رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء فلسطينيون: الاحتلال يصر على إزاحة السكان تجاه الحدود المصرية

غزة
غزة

قال خبراء وسياسيون فلسطينيون إن مصر تواصل التصدى لمحاولات الاحتلال الإسرائيلى لتنفيذ مخططات تهجير سكان قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية، فى ظل الدعم الأمريكى المستمر للاحتلال، سواء داخل مجلس الأمن أو من خلال تقديم الأسلحة بشكل مستمر ومكثف.

وأوضح الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس عضو حركة فتح، أن الاحتلال الإسرائيلى يصر على إزاحة كتلة سكانية كبيرة تجاه الحدود المصرية، وما يحدث فى خان يونس يؤكد ذلك، ووصل عدد من لجأوا إلى رفح حتى هذه اللحظة لنحو مليون ومائتى ألف شخص، فى حين أن الطاقة الاستيعابية لرفح تصل لمائتى ألف فقط.

وأضاف «الرقب»، لـ«الدستور»: «هذا يعنى بشكل منطقى أن الاحتلال يريد أن يحقق ما قاله فى اليوم الأول، وإزاحة عدد كبير جدًا من سكان قطاع غزة تجاه مصر، وهذا ضرب للقضية الفلسطينية وإنهاء المشروع الوطنى».

وتابع: «مصر حذرت من التهجير، ووفقًا لتقرير نشره موقع أكسيوس الأمريكى، فإن القيادة المصرية أبلغت الأمريكيين بأنه إذا حدثت إزاحة من غزة إلى سيناء، أو إلى مصر عمومًا، فهذا سيهدد العلاقة بين القاهرة وتل أبيب، أى اتفاق كامب ديفيد، والرئيس عبدالفتاح السيسى قال ذلك فى بداية الأزمة».

وذكر أن «الشعب الفلسطينى فى غزة مُصر على أن يبقى فى أرضه، رغم الألم والجوع والفقر.. هناك ناس يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ويقضى الفلسطينى حاجته بالحفر، لأنه لا توجد حمامات فى هذه الأماكن المكتظة بالسكان، وهناك الآلاف يقيمون فى الشوارع والطرقات، وكل ذلك بالتأكيد شىء صعب».

وشدد على أن «الاحتلال مُصر على تنفيذ خطته التى بدأها بعملية القهر وما رأيناه بالشمال، وتجريد المواطنين بحجة أنهم مقاتلون، ولكن هم فقط مواطنون عاديون، وكل ذلك هدفه إذلال الشعب الفلسطينى».

وأكد: «ليس أمام الفلسطينيين إلا الصمود، فى ظل عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار لوقف إطلاق النار، والدول العربية عاجزة عن الضغط على الاحتلال لوقف إطلاق النار وإزاحة هذه الكتلة السكانية باتجاه مصر، ما يعنى تحمل مصر عبئًا كبيرًا جدًا».

من جهته، قال السفير محمد عريقات، رئيس المجلس الأعلى للشباب الفلسطينى، إن «ما يتعرض له الشعب الفلسطينى حرب إبادة جماعية لسكان قطاع غزة، وللأسف برعاية دولية وغطاء أمريكى، فالفيتو الأمريكى يرفض الهدنة الإنسانية، وجاء الرفض بعد لقاء وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن المجموعة العربية الإسلامية».

وأضاف «عريقات»: «إسرائيل لن تتوقف عن حرب الإبادة إلا بعد الانتهاء من كذبها ومزاعمها حول القضاء على حماس، لكن شعبنا هو من يدفع الثمن».

وأكد: «يجب على الدول العربية دون استثناء الوقوف بقوة وأخذ قرار قوى وموحد من أجل إيقاف هذه الحرب، ونقول للعرب جميعًا إن شعب فلسطين لا يحتاج فقط غذاءً ووقودًا.. هم أرواح ولهم الحق بالعيش، وتركيزكم على الغذاء والماء أصبح لا يجدى نفعًا.. نريد وقفًا للحرب».

وحول موقف مصر من التهجير، ذكر أن القاهرة هى الحاضن الأساسى والرئيسى للقضية الفلسطينية، وصاحبة قرار سيادى، ولها الحق بالرفض، موضحًا: «أريد أن أقول بصدق إن شعبنا الفلسطينى هو الرافض الرئيسى للتهجير، لأنه لن يكون لاجئًا مرة أخرى، فنحن متمسكون بأرضنا حتى آخر قطرة دماء تسيل منا، ونطالب الشقيقة مصر بمواصلة دعم أهلنا بقطاع غزة وتسهيل حركة معبر رفح، الذى يعد المنفذ الرئيسى لنا». وقالت نور عودة، الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية، إن «موقف مصر تجاه رفض تهجير سكان قطاع غزة أو أى مناطق فلسطينية أخرى، موقف مهم جدًا؛ فقد أسهم فى إجهاض هذا المخطط فى بداية العدوان الإسرائيلى على القطاع فى أكتوبر الماضى».

