رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطاب الملك الوصى الهاشمى فى القمة العربية الإسلامية.. الأردن شقيق الدم الفلسطينى

«وأتساءل اليوم: هل كان على العالم أن ينتظر هذه المأساة الإنسانية المؤلمة والدمار الرهيب حتى يدرك أن السلام العادل الذى يمنح الأشقاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة على أساس حل الدولتين هو السبيل الوحيد للاستقرار والخروج من مشاهد القتل والعنف المستمرة منذ عقود؟». 
جلالة الملك عبدالله الثانى، القمة العربية الإسلامية. الرياض، السعودية.

حمل الملك الوصى الهاشمى صوت المملكة الأردنية الهاشمية، صوت الشعب الأردنى المكافح بقوة عن معاناة الشعب الفلسطينى، الرافض للحرب البشعة التى تقودها حكومة الاحتلال الإسرائيلى المتطرفة.
لم يكن خطاب الملك الوصى الهاشمى مجرد كشف عن واقع أو إدانة لحدث، بل كان صوتًا أردنيًا وعربيًا وإسلاميًا يحذر المنطقة والعالم والمجتمع الدولى من ويلات الحرب التى تخوضها دولة الاحتلال الصهيونى، على أهل وشعب غزة وكل الناس فى الضفة الغربية والقدس وبئر السبع، فالدم الأردنى شقيق الدم الفلسطينى، وهى سردية الأردن التى يقود جهودها حول العالم الملك الوصى الهاشمى، عترة الحمى النبوى الشريف، رسول الأمة ونبى الإنسانية. 
.. والملك، يقف وسط القمة، يتحدث بغضب وقوة محددات، تحرك وعى المجتمع الدولى، كاشفًا ما وصلت إليه الحرب على غزة من نقطة اللاعودة التى طالما نبه جلالته العالم من هذا العنف والدمار المجازر الصهيونية، ما أدخل المنطقة والإقليم ومنظومة الأمن والسلم والعلاقات الدولية وجيوسياسية المنطقة إلى ما قد تصل إلى من: «صدام كبير يدفع ثمنه الأبرياء من الجانبين وتطال نتائجه العالم كله إن لم تتوقف الحرب البشعة على غزة».

.. وفى التحليل، تأتى القمة العربية - الإسلامية المشتركة، بالتأكيد، مهمة بوصلة حراك، كما هى جولة من الجهود المشتركة، وهى جهد سياسى وأمنى «غير عادى» حول ما وصلت إليه الحرب على غزة، لتضع كل الدول المشاركة، رؤيتها وقراراتها، فى ذات الوقت عزز الملك مصداقية المملكة، وأنه على الأردن مواصلة القيام بواجبه فى إرسال المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين بكل الوسائل الممكنة، وهو الأمر الأساس، محليًا، ويشرف عليه الملك ورئاسة الحكومة والجيش العربى، ومنظمات ومؤسسات الإغاثة الأردنية.
خطاب الملك وضع المجتمع الدولى أمام «الحقيقة ما قبل النهاية»، هذا العنف العشوائية فى الحرب الإسرائيلية التى حوّلت غزة إلى حرب بشعة ومجازر ودمار وأهوال الحرب، لهذا: إن العالم سيدفع ثمن الفشل فى حل القضية الفلسطينية، ومعالجة المشكلة من جذورها.. وفى ذات الوقت منهجية حماية المدنيين، ضحايا الحرب، بل وقف الأعمال العسكرية والتهجير تمامًا، دون أى شروط مسبقة، منعًا لتطور الأزمة حقنًا لدماء الشعب الفلسطينى، فى مواجهة تمارس فيها دولة الاحتلال البطش المجازر دون رادع من المجتمع الدولى أو مجلس الأمن أو أى احترام للقانون الدولى. 
ويأتى خطاب الملك الوصى نقطة حراك عربى إسلامى لمتابعة الجهود الدبلوماسية والسياسية والأمنية، فى استدامة لتعريف العالم وأوروبا والولايات المتحدة والأمم المتحدة، وفق إضاءات ملكية، رهانها أن الحق أبلج وأن على المنطقة توحيد جهودها للضغط ومنع الحرب، وفق رؤى، حدد إطارها الملك الوصى الهاشمى، استنادًا إلى رؤية ملكية هاشمية سامية، لها تاريخها ودورها وثقافتها الوطنية التى تلتحم مع فلسطين المحتلة، وتجاهد لوقف الحرب، مجريات الثقافة السلام والتسامح والعودة إلى الحوار، والملك يناقش، مع المجتمع الدولى:

* أولًا: من أجل غزة وأهلها 
يقف الملك، يؤشر أننا نجتمع من أجل غزة وأهلها، وهم يتعرضون للقتل والتدمير فى حرب بشعة يجب أن تتوقف فورًا، وإلا فإن منطقتنا قد تصل إلى صدام كبير يدفع ثمنه الأبرياء من الجانبين وتطال نتائجه العالم كله.

