رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إسرائيل تنفجر من الداخل.. حرب بين نتنياهو وأجهزة الأمن والاستخبارات

انفجار فى الداخل
انفجار فى الداخل

أزمة جديدة تطفو على السطح بين بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، والمستوى الأمنى والاستخباراتى لديه، فى ظل الخلافات القائمة بينهما بالفعل حول مدى إمكانية، بل وجدوى الاجتياح البرى لقطاع غزة المحاصر.

وتمحور الخلاف الجديد بين الطرفين، خلال الساعات الماضية، حول من يتحمل المسئولية عن الإخفاق الأمنى الذى حدث فى ٧ أكتوبر الجارى، وأى الجهات التى قصرت خلال ذلك الحدث الذى هز إسرائيل.

نفى «نتنياهو» أن تكون أجهزة الأمن فى إسرائيل قد حذرته من أى هجوم مرتقب، محملًا المسئولية عن ذلك التقصير لجميع المسئولين الأمنيين، خاصة فى جهازى «أمان» و«الشاباك». 

وقال عبر حسابه الرسمى على منصة «إكس»: «خلافًا للادعاءات الباطلة.. لم يتم تحذير رئيس الوزراء نتنياهو تحت أى ظرف من الظروف، وفى أى مرحلة من نوايا الحرب من جانب حماس، بل على العكس من ذلك، قدر جميع المسئولين الأمنيين، بمن فيهم رئيس شعبة أمان العسكرية ورئيس الشاباك، أن حماس تراجعت ولجأت إلى التسوية».

وأضاف: «هذا هو التقييم الذى تم تقديمه مرارًا وتكرارًا إلى رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، ومن قبل جميع القوى الأمنية وأجهزة الاستخبارات حتى اندلاع الحرب».

وأرجع محللون حديث «نتنياهو» علنًا عن فشل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية فى توقع شن الحركات الفلسطينية هجومًا ضخمًا ضد إسرائيل، وما ترتب عليه من عدم الجهوزية الكافية لصد أى هجوم- إلى محاولته الإفلات من تحميله المسئولية وحده.

وجاءت اتهامات «نتنياهو» للجيش والاستخبارات بعد ساعات قليلة من مؤتمر صحفى مشترك مع يوآف جالانت وزير الجيش، وبينى جانتس الوزير فى حكومة الطوارئ، حيث وقفوا جنبًا إلى جنب ليؤكدوا أهمية مواجهة الخطر الذى يحيط بإسرائيل، وأن الجميع متحد من أجل ذلك.

ويكشف إلقاء «نتنياهو» اللوم علنًا على الأجهزة الأمنية على كل المستويات بالفشل أمام هجوم ٧ أكتوبر عن مدى الانقسام بين الحكومة والأجهزة الأمنية فى إسرائيل، ويدل حديثه بهذا الاندفاع بعد المؤتمر الصحفى على أن أزمة الثقة التى نشأت بين المستوى الأمنى والسياسى تعمقت على مدار الـ٢٣ يومًا الماضية، ما يجعل تركيزه ليس منصبًا على إدارة التصعيد فقط، بل جاء مشتتًا فى معارك أخرى داخلية، فهو يسعى لعدم تحمل مسئولية الفشل وحده، كما أن حكومته تقول علنًا إن هدفها هو القضاء على «حماس» داخل غزة، وهو هدف مرسل حتى الآن، كما تقول التقديرات الأمنية إن المستوى السياسى ليست لديه أهداف محددة لتنفيذها، كما أن غياب الخطة لمرحلة ما بعد «حماس» يصعب من إتمام المهمة، ويلقى عبئًا أكبر على تل أبيب.

وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن الهستيريا التى أصابت «نتنياهو» بعد المؤتمر الصحفى سببها سؤال المراسل العسكرى لإذاعة الجيش الإسرائيلى «دورون كادوش» حول أن شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» قدمت لرئيس الوزراء تقديرات الحرب منذ أشهر، وأن الردع الإسرائيلى قد تعرض للخطر بسبب التعديلات القضائية التى دعمها «نتنياهو» وأدت لأزمة داخلية، وأن إيران وحزب الله وحماس تدرك وجود فرصة للهجوم.

وبينت تلك التقديرات أن «نتنياهو» ربما أرجع ذلك إلى محاولة التلاعب السياسى من جانب الجيش، حيث إن تلك الموضوعات قد نشرت قبل عدة أشهر وقيلت علنًا مرارًا وتكرارًا، حسبما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وأوضحت أيضًا أن غضب «نتنياهو» ربما يكون رد فعل على ما قاله يورام كوهين رئيس الشاباك السابق، فى تصريحات تليفزيونية، بأنه، وحتى خلفاءه فى ذلك المنصب، نصحوا المستوى السياسى بشن ضربة استباقية ضد قيادة حماس، ومع ذلك تخوف المستوى السياسى من عواقب هذا الإجراء والتورط فى الحرب.