وأوضحت «عودة»: «الخطر ما زال قائمًا، وهناك إمكانية لتنفيذ المخطط بالرغم من الموقف المصرى الرافض، إذ تستخدم إسرائيل أسلحة الجوع والقتل والتدمير كسبيل للتهجير، ووقف العدوان أفضل وسيلة للحماية من خطر التهجير». وحول استخدام واشنطن حق الفيتو خلال جلسة مجلس الأمن، يوم الجمعة الماضى، ضد قرار وقف إطلاق النار، قالت: «بعد استخدام واشنطن الفيتو أصبحنا أمام خيار واضح، وهو اعتبار واشنطن طرفًا فى الحرب، والحديث بلغة المصالح لا يكفى، لأن واشنطن تقول إنها تريد الاستمرار فى المشاركة الفعلية فى العدوان فى غزة، وهذا أمر مرفوض تمامًا، وسيؤثر على مصالح وعلاقات ومكانة واشنطن بين الحكومات والشعوب، ولا بد من التحرك لفرض عقوبات مالية وسياسية واقتصادية على إسرائيل».

وتابعت: «يصعب معرفة متى تنتهى إسرائيل من المعارك فى خان يونس، جنوب قطاع غزة، لأن إسرائيل تعتبر يدها مطلقة، والحديث الأمريكى عن سقف زمنى للعملية العسكرية الإسرائيلية هو حديث واستهلاك إعلامى لا غير، لا سيما وقد خرج علينا مستشار الأمن القومى الإسرائيلى وقال إن واشنطن تدرك أنها لا تملك حق تحديد سقف زمنى للعدوان».

وشددت على أن الدور المصرى بشكل عام مهم جدًا، ليس فقط فى صد التهجير، ولكن فى الوساطة والدخول فى هدنة ووقف إطلاق النار.

وأشارت الباحثة الفلسطينية إلى أن دور القاهرة مهم، ولا يمكن الاستغناء عنه، ودونه يحدث اختلال كبير فى التوازن فى المنطقة، قائلة: «من المهم أن يستمر، وأن يكون قويًا».

من جانبه، قال المحلل الفلسطينى فراس ياغى، إن مصر انتبهت منذ البداية للمخططات الإسرائيلية المعلنة وغير المعلنة، ومحاولتها التهجير والطرد القسرى للمواطنين الفلسطينيين، ورمى الكرة فى الملعب المصرى.

وذكر «ياغى» أن موقف مصر مشرف، حيث قالت إنها لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين، وهو ما يؤكد أن مصر هى عمق أساسى للقضية الفلسطينية، ولن تسمح لأحد بتصفيتها، وهى تعلم توجهات اليمين المتطرف فى إسرائيل، متابعًا: «الموقف المصرى مقدر من قِبل فلسطين والشعب الفلسطينى، ومصر سند وظهر للقضية».

وأضاف: «الموقف المصرى مركزى فى التوسط للتهدئة بين الجانبين، والموقف المصرى قائم على دعم وجود دولة فلسطينية وفقًا للمبادرة العربية للسلام، ومصر تعمل وفقًا لخطة إنسانية تتعلق بإدخال المساعدات والتوسط لتبادل الأسرى بين الجانبين، وتبحث عن الذهاب لهدنة، وتبحث الحل الجذرى ووقفًا دائمًا لإطلاق النار لكن المعضلة هنا فى إسرائيل». وأشار إلى أن استخدام واشنطن «الفيتو» لإحباط قرار وقف إطلاق النار فى مجلس الأمن، ليس غريبًا، لأن الموقف الأمريكى معلن ومعروف، وأهداف واشنطن هى نفس الأهداف الإسرائيلية فى القضاء على حركة «حماس»، والخلاف بينهما فقط يكمن فى طبيعة ما بعد الحرب.

وأضاف: «الإدارة الأمريكية قالت إن أهداف إسرائيل غير واقعية، وواشنطن تبحث عن خطة ما بعد الحرب، لأنها تعلم أن نتنياهو لا يريد خطة سياسية لقطاع غزة، وأمريكا لا يمكن أن تسمح للمجتمع الدولى بالتدخل فى القضية، وإسرائيل هى عمق أمريكا فى الشرق الأوسط ومخزن السلاح الأمريكى فى المنطقة». وقال: «موعد انتهاء المعارك فى خان يونس غير واضح، وأمريكا تحدثت عن أسابيع، لأن لديها انتخابات ودعاية انتخابية ستبدأ فى فبراير المقبل، ومع ذلك الحد الأدنى للعملية بالنسبة لأمريكا فى نهاية ديسمبر أو منتصف يناير، ولكن إسرائيل تريدها حربًا مفتوحة وليست محددة بمدة».