رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

موقف عدوانى أمريكى جديد

للمرة الثانية، عرقل «الفيتو» الأمريكى، أمس الأول الجمعة، مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى الوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة لأسباب إنسانية. وتصادف أن تتخذ الولايات المتحدة هذا الموقف العدوانى، اللا أخلاقى واللا إنسانى، قبل ساعات من جلسة المباحثات الرسمية التى عقدها أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، فى واشنطن، مع اللجنة الوزارية العربية الإسلامية!

فى نسخته الأخيرة، حذّر مشروع القرار، الذى تقدمت به دولة الإمارات، من «الحالة الإنسانية الكارثية فى قطاع غزة»، دعا النص المقتضب إلى «حماية المدنيين والإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية». وانتهى التصويت عليه بموافقة ١٣ دولة من الدول الـ١٥ الأعضاء فى المجلس، مقابل اعتراض الولايات المتحدة وامتناع بريطانيا عن التصويت. وعليه، قال جيش الاحتلال، صباح السبت، إن «العمليات فى قطاع غزة مستمرة»، مضيفًا أن «القوات البرية واصلت القتال فى مواقع مختلفة»، بينما ذكرت وزارة الصحة فى غزة أن ٧١ قتيلًا و١٦٠ جريحًا وصلوا، خلال الـ٢٤ ساعة الماضية، إلى مستشفى الأقصى فى دير البلح، عقب عمليات قصف استهدفت وسط القطاع.

اقترب عدد الشهداء من الـ١٨ ألفًا، معظمهم من النساء والأطفال، وجرى تدمير نصف منازل قطاع غزة، كليًا أو جزئيًا، وفق تقارير «الأمم المتحدة»، التى أشارت، أيضًا، إلى فرار ١.٩ مليون شخص من منازلهم، أى حوالى ٨٥٪ من سكان القطاع. وتحدثت تقارير إعلامية، ولا تزال، عن حالة استياء واسعة بين المسئولين الأمريكيين من موقف إدارة الرئيس جو بايدن المؤيد، بشكل مطلق، لإسرائيل.

ردًا على الموقف الأمريكى «العدوانى وغير الأخلاقى»، حمّل الرئيس الفلسطينى محمود عباس الولايات المتحدة «مسئولية ما يسيل من دماء الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين فى قطاع غزة». وقالت الخارجية الفلسطينية، فى بيان، إنها تنظر «بخطورة بالغة لفشل مجلس الأمن فى اتخاذ قرار وقف إطلاق النار الإنسانى فى قطاع غزة بسبب الفيتو الأمريكى»، واصفة ذلك بأنه «امتداد لازدواجية معايير دولية تمييزية بين المدنيين فى العالم، وانتقائية فى تطبيقات القانون الدولى وفقًا لهوية الجلاد والضحية».

المهم هو أن اللجنة الوزارية، التى تشكلت بقرار من القمة العربية الإسلامية المشتركة، الطارئة أو غير العادية، تضم وزراء خارجية مصر، فلسطين، السعودية، الأردن، تركيا وقطر. وفى بداية جلسة مباحثاتهم مع وزير الخارجية الأمريكى، شدّد أعضاء اللجنة على مطالبتهم الولايات المتحدة بتحمل مسئولياتها واتخاذ ما يلزم من إجراءات لدفع الاحتلال الإسرائيلى نحو الوقف الفورى لإطلاق النار، معبّرين عن امتعاضهم جرّاء استخدام الولايات المتحدة حق النقض، «الفيتو»، لعرقلة قرار مجلس الأمن، وجددوا موقفهم الموحد الرافض لمواصلة قوات الاحتلال عدوانها على الشعب الفلسطينى، مكررين دعوتهم إلى ضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين، ووقف المأساة الإنسانية التى تتعمق كل ساعة فى قطاع غزة، ورفع كافة القيود التى تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا، أيضًا، عن موقفهم الرافض، جملة وتفصيلًا، لكافة عمليات التهجير القسرى التى يسعى الاحتلال لتنفيذها، وأكدوا اعتزامهم التصدى لها، على كل المستويات، مشددين على أهمية الالتزام بالقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى. كما جددوا التأكيد على ضرورة إيجاد مناخ سياسى يؤدى إلى حل الدولتين، وتجسيد دولة فلسطين على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وفقًا للقرارات الدولية ذات الصلة، معربين عن رفضهم تجزئة القضية الفلسطينية أو مناقشة مستقبل قطاع غزة بمعزل عنها.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى تلقى صباح أمس، السبت، اتصالًا تليفونيًا من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، جرى خلاله تناول عدد من القصايا الإقليمية، خاصة تطورات الأوضاع فى قطاع غزة والأراضى الفلسطينية المحتلة، فى ضوء الموقف المتأزم، سياسيًا وإنسانيًا. وتوافق الرئيسان على ضرورة مواصلة التحرك، بجدية، لوقف إطلاق النار، واضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته فى هذا الصدد، مع أهمية تضافر الجهود الدولية للوصول إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين، وإقامة والاعتراف بالدولة الفلسطينية وفقًا لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة.