتحدة، من مركز أسطولها فى الشرق الأوسط. ما قد يعنى أن التحالف الجديد، ربما يكون مجرد محاولة شكلية من إدارة الرئيس جو بايدن، لمواجهة ضغوط الكونجرس المتزايدة، بالرد على الحوثيين. وربما لهذا السبب، أيضًا، دعا وزير الدفاع الأمريكى مزيدًا من الدول إلى الانضمام للتحالف الجديد، خلال اجتماع افتراضى عقده، فى البحرين، مع وزراء دفاع، ورؤساء أركان، ٤٣ دولة، وممثلين للاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى!.

دخل الحوثيون على خط المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية الراهنة، بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل، ثم هددوا باستهداف السفن الإسرائيلية، أو المتجهة إلى إسرائيل، مهما كانت جنسيتها، وحذروا شركات الشحن العالمية من التعامل مع موانئ دولة الاحتلال. وقبل ساعات قليلة من إعلان أوستن عن إطلاق التحالف، استهدفت طائرات مسيرة سفينتى شحن. وذكرت «القيادة المركزية الأمريكية»، فى حسابها على شبكة «إكس»، أن السفينة «سوان أتلانتيك»، التى ترفع علم جزر كايمان تعرضت لهجوم، الإثنين الماضى، بطائرة مسيرة وصاروخ، انطلقا من منطقة يسيطر عليها الحوثيون فى اليمن. ومع ذلك، لا تزال حركة الملاحة فى قناة السويس منتظمة، إلى الآن، ولم تتأثر إلا بقدر ضئيل جدًا.

يمر حوالى ١٥٪ من حجم التجارة العالمية عبر قناة السويس، التى تعد أقصر الطرق الملاحية بين أوروبا وآسيا. غير أن الإضرابات الحالية دفعت بعض شركات الشحن إلى توجيه رحلاتها حول قارة إفريقيا، عبر طريق رأس الرجاء الصالح، ما زاد مدتها وتكاليفها، إضافة إلى ارتفاع تكلفة تأمينها، وبالتالى زيادة أسعار السلع التى تحملها هذه السفن، وتأخير وصولها، بما لا يقل عن ١٠ أيام. وعليه، ولأسباب أخرى عديدة، لم تتحول إلى هذا المسار إلا ٥٥ سفينة فقط، منذ نوفمبر الماضى إلى ١٨ ديسمبر الجارى، وهو عدد ضئيل جدًا، قياسًا بأكثر من ألفى سفينة، بالضبط ٢١٢٨، عبرت قناة السويس، خلال الفترة ذاتها.

.. وتبقى الإشارة إلى أن محمد عبدالسلام، كبير مفاوضى الحوثيين، قال لوكالة «رويترز»، أمس الأول الثلاثاء، إن الجماعة لن تغير موقفها، وأكد أن التحالف «لا داعى له أساسًا»، لأن المياه المحاذية لليمن آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية، أو المتجهة إلى إسرائيل، بسبب «الحرب العدوانية الظالمة على فلسطين والحصار على قطاع غزة». وكان «عبدالسلام»، قد أكد، الأحد الماضى، فى تصريحات لقناة «المسيرة»، الذراع الإعلامية للجماعة، أن «هناك تواصلًا مع الدول الفاعلة والمؤثرة» فى المنطقة.