رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطوة استعد

تؤمن مصر بأهمية السلام بنفس مقدار إيمانها بأهمية الحرب.. وتسعى للحفاظ على السلام طالما كان هذا ممكنًا، بنفس القدر الذى تقبل فيه اختيار الحرب طالما كان هذا ضرورة.. إذا حدث ما يمس الأمن القومى المصرى يتذكر المصريون الآية الكريمة «كتب عليكم القتال وهو كره لكم».. والمعنى أن مصر ستحارب إذا تم دفع أهل غزة لحدود مصر.. وهذا هو المعنى الحقيقى للتهجير القسرى.. التهجير الاختيارى رفضته مصر بكل حسم.. وأقرتها على موقفها الولايات المتحدة الأمريكية وكل من طرح الفكرة.. أما التهجير الإجبارى الذى يفكر البعض أنه قد يُفرض على مصر بعد قصف جنوب غزة ودفع أهل غزة لحدود رفح.. فوقتها لن تضرب مصر أهل غزة، ولكنها ستضرب من يقصف أهل غزة.. ليس لأى سبب سوى لإيقاف الخطر الذى يدفع أهلنا هناك لترك أرضهم إجباريًا واختراق حدود مصر دون إذنها.. سيكون من الطبيعى جدًا أن تعاقب مصر الجانى لا الضحية.. وأن تتعامل مع الطرف الذى يتسبب فى القصف لا مع ضحايا القصف.. وقد عبّر رئيس وزراء مصر، وهو بمثابة مفوض من السلطة التنفيذية، عن ذلك أمام مجلس النواب الذى هو ممثل السلطة التشريعية، وسط تأييد كبير من نواب مصر.. والمعنى أن كلمة مصر واحدة فى هذا الموضوع الخطير.. بل إن كل الأصوات المعارضة لا تؤيد الرئيس السيسى فيما هو عازم عليه حال تطورت الأمور.. بل إنها ترفع سقف مطالبها فى هذا الملف إلى آخر مدى.. فمعارضة السياسات العنصرية والاستيطانية لإسرائيل من الأمور القليلة جدًا التى يتحد عليها المصريون جميعًا بمختلف أطيافهم الفكرية والسياسية والفكرية.. وهى حقيقة يدركها المواطن العادى الذى يعلو الشعور الوطنى عنده على الرغبة فى الرفاهية التى تسيطر على كثير من شعوب العالم، وهى هدف مشروع بالمناسبة لأى حكومة ويسعى لها الجميع بما فيها إدارة الرئيس السيسى.. التى تنفذ مخططًا ضخمًا للتنمية منذ تسع سنوات.. فالحرب ليست هدفًا فى حد ذاتها، ولكنها وسيلة لدفع الضرر الاقتصادى والسياسى الذى يريد الآخرون إلحاقه بنا.. فعندما تريد دولة شق قناة منافسة لقناة السويس فنحن ندرك أن السلام معها «زى قلّته» وربما تكون الحرب وقتها أجدى لمصالحنا الاقتصادية رغم تكلفتها الرهيبة وأضرارها الاقتصادية.. وعندما تريد دولة إفساد مخططات تنمية سيناء وإلقاء عبء اثنين مليون شقيق فلسطينى على مصر وإشعال نزاع مسلح على حدودها.. فربما تكون الحرب وقتها أكثر جدوى للدفاع عن مصالحنا الاقتصادية من السلام الصورى الذى لا يراعيه الآخرون أو يعتبرونه مجرد حبر على ورق.. وبالتالى لا يجب أن يسىء البعض تفسير مقولة إن المواطن لا يجب أن يشكو من ارتفاع الأسعار طالما هناك خطر على الأمن القومى.. لأن الحرب والسلام والتنمية والتخطيط والتعمير وأى اتجاه تسير فيه الدولة هدفه فى النهاية تحقيق الرخاء للمواطن وتخفيف الأعباء عنه حتى لو تأجل هذا الرخاء بسبب ظروف عالمية صعبة وقسرية يتم فرضها على العالم كله منذ سنوات.. اختيار الحرب قد يكون أحيانًا أقصر طريق للسلام.. ونحن نريد السلام حتى لو وصلنا إليه عن طريق الحرب.. فأهلًا بالسلام فى كل الأحوال.