* ثانيًا: سبعة عقود سادت فيها عقلية القلعة وجدران العزل والاعتداء على المقدسات
هنا حقيقة ملكية إنسانية طالما نقلها الملك لكل العالم منذ أيام الأزمة والحرب الأولى: هذا الظلم لم يبدأ قبل شهر، بل هو امتداد لأكثر من سبعة عقود سادت فيها عقلية القلعة وجدران العزل والاعتداء على المقدسات والحقوق، وغالبية ضحاياها المدنيين الأبرياء.

* ثالثًا: استهدف المساجد والكنائس والمستشفيات
القمة العربية الإسلامية، تدين، قادة وشعوبًا: إنها العقلية ذاتها التى تريد تحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة، تستهدف المساجد والكنائس والمستشفيات، تقتل الأطباء وفرق الإنقاذ والإغاثة، وحتى الأطفال والشيوخ والنساء.

* رابعًا: تقرير المصير وقيام دولتهم المستقلة
ونجد الملك يصر، ويضع قادة الأمة نحو: إن الظلم الواقع على الأشقاء الفلسطينيين لهو دليل على فشل المجتمع الدولى فى إنصافهم وضمان حقوقهم فى الكرامة وتقرير المصير وقيام دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وتقرير المصير وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

* خامسًا:.. ولا يمكن السكوت
وهنا الموقف الأردنى - العربى، فلا يمكن السكوت على ما يواجهه قطاع غزة من أوضاع كارثية تخنق الحياة وتمنع وصول العلاج. بل يجب أن تبقى الممرات الإنسانية مستدامة وآمنة، ولا يمكن القبول بمنع الغذاء والدواء والمياه والكهرباء عن أهل غزة، فهذا السلوك هو جريمة حرب يجب أن يدينها العالم.

* سادسًا: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 
وإلى ما حققته الدبلوماسية العربية والمجتمع الدولى، فالملك يعيد التذكير: لقد كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن غزة انتصارًا للقيم الإنسانية، وانحيازه للحق فى الحياة والسلام، وإجماع عالميًا برفض الحرب، وهو قرار جاء بجهد عربى مشترك.
وهذا القرار يجب أن يكون خطوة أولى لنعمل معًا لبناء تحالف سياسى لوقف الحرب والتهجير أولًا وفورًا، والبدء بعملية جادة للسلام فى الشرق الأوسط وعدم السماح بإعاقتها تحت أى ظرف، وإلا فإن البديل هو التطرف والكراهية والمزيد من المآسى.

* سابعًا: قضيتنا الشرعية العادلة
ومن وعى وثقافة وقوة تنوير أردنية هاشمية المنبت، قال الوصى الهاشمى، الملك الذى يخاطب المجتمع الدولى بحقيقة ثابتة:
إن قيم الإسلام والمسيحية واليهودية وقيمنا الإنسانية المشتركة، لا تقبل قتل المدنيين أو الوحشية التى تمثلت أمام العالم خلال الأسابيع الماضية من قتل ودمار. ولا يمكن أن نقبل أن تتحول قضيتنا الشرعية العادلة إلى بؤرة تشعل الصراع بين الأديان. 

.. عمليًا:
الأردن، والشعب الأردنى، والسلطات الدستورية والمؤسسات السياسية والوطنية والثقافية والشعبية، مع إرادة الملك الوصى الهاشمى وسمو ولى العهد، سعيًا إلى استمرار قدرتنا قوتنا ثقافتنا الأردنية، فى الحوار والإغاثية وأننا شعب، مع الملك الهاشمى؛ سيواصل الأردن القيام بواجبه فى إرسال المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين بكل الوسائل التى تتاح لنا،.. نؤمن التعزيز الملكى لقوة وثقافة السلام والحوار، وأن على المجتمع الدولى أن يعود لعقلية حماية الإنسانية ومنع استمرار الحرب والظلم.. كلنا مع إرادة القائد الأعلى، ومع قدرتنا على إغاثة غزة وكل فلسطين.