رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في الذكرى 113 لرحيله.. تولستوي أديب وصف بالجنون وصادق الإمام محمد عبده

تولستوي
تولستوي

تمر اليوم الذكرى 113 لرحيل الكاتب والمفكر الروسي  تولستوي، إذا رحل في مثل هذا اليوم الموافق 20 نوفمبر 1910، ويعد ليو تولستوي أحد أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر والبعض يعتبره من أعظم الروائيين على الإطلاق.

ولد ليو تولستوي عام 1828م، في مقاطعة تولا جنوب مدينة موسكو، و والده هو الكونت نيكولاس تولستوي، وأمه الأميرة ماريا فولكونسكي،ولقد توفيت والدته عندما كان عمره سنتين، وقامت إحدى قريباته بمساعدة والده في تربيته واخوانه، وقضيا معًا حياة سعيدة، ولكن توفي والد تولستوي في عام 1837م، فتم وضع أطفاله تحت رعاية الكونتيسة الكسندرا أوستن. 

 لم يحصل على مؤهل جامعي

تشير سيرته الذاتية إلى أنه لم يحصل على مؤهل جامعي فقد ترك الدراسة الجامعية، بعد أن تم اعلامه بانه ورث إقطاعية ياسنايابوليانا، وهي إقطاعية كبيرة فيها أكثر من 330 عائلة من الفلاحين.

  كانت مثله وقناعاته تسبقه، فلم يكن مجرد إقطاعي بما تعنيه الكلمة والتي ارتبطت على مدار التاريخ والاستبداد والاستعباد  تجاه الفلاحين، فعلى عكس ماهو متعارف عليه كان تولستوي شخص أقرب منها لتحقيق العدالة والمساواة من الاستبداد والاستعباد، حتى وصل به الأمر التبرع بكل أمواله وميراثه للفقراء وقال يكفيني أن أكون منهم ولا أملك مايتمناه غيري، ولذا وصفوه بالمجنون.

 كان لصاحب "الحرب والسلام"، و"أنا كارنينا "، و"البعث"علاقة وطيدة جمعته بأغلب مثقفي عصره ومجايليه، وكانت الرسائل المتبادلة بينه والإمام محمد عبده واحدة من أبرز ما يميز  تلك الحقبة من الزمن ودليل على التواصل الثقافي بين المشرق  العربي والغرب الأوروبي.

رسالة الإمام محمد عبده الى تولستوي 

بعد أن حرم المجمع الكنسي تولستوى عام 1901 من الكنيسة لنقده لها، أرسل الإمام محمد عبده عام 1904 إلى الفيلسوف تولستوى رسالة يقول فيه: “أيها الحكيم الجليل.. مسيو تولستوي، لم نحظ بمعرفة شخصك..وكلنا لم نحرم التعارف بروحك، سطع علينا نور من أفكارك.. وأشرقت في آفاقنا شموس من آرائك.. ألفت بين نفوس العقلاء ونفسك. هداك الله إلى معرفة الفطرة التي فطر الناس عليها ووفقك إلى الغاية التى هدى البشر إليها فأدركت أن الإنسان جاء إلى هذا الوجود لينبت بالعلم ويتم بالعمل ولأن يكون ثمرته تعبا ترتاح بها نفسه.. وسعيا يبقى به ويرقى به جنسه وشعرت بالشقاء الذى نزل بالناس لما انحرفوا عن سنة الفطرة.. واستعملوا قواهم ـ التى لم يمنحوها إلا ليسعدوا بها ـ فيما كدر راحتهم وزعزع طمأنينتهم.

رد تولستوي 

صديقى العزيز، لقد تلقيت رسالتكم الطيبة الحافلة بالمديح وها أنذا أسارع بالرد عليها مؤكدا لكم أولا السعادة الكبرى التي أعطتنى إياها إذ جعلتنى على اتصال برجل متنور.. حتى ولو كان ينتمى إلى إيمان يختلف عن إيمانى الذى ولدت فيه وترعرعت عليه.. ومع هذا فإنى أشعر بأن ديننا واحد ـ لأنى أعتقد أن ضروب الإيمان مختلفة ومتعددة. وأضاف تولستوي في رسالته: “وإنى لآمل ألا أكون مخطئا إذ أفترض ـ عبر ما يأتى فى رسالتكم ـ بأننى أدعو إلى الدين نفسه الذى هو دينكم.. الدين الذى يقوم على الاعتراف بالله وبشريعة الله التى هى حب القريب ومبادرة الآخر بما نريد من الآخر أن يبادرنا به.. إننى مؤمن بأن كل المبادئ الدينية الحقيقية تنبع من هذا المصدر والأمر ينطبق على كل الديانات.. وإننى لأرى أنه بمقدار ما تمتلئ الأديان بضروب الجمود الفكرى والأفكار المتبعة والأعاجيب والخرافات.. بمقدار ما تفرق بين الناس بل تؤدى إلى توليد العداوات فيما بينهم.. وفى المقابل بمقدار ما تخلد الأديان إلى البساطة وبمقدار ما يصيبها النقاء تصبح أكثر قدرة على بلوغ الهدف الأسمى للإنسانية ووحدة الجميع. وهذا هو السبب الذى جعل رسالتكم تبدو لى ممتعة وفى النهاية ارجو أن تتقبلوا يا جناب المفتى تعاطف صديقكم.. تولستوى”.