رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كاميليا فاتنة وثلاثة صحفيين.. تقليب فى أوراق «حادث».. صار منجمًا صحفيًا لا ينضب

كاميليا 
كاميليا 

التاريخ ملىء بالألغاز التى لا تحلها الأيام.. بل تزيدها غموضًا وتشبيكًا.. وتتعاقب عليها الأجيال وكل جيل يضع رتوشه على الحكاية، لتتحول الواقعة إلى أسطورة يتداولها الناس ويصير أبطالها موضوعًا لقصص يصيغها الخيال الشعبى الذى يجيد الخلط بين الواقع وغيره.. وإن أردت واقعة أو حكاية كتدليل على ما سبق.. فليس هناك أفضل ولا أهم من قصة كاميليا، المرأة التى غادرت الدنيا محروقة داخل طائرة فى آخر ساعات شهر أغسطس ١٩٥٠ منتصف القرن العشرين تمامًا، وتركت الجميع فيما بقى من سنين نفس القرن والقرن الذى يليه يتساءلون عن لغز لا يتمنى الجميع حسمه حتى لا تفسد المتعة، وهو لغز مقتل كاميليا صاحبة أجمل وجه امرأة مر من أمام كاميرات السينما المصرية عبر تاريخها العريض.

لسنا هنا بصدد محاولة إثبات أى معلومة التصقت بكاميليا سواء كانت جاسوسة أو عشيقة للملك أو أى توصيف آخر يزيد الحكاية تشويقًا وإثارة تكافئ دراما حياتها من الميلاد إلى الموت.. لكننا نحاول تلمس بعض الخفايا الإنسانية عن تلك الفتاة التى شغلت العالم فى حياتها القصيرة كما شغلته بعد موتها.

وكما كانت كاميليا فى حياتها الفنية القصيرة مصدرًا صحفيًا بجمالها الأخاذ وحكاياتها المثيرة فى الأفلام وكواليسها.. تحولت بعد موتها إلى منجم صحفى هادر لا ينضب أبدًا من الحكايات والأسرار التى تتفجر بين كل ثانية والأخرى بأقلام كبار الصحفيين الذين صالوا وجالوا فى صحف الخمسينيات ومجلاتها.

من بين كل الصحفيين الذين ارتبطت أسماؤهم بكاميليا يبقى ثلاثة أسماء من كبار من امتهن تلك المهنة هم أساس لمعان قصة كاميليا، وهم بالترتيب محمد حسنين هيكل وحسن إمام عمر وأنيس منصور عبر تغطية استثنائية لحادث موتها، فى حالة الأول، أو أسرار عنها بعد وفاتها، كما فى حالة الثانى، أو ربط قدرى بين موتها وحياة الثالث على حد قوله.

محمد حسنين هيكل.. صحفى الحوادث الشاب يواصل انفراداته

عندما وقعت الطائرة ٩٠٣ نجمة الميريلاند فى آخر ساعات شهر أغسطس ١٩٥٠ كان اسم الصحفى الشاب محمد حسنين هيكل لامعًا كشمس النهار التى تشرق بعد قليل.. حيث كان بطل أغلب التغطيات الكبرى فى الصحافة المصرية منذ منتصف الأربعينيات وهو ما زال يحبو فى سنوات عمره العشرينية.. ونالت تغطياته الكبرى لأهم أحداث العالم صيتًا عاليًا فى مصر، ومن تلك الأحداث الحرب العالمية الثانية فى العلمين وحرب فلسطين ١٩٤٨ وتفشى وباء الكوليرا فى قرية القرين بالشرقية وتحقيقه البديع عن خُط الصعيد، والذى كان مصدر المعلومات الرئيسى عن ظاهرة هذا السفاح الاستثنائى فى تاريخ الإجرام.

وفى وسط كل تلك الإنجازات وقعت طائرة كاميليا التى كانت أهم حدث فى مصر حينها.. فلم يكن هناك أولى من حسنين هيكل، صحفى الحوادث وصاحب الانفرادات الهائلة، لتغطية ذلك الحدث لمؤسسة أخبار اليوم.

