رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحول جزئى.. بعض الدول الغربية تتراجع عن "دعمها المطلق" لإسرائيل

غزة
غزة

بعد 48 ساعة من عدوان إسرائيل على قطاع غزة ردًا على هجوم حماس في "طوفان الأقصى"، تعهّد زعماء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا في بيان مشترك بدعم "مطلق وثابت وموحد" لإسرائيل في "الدفاع عن نفسها".

ووصف زعماء هذه الدول الخمس في بيان نشره البيت الأبيض حينها أعمال حماس التي وصفوها بـ"المروعة والإرهابية" بأنها "غير مبررة ولا مشروعة ويجب أن تلقي إدانة دولية".

لكن مع تواصل الحرب للشهر الثاني من دون تمكن إسرائيل من تنفيذ أهدافها، وفي ظل العملية البرية وتصاعد أعداد الضحايا المدنيين إثر المجازر التي ترتكب على مرأى ومسمع من العالم، في حق سكان غزة التي راح ضحيتها في حصيلة غير نهائية نحو 12 ألف شهيد، بينهم آلاف الأطفال والنساء، وأكثر من ضعفهم، على الأقل، من المصابين الجرحى، فضلًا عن تدمير معالم القطاع وبنيته التحتية، بدأت بعض هذه الدول الغربية في التراجع وتغيير لهجتها، ما يعكس التحول الجزئي من "الدعم المطلق" لإسرائيل والدعوة إلى تجنب استهداف المدنيين الفلسطينيين والتضامن أيضًا مع فلسطين، والدعوة إلى محاكمة الوزراء الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لارتكابه جرائم إبادة جماعية "جرائم حرب".

 

ألمانيا

ترجمت ألمانيا تأييدها لعمليات إسرائيل العسكرية في غزة بتصدير معدات عسكرية لتل أبيب بنحو 700 مليون يورو في الأيام الأولى من اشتعال حرب غزة، شملت غواصات.

كما عبر عبر أولاف شولتس، المستشار الألماني، عن كامل دعمه للاحتلال الإسرائيلي، وقال للمشرعين الألمان: "لإسرائيل الحق، المنصوص عليه في القانون الدولي، في الدفاع عن نفسها ومواطنيها ضد هجوم حماس"، مضيف: "ولا يوجد سوى مكان واحد لألمانيا في هذا الوقت، وهو بجانب إسرائيل.. تاريخنا ومسئوليتنا الناشئة عن المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، تجعل مهمتنا الدائمة أن ندافع عن أمن دولة إسرائيل".

لكن بعد 3 أسابيع من الحرب، غيرت ألمانيا لهجتها وذكرت عبر وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك جولتها بالشرق الأوسط شملت تل أبيب، أنه يتعين على المجتمع الدولي التركيز على الحد من تداعيات العمليات العسكرية الدائرة في غزة على السكان المدنيين.

وقالت: "يجب أن تتعاون جميع الدول، التي ترغب في المساعدة على ضمان احتواء المعاناة الإنسانية بغض النظر عن الطرف الذي تدين له بالولاء، حتى لو اضطرت إلى مواجهة معارضة".

وتساءلت بيربوك عن سبل دفاع إسرائيل عن نفسها في حالة التوصل لوقف كامل لإطلاق النار، مشيرة إلى أن هذا الأمر لا يزال غير واضح، مشددة على ضرورة التوصل لهدنات إنسانية من أجل إيصال المساعدات إلى غزة وحماية الأرواح.

 

فرنسا

في بداية العدوان الإسرائيلي، صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مناسبات عدة بوقوفه المطلق إلى جانب إسرائيل في الدفاع عن نفسها، قبل أن يتراجع في هذا الدعم خطوة تلو الأخرى؛ إذ بدأ بالدعوة إلى "هدنة إنسانية تقود لوقف إطلاق النار"، ثم انتقد بشكل مباشر استهداف الجيش الإسرائيلي المدنيين في غزة، وحجبه "الشرعية" عن هذه الممارسات التدميرية التي انتهكت كل القوانين الدولية وحقوق الإنسان وترقى إلى جرائم حرب. 

