رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراها الـ154.. كيف وثق الرحالة الأجانب حفل افتتاح قناة السويس؟

جانب من حفل افتتاح
جانب من حفل افتتاح قناة السويس

قبل أكثر من 150 عامًا وفي مثل هذا اليوم، احتفلت مصر والعالم بافتتاح قناة السويس، أمام الملاحة البحرية العالمية، كأقصر الطرق لربط التجارة بين الشرق والغرب.

افتتاح قناة السويس رحلة الملوك

وفي كتاب “افتتاح قناة السويس.. رحلة الملوك”، والذي شارك في تأليف كلا من الفرنسيان: جوستاف نيقول ماريوس فونتان، وصدر في نسخته العربية بتوقيع عباس أبو غزالة، يشير مؤلفا الكتاب إلي مراسم وطقوس حفل افتتاح قناة السويس، وكيف أن الافتتاح اكتسي بمسحة دينية وكان الاحتفال الديني قبل افتتاح القناة للملاحة والذي بدأه رجال الأزهر بتلاوة الفرآن الكريم، تلاه تسبيح رجال الدين الكاثوليكي، يبرز مدي التسامح والوفاق بين الأديان، وكان تنظيم هدا الاحتفال الديني بإيعاز من الخديوي إسماعيل.

ويسترجع مضمون الكتاب مشروع حفر قناة السويس، ويجمع بين أقوال الرحالة والأفراد الذين عرفوا الخليج في الماضي، وشهادات المعاصرين الذين حضروا أشغال القناة، ويستند إلي خطب المسئولين بالشركة، ومداخلات المقاولين والمهندسين بشأن الاختراعات التي توصلوا إليها. 

وتصور لوحات الفنان الفرنسي “ريو” الواردة في الكتاب أيام الاحتفال الخمسة، وعبور قناة السويس من البحر المتوسط إلي البحر الأحمر، ومن بورسعيد إلي السويس، وتوضح كيف ولدت المدن في الصحراء الجرداء، وكيف قامت الورش، وتوضح نشاط السكان والمثابرة لإنهاء العمل.

تنظيم الاحتفالات بافتتاح قناة السويس

ويذكر مؤلفا الكتاب أن: تطلبت احتفالات افتتاح قناة السويس، استعدادت ضخمة، وكرس الخديوي جهوده لتخليد ذكري إتمام شق خليج السويس، وفتح طريق ملاحي جديد يربط بين الشرق والغرب. ويعد احتفال افتتاح قناة السويس، ودعوة الملوك والسفراء، مظهرا من مظاهر الترف، وإسراف الخديوي الذي كبل البلاد بالقروض.

حيث طلب الخديوي من “دليسبس” أن يأخذ التدابير اللازمة لاستقبال الملوك الأجانب، وعددهم 6000 شخصية، وأقيمت الهناجر في بضعة أيام لتستوعب 600 شخص، وجهزت موائد متجددة، قد أحضر الخديوي 500 طباخ وألف خادم من إيطاليا ومرسيليا. وبلغت تكاليف الحفلات والولائم مليونا ونصف المليون جنيه تقريبا.

ويلفت الكتاب إلي أن: كان افتتاح قناة السويس للملاحة العالمية حدثا عالميا، وأراد الخديوي الظهور  بمظهر العظمة أمام الملوك والأمراء والسفراء، واستدعي الخديوي أيضا ممثلو الصحافة العالمية، ورجالات العلوم والفنون والتجارة والصناعة، ليشهدوا احتفالات افتتاح قناة السويس، التي لم يسبق لها نظير في العالم في ذلك الوقت. ونجد من بين المدعوين عددا من السائحين من ألمانيا وروسيا وإسبانيا، وعلماء وفنانين، ومندوبي تجارة من ألمانيا، وكذلك أعضاء اللجنة العلمية في برلين.

 

رحلتي إلي افتتاح قناة السويس    

ويقول الرحالة البرتغالي "إيسا دي كيروش" في مذكراته "رحلتي إلي افتتاح قناة السويس.. خيالات الشرق بترجمة السيد محمد واصل: "إن احتفالات السويس تمثل بالنسبة لي واحدة من ذكريين كبيريين، إحداهما عن القاهرة والأخري عن القدس. وهناك ذكريات تختنق بين تلك الذكريين الوضاءتين، ومثلها مثل رسم تخطيطي بالقلم بين قطعة قماش جميلة رسمها "دي كامب" عن القرآن الكريم وأخري رسمها دي لاروش عن الإنجيل".

وتتفرد مذكرات "دي كيروش" عن غيرها من كتابات الرحالة الذين تناولوا حدث افتتاح قناة السويس، لأول مرة، في أنها رصدت حياة المصريين البسطاء من عامة الشعب المصري، بعيدًا عن طبقة الأستقراطية المتمثلة في الأسرة العلوية. 

فيذكر دي كيروش حوار دار بينه وبين "ديليسبس" ويقدمه علي أنه أحد المهندسين في شركة القناة. الحوار دار عن الفلاحين وأحوالهم المعيشية وطباعهم: "هنا يعيش الفلاح، إن الفلاح هو مزارع وادي النيل، وكنا قد رأينا في الإسكندرية مجموعات صغيرة من العشش خارج المدينة علي حافة الصحراء، وأكواخ من الطين الداكن تملؤها الشقوق وهي منخفضة مظلمة تستند إلي جذوع الأشجار.. تلك هي بيوت الفلاحين".