هيكل روى تفاصيل الحادث لحظة بلحظة فى أسلوب أدبى رفيع من أول مطار فاروق وحتى مسرح النهاية فى صحراء الدلنجات، حيث سقطت الطائرة. وكتب هيكل عنوانًا مبهرًا فى صياغته ليعبر عن مصرع كاميليا قائلًا: «نار احترقت فى نار»، ثم يسرد صحفى «أخبار اليوم» سيناريو القدر الذى جمع ضحاياه فى طائرة الموت بالنص: «بدأ القدر أول خطوة فى لوحته المروعة فى الساعة الثانية عشرة والنصف من صباح يوم الخميس آخر أيام أغسطس، وبدأ يختار أبطال لوحته فى مطار فاروق!.. كان مشهد المطار لحظتها عاديًا... وكانت الطائرة رقم ٩٠٣ نجمة ميريلاند قد هبطت أرض المطار قادمة من مومباى. ونزلت هيئة القيادة كى تترك الطائرة لهيئة قيادة جديدة تتولاها باقى الرحلة. وأمام الطائرة التقى القائدان، الذى انتهت نوبته والذى عليه الدور... وقال أولهما للثانى:

تسلم الطائرة... كل شىء فيها على ما يرام.

وصعدت هيئة القيادة الجديدة إلى الطائرة، وهكذا خطا القدر أولى خطواته. اختار الطائرة وهيئة قيادتها من الضحايا».

وأكمل هيكل بنفس أسلوبه الأدبى وصف باقى ركاب الطائرة الذين اختارهم القدر حتى وصل لكاميليا، وهذا توصيف الصحفى الشاب لما حدث:

«.. وسمع فى أرجاء المطار صوت الميكروفون يقول: ركاب الطائرة ٩٠٣ يتفضلون إلى الطائرة. وفعلًا اتجهوا إليها.. وكان هناك زحام على سلم الطائرة. وعلى أولى درجات السلم وقفت الممثلة الفاتنة كاميليا، وكان أحد موظفى الدعاية فى شركة الطيران، وهو الأستاذ حسن سمرة، قد استوقفها كى يلتقط لها أحد المصورين صورة تستغلها الشركة فى الدعاية.

وقفت كاميليا تضحك والتقطوا لها صورتين.. وصاحت ضاحكة: كمان صورة. 

وقال لها الأستاذ حسن سمرة: تكفى صورتان لأن الطائرة على وشك القيام.

وقالت كاميليا فى إصرار: يعنى هى الدنيا ح تطير؟!! 

والتقطوا لها صورة ثالثة قبل أن تطير الدنيا، وأقفلوا عليهم الباب.

صعد الركاب (٤٨ راكبًا) ثم أقفل باب الطائرة عليهم جميعًا، الأبطال الذين اختارهم القدر ووضعهم فى الطائرة، وبدأت المحركات تدور.

وانزلقت الطائرة فى مماشى المطار، وارتفعت فى الجو، ولوح بعض المودعين لأنوارها الحمراء والخضراء الطائرة مع النجوم. وكانت الساعة الواحدة والدقيقة الخامسة والثلاثين، وسمع موظف اللاسلكى فى مطار فاروق صوت قائد الطائرة يقول: أوكى.. أى أن كل شىء على ما يرام.

ومرت اثنتان وعشرون دقيقة صامتة.. وفى الساعة الواحدة والدقيقة السابعة والأربعين انبعث من جهاز اللاسلكى فى مطار فاروق صوت ضابط اللاسلكى فى الطائرة يقول: نجمة ميريلاند تنادى القاهرة. هل تسمعنى؟ وردت محطة اللاسلكى فى المطار:

نحن معك. وقال سبيلز: 

نحن الآن فى طريقنا إلى البحر.. الجو هادئ. كل شىء على ما يرام. 

فى الساعة الخامسة والنصف صباحًا كانت أول خيوط الشمس تسقط على الرمال عند حدود مديرية البحيرة مع الصحراء. عند قرية (دست) ومن مركز كوم حمادة تحرك قطار صغير تابع لشركة خطوط الدلتا، وكان القطار فى طريقه إلى المحاجر فى وادى النطرون، وشاهد ركابه حطام الطائرة فى الصحراء، فأبلغوا البوليس مؤكدين وجود جثث كثيرة فوق الرمال.

وطار الخبر إلى كل أنحاء مصر». على الرغم من تسابق صحف مصر على تغطية هذا الحادث الكبير، الذى أصبح المانشيت الرئيسى فى كل الجرائد وعلى رأسها الأهرام وجاء عنوانها الكبير «مصر تشهد مأساة مروعة فى عالم الطيران». لكن تبقى تلك التغطية الأدبية الرفيعة التى صاغها الصحفى الشاب الموهوب محمد حسنين هيكل ذات طابع خاص، ما يجعل أمر تربعه على قمة الهرم الصحفى بعد هذا الحادث بسنوات قليلة جدًا أمرًا منطقيًا تمامًا، حيث اختاره على أمين رئيسًا لتحرير مجلة آخر ساعة بعدها بسنتين فقط وسنه لم تكن سوى ٢٩ عامًا فقط.

حسن إمام عمر.. صاحب الأسرار ومالك الخفايا

حسن إمام عمر، الصحفى والناقد الفنى الكبير، كان دائمًا لديه ما يحكيه عن نجوم الفن الذين عايشهم وعرفهم عن قرب وصادق أغلبهم منذ بداية عمله فى الصحافة الفنية فى الأربعينيات، حيث عُرف عن الرجل أن بيته كان ملتقى الفنانين والصحفيين على السواء، الذين كانوا يعتبرون بيته ملاذًا آمنًا لتبادل الحكايات والتجارب بعد يوم العمل الشاق.

لذلك كله عندما يتكلم حسن إمام عمر فى قصة كاميليا، فإن كلامه يثقل بميزان مختلف عن كثيرين أدلوا بدلوهم وأضافوا رتوشًا من قبيل الفلفل والبهارات.

عمر كانت له شهادة مهمة عن حياة كاميليا ولغز موتها، حيث قال إن كاميليا هى نتيجة حمل سفاح من تاجر أقطان إيطالى مسيحى، وكان متفقًا على الزواج مع أم كاميليا إلا أنه خسر فى البورصة فهرب إلى بلده، فاضطرت أوليجا أن تنسب ابنتها إلى صديق يهودى لتصبح الطفلة ليليان كوهين.. لكنها فى حقيقة الأمر مسيحية كاثوليكية.. كما ردت شهادة إمام على الصورة الشهيرة التى نشرتها جريدة أخبار اليوم فى صفحتها الأولى لجثة مشوهة وقالت إنها لكاميليا، حيث قال إمام إن جثتها لم تتشوه ولم تنل النار منها إلا أجزاء قليلة، وبالتالى فالصورة ليست لها.

والإضافة الأخرى التى أضافها عمر وزادت قصتها مع الزمن وميضًا ولمعانًا يغرى بالبحث خلفها أن الجثة الأهم داخل الطائرة بعد كاميليا كانت لمهراجا هندى، وهو الذى كان يجلس بجانبها، والأكثر من ذلك أنه هو صاحب دعوة السفر فى الأصل، وهى دعوة نبيلة منه لأنه عرف بمرض كاميليا بالنزيف الحاد المستمر، فحجز لها هذا الصديق المهراجا لدى أحد أكبر أطباء لندن المتخصصين فى النساء وكان يصطحبها لهذا الغرض، وحسن إمام عمر يعرف ذلك بصفته صديقًا مقربًا من كاميليا مثل قربه من كثير من الفنانين والفنانات فى ذلك الوقت.

عمر أضاف أيضًا ما يلهب حكاية كاميليا أكثر هو أن سبب ذلك النزيف يعرفه جيدًا.. وهو ببساطة لتعرضها فى بداية الأربعينيات إبان الحرب العالمية الثانية لحادث اغتصاب جماعى على أيدى جنود أستراليين تابعين للاحتلال البريطانى فى أحد شوارع الإسكندرية. 

