رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحل الواقعى.. سياسيون وخبراء فلسطينيون: الرأى العام العالمى أصبح مستعدًا لدعم إقامة الدولة الفلسطينية

الحل الواقعى
الحل الواقعى

أكد سياسيون فلسطينيون ضرورة استغلال الزخم الحالى للقضية الفلسطينية والتعاطف الدولى الكبير مع الفلسطينيين، فى ظل العدوان الإسرائيلى والجرائم التى ترتكبها قوات الاحتلال، سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية أو القدس، مشددين على أن الوقت قد حان لإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف، وفقًا لمرجعية «حل الدولتين».

وأشار السياسيون الفلسطينيون، خلال حديثهم، لـ«الدستور»، إلى وجوب العمل على تثبيت الهدنة فى قطاع غزة، ومساندة الجهود المصرية لوقف إطلاق النار، والتصدى للعدوان الإسرائيلى المستمر بحق الشعب الفلسطينى، سواء فى القطاع أو الضفة أو القدس المحتلة، ثم العمل على تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وصولًا لإعلان الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧. 

عباس زكى: الاحتلال يريد اقتلاعنا.. وحقنا فى دولتنا أقرته الشرعية الدولية

أكد عباس زكى، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الفلسطينية، ضرورة استكمال الجهود الرامية لوقف حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى، التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة والضفة الغربية، ثم العمل على إقامة الدولة الفلسطينية وفق مبدأ «حل الدولتين».

وقال، خلال حديثه، لـ«الدستور»: «يجب أن يكون الأمر واضحًا بقوة خلال أى مفاوضات مقبلة، مع ممارسة مزيد من الضغوط على إسرائيل، التى تروج الآن لأحاديث عن إقامة دولة فلسطينية تحت قيادة جديدة، ما يتسم بعدم الوضوح».

وأضاف: «إذا كانت هناك هدنة طويلة الأمد ووقف لإطلاق النار وتبادل وإخراج الأسرى الفلسطينيين من السجون مقابل المحتجزين الإسرائيليين وتبييض السجون، فإن ذلك يفتح المجال أمام حل النزاع، لكن إسرائيل تريد القضاء على البشر وليس فقط امتلاك الأرض، وترغب فى تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، بل تنكر وجود الشعب الفلسطينى من الأساس، سواء فى الضفة أو غزة أو القدس، بعد أن اعتبرونا شعبًا مخترعًا، واعتبروا فلسطين أرضهم، وحتى الأردن أصبح جزءًا منها».

وتابع: «كذلك، تحدث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن أن العرب لا وجود لهم من الأساس، فهم لا يمثلون أكثر من ٢٪ من سكان فلسطين، وهو أمر فى منتهى السخافة، كما تم الحديث عن ضرب غزة بالسلاح النووى».

واستطرد: «لن تقدر إسرائيل على اقتلاع الشعب الفلسطينى المتجذر فى أرضه، والرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر تحدث عن أن الشعب الفلسطينى وجد لينتصر، وليس من المتصور أن ينجح الاحتلال فى القضاء على الشعب الفلسطينى مهما فعل».

وأردف: «العرب الآن موحدون بشكل كبير لدعم القضية الفلسطينية، وهو ما اتضح فى القمم العربية المتنوعة، والقمة العربية الإسلامية بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، والموقف العربى الآن على المحك، كما هو الموقف الدولى، خاصة بعد الدمار والإبادة التى مارسها الاحتلال فى غزة، وحتى اليهود الأمريكيون خرجوا فى تظاهرات بالولايات المتحدة، وطالبوا بعدم قتل أطفال فلسطين باسم اليهود، والعواصم الدولية أيضًا أصبحت ترفض ما يقوم به الاحتلال، لأن الشعوب تضغط على قياداتها للتخلص من التبعية لأمريكا، التى لا تريد التعايش بين العرب واليهود، بحكم سياستها السابقة التى أبادت الهنود الحمر».

وأشار القيادى فى حركة «فتح» إلى أن الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية مرتبط بالقرارات الدولية ذات الصلة، التى أقرت حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم وفق حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، وكذلك هناك قرارات خاصة تنص على حقوق اللاجئين الفلسطينيين، لافتًا إلى أهمية استغلال ما يجرى حاليًا، والضغط لتغيير العقلية الأمريكية المتصهينة، وأيضًا العقلية الأوروبية، تحت ضغط الجماهير الغربية الساعية لإلغاء التبعية المطلقة لدولة الاحتلال.

 

عبدالمهدى مطاوع: المجازر والتضحيات التى قام بها العدو رفعت الآمال فى التوصل لحل دائم

أوضح السياسى الفلسطينى عبدالمهدى مطاوع، أهمية الاستفادة مما يجرى من حراك دولى لصالح القضية الفلسطينية وتغيير الرأى العام العالمى نحو دعم مبدأ «حل الدولتين» كمخرج وحل للصراع، والوصول إلى استقرار وسلام دائمين فى المنطقة.