وأثار منشور «نتنياهو» عاصفة انتقاد قوية فى إسرائيل خاصة من قبل الوسط السياسى، ما دفعه إلى حذف المنشور بعد ساعات، وكتابة آخر يعتذر فيه عما قاله.

من جانبه، كتب «جانتس» ردًا على «نتنياهو»: «هذا الصباح على وجه الخصوص، أود دعم وتعزيز جميع قوات الأمن وجنود الجيش الإسرائيلى- بمن فى ذلك رئيس الأركان ورئيس أمان ورئيس الشاباك.. فعندما نكون فى حالة حرب، يجب على القيادة أن تظهر المسئولية، وتقرر القيام بالأشياء الصحيحة، وتعزيز القوات بطريقة تمكنها من تحقيق ما نطلبه منهم، وأى عمل أو بيان آخر يضر بالقدرة على الصمود وضرره.. وعلى رئيس الوزراء أن يتراجع عن تصريحه الليلة الماضية».

كذلك انتقد بتسلئيل سيموتريش، وزير المالية الإسرائيلى، «نتنياهو» علنًا، قائلًا: «نحن لا نضعف قادة الجيش الإسرائيلى، نحن لا نضعف رئيس الوزراء، نحن لا نضعف الإسرائيليين.. نحن نظهر المسئولية وندعم ونقوى بعضنا بعضًا، حتى عندما نكون مخطئين، فقط معًا، بعون الله، سننتصر».

بدوره، قال يائير لابيد زعيم المعارضة الإسرائيلية، إن «نتنياهو» تجاوز الخط الأحمر فى حديثه عن تقديرات أجهزة الأمن والاستخبارات، مضيفًا: «فى الوقت الذى يقاتل فيه جنود وقادة الجيش الإسرائيلى ببسالة ضد حماس وحزب الله، فهو ينخرط فى محاولات إلقاء اللوم عليهما بدلًا من تقديم الدعم لهما، ومحاولات الهروب من المسئولية وإلقاء اللوم على المؤسسة الأمنية.. هو يضعف الجيش الإسرائيلى بينما يقاتل أعداؤه إسرائيل.. يجب على نتنياهو أن يعتذر عن كلماته».

وفى رد فعل آخر يدل على مدى الغضب مما فعله «نتنياهو»، غرد جابى أشكنازى رئيس الأركان الإسرائيلى السابق، رغم عدم كتابته أى شىء عبر حسابه الشخصى منذ سبتمبر ٢٠٢٢، قائلًا: «سيدى رئيس الوزراء احذف التغريدة.. نحن فى حالة حرب».

كما تحدث جادى إيزنكوت عضو حكومة الطوارئ لإدارة الحرب، لأول مرة منذ بداية التصعيد الحالى، قائلًا: «بوصفى عضوًا فى مجلس الوزراء، أدعو رئيس الوزراء، الذى يتحمل المسئولية النهائية حفاظًا على أمن إسرائيل والمقيمين فيها، أن يتوقف فورًا عن انتقاد الأجهزة الواقعة تحت مسئوليته، ولا بد فى هذا الوقت من تقديم الدعم الكامل لرؤساء الأجهزة الأمنية والوقوف بجانبهم دون أى شروط، ومن يرى عن كثب رؤساء الأجهزة الأمنية وهم يقفون بثبات فى مقدمة الحرب بعد الضربة الموجعة التى تعرضنا لها، فلا شك لدىّ فى قدرتهم على تحقيق أهداف الحرب، ولقد حان الوقت للعمل والسعى لتحقيق الأهداف، هزيمة حماس، وإعادة المختطفين، ومحاسبة كل من تجرأ على رفع يده فى وجه إسرائيل وسكانها».

ولم يقتصر الغضب ضد «نتنياهو» على أعضاء حكومة الطوارئ الإسرائيلى فقط، بل امتد لأعضاء الكنيست، حيث قالت إفرات رايتن عضو عن حزب العمل: «تغريدة نتنياهو هذه تضعف الصمود، وتضعف الثقة، وتشير إلى أن تركيزه ليس على عودة المحتجزين، وليس على العودة الآمنة لأبنائنا من ساحة الحرب، وليس على مستقبلنا».

وتراجع «نتنياهو» فى وجه هذا الغضب، وحذف تغريدته الأولى، ونشر أخرى اعتذر فيها قائلًا: «لقد أخطأت.. الأشياء التى قلتها بعد المؤتمر الصحفى لم يكن ينبغى أن تقال، وأنا أعتذر عن ذلك».