أنيس منصور.. هل كان خياله واسعًا فى حكاية التذكرة؟

أنيس منصور واحد من أهم الصحفيين فى تاريخ مصر، هى حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها، لكن هذا لا يمنع أن حكايات أنيس عن نفسه شابها الكثير من الشوائب اللامنطقية التى هزت رادار المصداقية عند البعض.. حتى كتابه الأهم «فى صالون العقاد كانت لنا حكايات» قد لاقى كثير من أجزائه تفنيدًا يشكك فى كثير مما رواه أنيس.. بحسابات الأرقام والعمر.. حيث يحكى أنيس بعض الحكايات من داخل الصالون كان سياقها الزمنى غير مناسب لوجود أنيس فيه نظرًا لصغر سنه حينها.. وهذا الأمر كتب فيه كثيرون.. لكن شبهة عدم المصداقية من الممكن أن تنسحب أيضًا على الحكاية التى حكاها أنيس عن كاميليا فى مقاله الأشهر والمنشور بعنوان «ماتت لأعيش أنا».

حكى أنيس فيه حكاية سينمائية بامتياز عن أن التذكرة التى سافرت بها كاميليا هى فى الأساس تذكرته هو، لأنه ألغى سفره فى آخر لحظة عندما كلم أمه فى التليفون فوجد صوتها متعبًا فلم يستطع أن يتحمل السفر وهى مريضة، فذهب إلى شباك تذاكر المطار لإرجاع التذكرة، وللصدفة وجد راكبة فى موقف حيرة تبحث عن تذكرة وتريد أن تسافر، فجاءت تذكرة أنيس بمثابة إنقاذ لخطة سفرها، وطبقًا لحكاية أنيس أن كاميليا حينها كانت تقف مع حسن إمام عمر صديقها المقرب.. إذن هناك شاهد لا بد أنه أكد تلك الحكاية.. لكن فى حقيقة الأمر أن حسن إمام عمر نفاها بشكل غير مباشر دون أن ينتبه كثيرون عندما قال إن المهراجا الهندى الذى كان يركب مع كاميليا هو صاحب الدعوة لها بعد أن حجز لها عند أهم أطباء إنجلترا.. إذن فالأمر مجهز ومرتب قبل السفر بما ينسف رواية أنيس منصور من جذورها.

«كانت تريد أن تعيش».. فى محبة عنوان الكواكب

كان من سوء الحظ المهنى لمجلة الكواكب أن عدد شهر سبتمبر ١٩٥٠ كان فى أيدى القراء بعد ساعات من اللحظة التى كانت تحترق فيها طائرة كاميليا فى ليلة ٣١ أغسطس فى صحراء الدلنجات على أطراف محافظة البحيرة، وبالتالى لم تغطها، واحتاجت المجلة أن يمر شهر كامل ليصدر عدد أكتوبر وتنال الكواكب نصيبها من منجم كاميليا الصحفى الذى انفتح بموتها.. والمفارقة هنا أن عدد سبتمبر لم يكن خاليًا من كاميليا تمامًا بل إنها كانت نجمة غلاف داخلى لباب دائرة معارف الكواكب، وهو من الأبواب الثابتة فى المجلة، حيث يتم الاحتفاء بصاحب الصورة، وهو ما حدث مع كاميليا بصورة جديدة لها بعدسة أشهر مصور فوتوغرافى فى تاريخ السينما المصرية حسين بكر.. وكتبت فقرة مصاحبة للصورة فى نبوءة بالعالمية للفنانة الجميلة بعد مشاركتها فى الفيلم الإنجليزى «طريق القاهرة» وأدت فيه مشاهد بالفعل، وهى النبوءة التى لم تتحقق بالطبع واحترقت مع كاميليا فى الطائرة.

مر الشهر وصدر عدد أكتوبر من الكواكب بتغطية إنسانية رائعة لحياة الفنانة الراحلة، التى احتلت صورها وأخبارها صحف ومجلات مصر والعالم طوال الشهر الفائت.. لكن مع ذلك فقد امتازت تغطية الكواكب بذائقة مختلفة إنسانيًا ومعها صور تبدو نادرة من أخص ألبوماتها، وعلى ما يبدو أن صحفى الكواكب مُجرى التحقيق قد حصل عليها من الأم المكلومة عند زيارتها فى عمارة الإيموبيليا.