وقال "يتعرض المدنيون اليوم للقصف... هناك أطفال ونساء وكبار سن يتعرضون للقصف والقتل. لا يوجد سبب لذلك ولا شرعية؛ لذلك، نحث إسرائيل على التوقف".

أضاف: "من المستحيل تفسير أننا نرغب في مكافحة الإرهاب بقتل أشخاص أبرياء"، مذكرًا القادة الإسرائيليين، بأن رد إسرائيل على حماس "يجب أن يحترم قواعد الحرب والقانون الدولي الإنساني".

 

بريطانيا

في اليوم الثاني من الحرب، أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أنّ بلاده ستُقدم لإسرائيل الدعم الذي تحتاجه في عدوانها على غزة، لافتًا إلى ضرورة عدم استغلال ما يجري للتحريض على العنف في المنطقة، في إشارة إلى حماس. 

كما أكد وزير خارجيته جيمس كليفرلي، أن بريطانيا ما زالت تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وإن كانت تحثها على التحلي بضبط النفس من أجل تقليل إلحاق الضرر بالمدنيين".

وبعد شهر من الحرب مازال سوناك يصر على رأيه ولكن عبر عن مخاوفه خلال زيارة تضامنية إلى إسرائيل من تصعيد إقليمي للصراع. وقال: "إنه يجب بذل جميع الجهود للحيلولة دون وقوع مزيد من الخسائر في الأرواح جراء الصراع".

 

إيطاليا

دعمت إيطاليا منذ اللحظات الأولى لعدوان الاحتلال تأييدها الكامل لإسرائيل، وقال وزير خارجيتها أنطونيو تاياني، في تصريح تليفزيوني بخلاف بيانات رسمية، والامتناع عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يدعو إلى هدنة في غزة، إن "حركة حماس هي المسئولة عن هذه الحرب". ولكن مع ضعط وانتقاد حركة "خمس نجوم" المعارضة للحكومة  الإيطالية هذا الموقف واعتبرته دعمًا مطلقًا لإبادة جماعية بدأت روما في تغيير لهجتها قليلًا لتقتصر على  ضرورة حماية أرواح المدنيين في القطاع.

وقالت جورجينا ميلوني، رئيسة الحكومة خلال قمة "القاهرة للسلام" التي دعا إليها الرئيس عبدالفتاح السيسي، إنها تحاول الدفع من جانبها لإيجاد نقطة للحوار والسلام في المنطقة، مشددة على أنه يجب أن ينتبه الجميع إلى ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

أضافت أنه بجب أن يكون هناك سلام دائم من أجل الفلسطينيين، فضلًا عن ضرورة إجراء حوار سلمي، موضحة أنه يجب أن نقف جميعًا كحكومات بجانب حماية المدنيين الأبرياء فى حالة الصراع بالمنطقة.

 

إسبانيا

عبرت الحكومة الإسبانية في وقت مبكر عن إدانتها للمجازر الدموية التي يرتكبها الاحتلال في غزة،  وطالبت عبر وزيرة الحقوق الاجتماعية، إيوني بيلارا، بالتحقيق في "جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل".

كما طالبت بيلارا، من القائم بأعمال رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، بالتوقف عن شراء الأسلحة من إسرائيل كجزء من الرد على أفعالها العنيفة فى الإبادة الجماعية التى تمارسها ضد الفلسطنيين فى غزة، قائلة: إن "هذه الأشياء الاقتصادية ملطخة بالدماء" ووصفت رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بأنه "قاتل ومجرم حرب" ويجب محاسبته.

لاحقًا، دعا رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، تل أبيب إلى وقف "القتل الأعمى" للفلسطينيين في غزة، والالتزام الصارم بالقانون الدولي الإنساني الذي "لا يتم احترامه الآن بشكل واضح من جانب إسرائيل"، متعهدًا بأن تعمل حكومته الجديدة "في أوروبا وفي إسبانيا من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية".