رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مصر دولة لا تمس».. معركة الدلتا فى مواجهة نبوءة سفر إشيعاء

منذ اندلاع حالة الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الجاري، ولا يشغل بال المصريين إلا أمران اثنان دعم الأشقاء الفلسطينيين في قطاع في ظل الجرائم التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضدهم ليلا ونهارا من قصف متواصل من الجو والبر والبحر، وحالة الحصار الخانق التي يفرضها على القطاع وأهله في كل مناحي، بدءًا من الكهرباء والوقود وحتى الغذاء والماء والدواء.

الأمر الثاني وإن كان مقرونًا بالفعل بالأمر الأول في الترتيب والأهمية، والذي كان يشغل بال المصريين هو الأمن القومي المصري وحمايته والحفاظ عليه، هذا الاهتمام تضاعف وزاد أضعافا مضاعفة عقب الحديث عن مخططات تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء ومن الضفة الغربية إلى الأردن، ووجود دعوات رسمية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي لسكان غزة بالتحرك جنوبًا نحو معبر رفح والحدود مع مصر. 

لا يحتاج أحد إلى توضيح أن الأمن القومي المصري وحدود الدولة المصرية الضاربة في عمق التاريخ وبدايته، هو دائما الشغل الشاغل للمصريين منذ بدء الخليقة حكامًا وشعبًا، وقد خاضت مصر منذ العهود الأولى لأسلافنا قدماء المصريين الكثير من المعارك والحروب حفاظا على أمنها القومي وسيادة أراضيها وحفظ حدودها، كما حافظت عليها بالسلام القائم على الحق والعدل سلام الأقوياء.

 فكانت "قادش" هي أول معاهدة مكتوبة للسلام بين الدولة المصرية ودولة الحيثيين في عهد الملك رمسيس الثاني، وفي العصر الحديث عقدت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979 بعد انتصار حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، ومصر تحافظ على السلام وتصونه طالما التزم الطرف الآخر بذلك، وقادة مصر منذ الزعيم الشهيد محمد أنور السادات حتى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهم يؤكدون على ذلك. 

ولكن، منذ أيام ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، في خطاب له، عقب اجتماع لكابينت الحرب المصغر اقتباسات من سفر إشعياء في العهد القديم "التوراة" تتحدث عن خراب مصر لا سمح ولا قدر الله،  قاصدًا بها إضفاء حالة من "الدروشة" الدينية ورفعًا للروح المعنوية لمواطنيه كعادة اليمين الإسرائيلي، خاصة المتطرفين منه.

 

وفي مواجهة نبوءة سفر إشعياء، تحدثت لغتنا المصرية القديمة «أساس سجل التاريخ ومنشأه» عن انتصار مهم وكبير، وكان الأول من نوعه في تاريخ البشرية وكوكب الأرض، وهو معركة «الدلتا»، وفيها انتصر جدنا الملك المظفر رمسيس الثالث، حامل راية الإمبراطورية المصرية، على المعتدين من شعوب البحر في أول معركة بحرية بالتاريخ، وسجلت وقائعها على جدران معبد هابو بالقرب من الأقصر.

 واستحضر هنا فقرتين من تصريحات الرئيس السيسي، الأولى في تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميداني في السويس، حينما قال "لا تجعل الغضب والحماس يسيطروا عليك حتى تفكر بصورة تتجاوز فيها وتقول بعدها في وقت من الأوقات كان لابد عدم التجاوز هكذا، أوعى أوهام القوة تدفعك لأخذ قرار وتعمل إجراء تندم عليه فيما بعد، بعدم دراستك له جيدًا، لأنك كنت مدفوع بغضب وبحماس زائد عن اللازم". 

 والفقرة الثانية، أمس، هامش فعاليات النسخة الثانية من الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعة بمدينة القاهرة الجديدة، حيث قال الرئيس السيسي "امبارح كان فيه طائرات مسيرة دخلت وتم إسقاطها، أيا ما كان المكان اللي هي جاية منه، أنا حذرت قبل كده، من أن اتساع الصراع ليس في مصلحة المنطقة، وأن المنطقة هتبقى عبارة عن قنبلة موقوتة تؤذينا كلنا".

وأكد الرئيس أن "مصر دولة ذات سيادة وأرجو إن إحنا كلنا نحترم سيادتها ومكانتها.. وبدون تباهي، مصر دولة قوية جدا لا تُمس، مصر دولة قوية جدا لا تمس".

 لذا فإذا كانت أوهام البعض تحدثهم عن نبوءات لم ولن تحدث أبدًا بأمر الله، فإن أجدادنا أصل كل بداية في تاريخ البشر أسطورة أو واقع تركوا لنا الإرث والسر على جدران معابدنا فيها فصل القول وسر النصر، من بداية معرفة التوحيد وانتهاء بجينات حماية الأرض والعرض، والسلاح الذي لا نتركه قط حتى نذوق الموت والله على ما نقول شهيد.