أهم ما فى هذا التحقيق كان العنوان الذى حمل طابعًا إنسانيًا فائق العذوبة والجمال مع أنه لا يحمل أى تركيبات لغوية معقدة أو بيت شعر جمالى معبر مثلًا، لكنه كان عبارة عن جملة واحدة جامعة مانعة «كاميليا.. كانت تريد أن تعيش».

يبدأ محرر الكواكب، الذى لم يذكر اسمه داخل التحقيق، بوصف دقيق لحالة الحزن العميق التى خلفتها الراحلة فى نفوس أقرب الناس إليها، حيث يقول فى مقدمته مجذلًا فى الوصف «تذهب اليوم إلى بيت كاميليا الأنيق الفخم بعمارة الإيموبيليا، الذى كان يفيض بالحياة والحركة، فتجد كل شىء هادئًا، ولا تسمع إلا نحيب وعويل أمها المفجوعة وهى جالسة على نفس الكرسى الذى اعتادت الابنة الجلوس عليه فى صالون البيت وأمامها على الحائط صورة مكبرة لها مجللة بالسواد.. فإذا دخلت عليها لم تشعر بدخولك إلا بعد فترة ليست بالقصيرة وتنظر إليك وتشير إلى صورة كاميليا وتقول: بص شوف كاميليا حلوة إزاى.. خلاص راحت».

ثم يفتح تحقيق الكواكب خزائن الأسرار لكاميليا ليسرد حكايتها من المبتدأ، وتكتشف أن المذكور فى هذا التحقيق على عكس المتداول حتى الآن لحكايتها وهى طفلة، وكلها سرديات تؤكد على أنها كانت فتاة فقيرة فقرًا مدقعًا، وعندما رآها المخرج أحمد سالم كانت ترتدى فستانًا مرقعًا إمعانًا فى تصدير تلك الصورة.. لكن تحقيق الكواكب المصور «الطازج» ينسف تلك الأكاذيب التى تكونت عبر السنين برمتها، وينشر صورًا نادرة لها فى الروضة، حيث ألحقتها والدتها بمدرسة الراهبات بشارع السبع بنات، ثم صورة أخرى لها بعد أن شبت عن الطوق بزى أرقى مدرسة فى الإسكندرية فى الثلاثينيات وهى مدرسة «إنجليش جيرل كوليدج» وهى المدرسة التى وجهتها إليها الأم «أوليجا» صاحبة الأملاك، كما تقول الكواكب، حيث إنها ورثت عن أمها «جدة كاميليا» عزبة وبيتًا فى قبرص يوفران لها ولابنتها ليليان «بحبوحة» من العيش، على حد قول المحرر، وكادتا أن تستقرا فى قبرص سنة ١٩٤٦ لكن الحنين والحب للإسكندرية جرفهما للعودة إليها، وصارت الأم أوليجا تتنقل بين الإسكندرية وقبرص لترعى أملاكها هناك.. وبعد دخول ابنتها عالم السينما تبدلت الإسكندرية بالقاهرة.

حتى مقابلة أحمد سالم لها لم تكن بالدرامية التى ادعاها البعض فى روايته للحكاية من أنه رأى بنتًا فقيرة مقطعة الثياب وأعجب بجمالها وعرض عليها العمل بالسينما، وكل هذا صحيح لو طابقناه بتحقيق الكواكب ما عدا الجزء الأول المتعلق بالفقر، لأن أحمد سالم رأى كاميليا وأعجب بجمالها وعرض عليها العمل بالسينما فعلًا.. لكن فى ميدان سباق الخيل وهى رياضة الأكابر فى الأربعينيات ووسيلة ترفيه لهم.

واستكمل محرر الكواكب سرده الإنسانى لحياة كاميليا، والتى كانت جملتها الأثيرة وفقًا لحكاية أمها عندما تعارضها فى شىء له علاقة بالسهر والتهور فى تعاطى الحياة، حيث تقول لها: «أريد أن أعيش»، وهو التعبير الذى استقى منه محرر الكواكب عنوانه الجميل «كاميليا.. كانت تريد أن تعيش».