وقال «مطاوع»، لـ«الدستور»: «قسم من الجماهير فى الدول الغربية أصبح يدعم القضية الفلسطينية، رغم أن هناك من يتهم الفلسطينيين بالإرهاب، لكن علينا أن ندرك أن تداعيات ما حدث فى ٧ أكتوبر الماضى، سيخلق تغييرًا جذريًا فى تركيبة الحكومات الإسرائيلية المقبلة، وسيؤثر على سياستها الخارجية».

وأضاف: «سيتأثر أيضًا مستقبل إسرائيل الداخلى بعد الحرب على غزة، كما سيتأثر موقفها الدولى، وموقف واشنطن من دعمها، وهى أمور يجب استغلالها لصالح حل القضية».

وأشار إلى أن الهدنة الحالية، التى تم التوصل إليها بوساطة مصرية- قطرية- أمريكية مشتركة، من الصعب أن تتحول لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار فى الوقت الحالى، وإنما يمكن أن يتحول الأمر لإقرار عدة هدنات إنسانية متتابعة، إلى أن يتم الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار فيما بعد».

وأكد السياسى الفلسطينى أهمية الدور المصرى والقطرى فى دعم الهدنة فى قطاع غزة وتثبيتها، وعقد صفقات تبادل الأسرى والمحتجزين، الأمر الذى يساعد فى عقد صفقات أخرى، مع السماح بإدخال المساعدات إلى القطاع وزيادة عددها، وهو أمر مهم حاليًا لتحسين الأوضاع، فى ظل الكارثة الإنسانية وحجم المجازر التى ارتكبت ضد الشعب الفلسطينى.

واختتم بالقول: «حجم المجازر التى اكتشفت وتضحيات الشعب الفلسطينى، رفعت من التطلعات، فلا أحد يريد الآن صفقات مؤقتة، وإنما الكل يرغب فى الحل الدائم وتغيير الوضع السياسى العام فى المنطقة».

نبيل عمرو: التنسيق العربى يشكل ضغطًا إيجابيًا على المجتمع الدولى وتقديم الرشاوى المؤقتة لن ينهى الأزمة

قال نبيل عمرو، وزير الإعلام الفلسطينى السابق، إن مستقبل حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية أصبح أكثر واقعية، لأن العالم يراقب الآن الشرق الأوسط، فمع اندلاع الحرب توجد تهديدات بتوسعها وتحولها إلى حرب إقليمية تهدد الجميع.

وأضاف «عمرو» أنه لا يمكن الخروج من المأزق الحالى، بعد ما حدث فى ٧ أكتوبر، بتقديم رشاوى سياسية للفلسطينيين لتحقيق رفاهية أو تقديم تسهيلات، فهذا لن يؤدى لتهدئة الفلسطينيين أو يجعلهم يقبلون بالواقع الإسرائيلى، وما حدث خلال حرب غزة يؤكد أن العالم بدأ يستفيق على الحل الجذرى للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية، ولا بديل عن دعم مبدأ حل الدولتين.

وعن استغلال الزخم الدولى الحالى فى إقامة الدولة الفلسطينية، قال: «إن الأمر يتوقف على صيغة تكاملية بين فلسطين والعرب ودول الإقليم، إذ إننا نلاحظ أن الإقليم، على اختلاف مناهجه الفكرية ومصالحه السياسية، يُجمع على حل إقامة الدولة الفلسطينية، وهذا إجماع عربى إقليمى والفلسطينيون اتخذوا هذا القرار فى مؤسساتهم ومجالسهم الوطنية».

وأوضح: «عندما يتحقق التكامل العربى الفلسطينى الإقليمى سيكون له صدى جدى لدى أوروبا والولايات المتحدة، التى تنادى أيضًا بحل الدولتين، ومن خلال هذا الجهد المتكامل يمكن أن نؤثر على الأمريكيين، وهم أصحاب القرار الإسرائيلى، فإذا اتخذوا قرارًا بفتح الملفات التفاوضية ضمن أفق حل الدولتين فقد يكون الظرف القادم داعمًا لإقامة الدولة الفلسطينية».

وعن تنسيق الجهود العربية فى إيجاد موقف موحد لإقامة الدولة الفلسطينية، قال: «التنسيق العربى قائم بالفعل كما لاحظنا فى التنسيق المصرى- القطرى بشأن المحتجزين والأسرى وتنفيذ الهدنة الإنسانية وأدى لنتائج واضحة، كما اتضح هذا التنسيق العربى أيضًا فى قمة القاهرة للسلام وقمة الرياض العربية الإسلامية، وهذا شكل من أشكال العمل الجماعى الذى سيؤدى حتمًا لتغيير المعادلات، فقد كان العمل العربى فى السابق غير منسق بشكل كبير، وربما كان غائبًا، وكلٌ يعمل على طريقته الخاصة، مع وجود خلافات بينية عربية تضعف العمل العربى المشترك، وهذا لم يعد موجودًا الآن، لذلك لدىّ تفاؤل بأن الموقف العربى سيكون أكثر تماسكًا وتنسيقًا عن المراحل السابقة».

واستكمل: «اشتعال الحرب هو الشاغل الرئيسى للجميع، لذا هناك جهد قائم نحو الهدنة وإدخال المساعدات، وهذا أمر يفتح الحديث أمام الموضوعات السياسية، لأن العرب يضعون دائمًا الأفق السياسى أساسًا لأى مباحثات، لكن الأوضاع الحالية جعلت التوصل إلى هدنة طويلة الأمد وإدخال المساعدات له الأولوية، لكن الأمر لا يخلو من مباحثات فى المسار السياسى والدفع نحو حل الدولتين».

جهاد الحرازين: على الفصائل الانضمام لمنظمة التحرير وتسخير كل الإمكانات لصالح القضية

قال الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة، إن لقاء الدوحة، الذى ضم قادة أجهزة مخابرات مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى مسئولين قطريين، قد يدعم وضع رؤية خاصة لإنهاء الحرب والصراع الدائر الآن والعدوان على قطاع غزة.

وأوضح السياسى الفلسطينى، لـ«الدستور»، أن دولة الاحتلال الإسرائيلى تريد الآن الهدنة الإنسانية المؤقتة فقط، وليس وقف إطلاق النار بشكل دائم، لأن هذا الأمر يترتب عليه العديد من الأمور، خاصة أن إسرائيل تقول إن عملياتها فى غزة لم تحقق أهدافها حتى الآن، وهو ما عبّر عنه قادة جيش الاحتلال علانية، وأيضًا المسئولون بالحكومة الإسرائيلية، مع الدعوة لاستمرار الحرب بعد انتهاء الهدنة الحالية.

وبشأن استغلال الحراك الدولى لإقامة الدولة الفلسطينية، قال «الحرازين» إنه لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن ذلك، خاصة فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى على القطاع، مضيفًا: «المطلوب الآن بشكل عاجل هو وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات لغزة، ودعم مشروعات إعادة الإعمار، فهذه الأمور تهيئ الأرض لما هو قادم، والحل السياسى للقضية الفلسطينية».

وأضاف: «هناك حرب شعواء يمارسها الاحتلال فى الضفة الغربية أيضًا، وهناك شهداء وعمليات استيطان بشكل يومى، الأمر الذى يتطلب الحفاظ على الوحدة الجغرافية لفلسطين، ووحدة النظام السياسى، وهذا أمر يجب أن يكون ضمن البنود المتوافق عليها، حتى لا تختزل القضية الفلسطينة فى غزة فقط، فالقضية الفلسطينية تشمل الضفة والقدس أيضًا».

وشدد السياسى الفلسطينى على أهمية تلك النقطة وإرسائها خلال المفاوضات لتهيئة الأرض للاتفاقات المقبلة، مع الاستمرار فى ممارسة الضغط الدولى الحقيقى على دولة الاحتلال للعودة إلى المفاوضات على أسس محددة، تستند لمقرارات الشرعية الدولية، والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة، وكذلك مبادرة السلام العربية».

وتابع: «هناك جهود كبيرة بذلت من دول المنطقة لوقف إطلاق النار، بقيادة مصر، وذلك عندما كان هناك رفض كبير من قبل الاحتلال وداعميه، مثل أمريكا والدول الغربية، التى ابتدعت مقولة إن إسرائيل لها حق الدفاع عن النفس، رغم أنها دولة محتلة وليس لها هذا الحق، والقاهرة عملت بقوة لعقد هدنة إنسانية وإدخال المساعدات للقطاع ووقف إطلاق النار لمواجهة الكارثة التى يعيشها الشعب الفلسطينى، والتى تهدد المنطقة بأسرها، خاصة بعد أن قام الاحتلال بتدمير البنية التحتية وأكثر من ٧٠٪ من مبانى قطاع غزة».

واستطرد: «كل ذلك يضع أمام الجميع مسئولية كبيرة، وقد استطاعت مصر، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، بعد بذل جهود مضنية، أن تقنع العالم بالعمل على وقف إطلاق النار فى غزة، ما غير من الخطاب العالمى ومواقف المنظمات والعواصم الدولية، خاصة فى واشنطن، مع الاقتناع بضرورة أن تستمر الهدنة، بالإضافة إلى دعم الشعب الفلسطينى وحماية حقوقه».

وأشار «الحرازين» إلى أن ما حدث بعد ٧ أكتوبر أكد أن هناك شعبًا يخضع للاحتلال ويتعرض لجرائم يومية، ولذلك تغير الخطاب الغربى وخرجت المظاهرات الشعبية لدعم القضية الفلسطينية، مع الحديث عن العملية السياسية وضرورة إنهاء الصراع، وإقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما تحدث عنه الرئيس السيسى، الذى طالب بحل جذرى للأزمة. 

وأكمل: «الأمر يتطلب وحدة الموقف الفلسطينى حتى تتضح الأمور، وأن تعلن الفصائل الفلسطينية عن الانضمام إلى منظمة التحرير، لتحقيق الوحدة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، واستكمال ما تم من جهود فى مصر، ولقاءات قادة الفصائل الفلسطينية، الأمر الذى يضع كل الإمكانات لصالح إقامة الدولة الفلسطينية».