رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الروائي فتحي إمبابي: "الخيميائي" ضعيفة فنيا.. وهمنجواي وجوركي جعلاني كاتبا

الروائي فتحي إمبابي
الروائي فتحي إمبابي

منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأت رحلة الروائي البارز فتحي إمبابي مع الكتابة حينما أصدر روايته الأولى "العرس"، وهي رحلة طويلة تمخضت عن عشرات الأعمال الروائية البارزة، تلك الرحلة كانت نتاجًا لسنوات أسبق من القراءة النهمة والمنتظمة التي بدأها إمبابي منذ سنوات الطفولة إلى مرحلة التكوين خلال الدراسة الجامعية. 

مع الكتب

يسرد إمبابي في حديثه مع "الدستور" بداية علاقته بالكتب منذ أن كان في الثامنة من عمره، ففي تلك السن المُبكرة بدأ اهتمامه بالقراءة يبزغ إلى أن وجد مسارًا له بعد عام حين انتقلت الأسرة من المدينة إلى الريف عقب وفاة والده، منذ ذلك الحين تفتح وعي الطفل على عشرات الأعمال التي كانت متوافرة آنذاك وعلى رأسها سلسلة الروايات العالمية التي تجمع ما بين المغامرة والمعاني الإنسانية وتشمل أعمال أليكسندر دوما وتوماس مان، وسلاسل المغامرات والتي ضمت أعمال شرلوك هولمز وأرسين لوبين. 

كانت انطلاقة صاحب "مراعي القتل" مع القراءة مرتبطة بما توفره أجواء القرية من سكون ودعة وحياة طبيعية بِكر، فكان يقضي الساعات مستمتعًا بصحبة الروائع العالمية كما كان يتشارك مع أخواته روايات إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي.  

استمر تعلق إمبابي بالأدب العالمي الذي منحه القدرة على التخيُل بعد انتقاله مرة أخرى إلى المدينة، إذ استمر في مطالعة الأعمال العالمية لشكسبير ومكسيم جوركي وإميل زولا وفريدريش دورنمات وتشارلز ديكنز في المكتبة العامة القريبة من منزله ومما يحصل عليه من "سور الأزبكية" الذي كان يضم آنذاك كنوز الأدب بأسعار واهية. 

روايات مؤثرة

يعتبر إمبابي أن ثمة روايتين كان لهما أكبر الأثر على حياته الخاصة وعلى اختياره للكتابة فيما بعد لتكون مساره الخاص، الأولى رواية "لمن تقرع الأجراس" لإرنست همنجواي، والثانية رواية "الأم" لمكسيم جوركي. 

يوضح ذلك بقوله: تسرد رواية "لمن تقرع الأجراس" قصة شاب أمريكي يذهب إلى إسبانيا ليشارك مع الجبهة الاشتراكية ضد الفاشية، ليموت في النهاية. جعلتني الرواية أفكر في الدوافع التي قادت إنسان ينحدر من بلد لا تعاني من مشكلات، وليس له علاقة بالأزمة ولا يحتاج إلى خوض الحرب إلى القتال من أجل قضية نبيلة. 

كانت هذه هي المرة الأولى التي أفهم فيها معنى الدفاع عن القضايا الكبرى، ومنذ ذلك الوقت قررت أن أكون روائيًا يقاتل في سبيل القضايا الإنسانية، وفهمت أن الرواية عقيدة عابرة لكل الاختلافات الإثنية والطبقية والقومية، ولكل الضغائن التي يمكن أن تخلق عنفًا متبادلًا بين البشر. 

أما الرواية الثانية التي كان لها كبير الأثر على الكاتب بمرحلة مبكرة من حياته فهي "الأم" لمكسيم جوركي، والتي يقول عنها: "هذه الرواية جعلتني أعي أن القضايا الخاصة والذاتية هي نتاج ظروف المجتمع، ومن ثم فإن التركيز ينبغي أن يكون منصبًا على تحسين الظروف الاجتماعية بشكل عام بدلًا من توجيه الغضب إلى الظروف الخاصة". 

تطورت علاقة إمبابي بالقراءة في مرحلة التكوين الجامعية؛ آنذاك قرأ بنهم في شتى العلوم الإنسانية وعلى وجه الخصوص في الاقتصاد والسياسة والفلسفة، لكن ذلك المعين لم يُحركه في تلك الفترة لبدء مساره الكتابي الذي جاء بعد سنوات بأثر من صدمات التجارب الحياتية. يقول: بعد أن سافرت إلى ليبيا ثم إلى العراق، كانت تجربة المعيشة في البلدين مع ما واجهته من صعاب وتغيُر في أفكاري جراء التجربة الحياتية المباشرة دافعًا نحو الكتابة، فظهرت روايتي الأولى "العرس" من هذه التجارب. 

أعمال لا تستحق الضجيج 

ثمة كتب تحظى بشهرة عالمية وانتشار كبير، لكن بعض القراء لا يستسيغونها، في هذا الصدد، يرى إمبابي أن هناك أربع روايات جري تقديمهم باعتبارهم قمة الأدب العالمي بينما لا يرى هو سوى إنهم يحتلون المرتبة الثانية أو الثالثة ولا يمكن مقارنتهم بروائع الأدب العالمي. هذه الروايات هي "شفرة دافنشي" لدان براون، و"اسم الوردة" لإمبرتو إيكو، و"العطر" لباتريك زوسكند، و"الخيميائي" لباولو كويلو. 

يقول إمبابي: "شفرة دافنشي" و"اسم الوردة" تعتمدان على البنية البوليسية، وهما روايتان جيدتان لكنهما لا تستحقان كل هذا الضجيج، ولا تصلان إلى مستوى رواية مثل "عوليس" لجيمس جويس، أو "الحرب والسلام" لتولستوي. 

أما رواية "العطر" فيرى أنه لم يتم تفسيرها بصورة دقيقة، وظلت تشبه الطلسم الذي يمكن فكّه ربما بالرجوع إلى أعمال أخرى للكاتب مثل مسرحيته "الكونتراباص". في حين أن رواية "الخيميائي" ضعيفة فنيًا، والتخييل بها غير مقنع ولا يتسم بالمنطقية. 

إعادة قراءة

تفرض ثيمات العمل الروائي ورسمه للشخصيات والفضاء الروائي الرجوع إلى عدد من الكتب من آن لآخر. يُبين إمبابي أنه كثيرًا ما يعود إلى قراءة الكتابات عن فنون الحرب والاستراتيجيات العسكرية ومن ذلك كتب مثل "فن الحرب" لسون تزو، و"حرب يوم الغفران" لإيلي زعيرا، و"حرب الثلاث سنوات" لمحمد فوزي، و"حرب أكتوبر 1973" لمحمد عبد الغني الجمسي، وكذلك مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي عن حرب أكتوبر.