رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أقنعة الخير السوداء.. مصر هى الهدف وليست فلسطين

لا أخفى فزعى الشديد من بعض ما قرأته من رسائل سواء مما وصلنى على الخاص أو من خلال بعض ما قرأت على مجموعات الواتساب التى تضم العديد من الدبلوماسيين العرب. هذا الفزع ليس فقط لنقص المعلومات لديهم، مع افتراض حسن النية، لكونهم دبلوماسيين بالدرجة الأولى وهمهم الأول هو العلاقات الدولية، وإنما أيضًا للهجوم غير المبرر على مصر لدرجة التشكيك والتخوين. وكأنهم يرتادون أقنعة الخير رغم وضوح أن ما يبطنوه عكس ما يظهرونه تحت أقنعة المكر والخبث والدهاء لدرجة الكره لمصر وللشعب المصرى.

ولذا قررت أن أكتب تعليقًا عامًا على الأفكار التى يروجون لها بين تلك المجموعات رغم فساد الأفكار وضلالها لدرجة أنه للوهلة الأولى يتصور من يقرأ كلماتهم يظن أن من يكتب ينتمى إلى الفاشية الدينية للإسلام السياسى أو للسفسطائية الحنجورية التى لا فائدة منها سوى المغازلة غير العفيفة للعوام والدهماء والجماهير الغفيرة فى الشارع.

لم تستهدف قمة مصر للسلام إصدار أى بيان على غرار بيانات الجامعة العربية للشجب والإدانة والإشادة والتقدير، بقدر ما استهدفت عرض القضية الفلسطينية بتداعياتها الدموية أمام دول العالم حتى يكون الجميع على قدر المسئولية. الظرف الحالى ليس وقت بيانات وهمية افتراضية. ولا يسمح الوقت بانتظار عقد لقاءات المباحثات وجلسات الاستماع.. فكل ساعة تمر هى خصم من رصيد استقرار القضية الفلسطينية، وبدلات ومكافآت لمرتادى تلك الاجتماعات والجلسات.

مصر مع القضية الفلسطينية، وأحد نجاحات قمة مصر للسلام هو التأكيد على بعض الرسائل الهامة لموقف مصر التاريخى الواضح والثابت المستمر. وهو فى كل الأحوال موقف ينحاز للشعب الفلسطينى بعيدًا عن الانقسامات الداخلية بين منظمات وحركات غير شرعية.. تنتقص من قوة السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخبة. كما أن مصر لها تاريخ طويل من رعاية المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية المختلفة رغم انحياز بعضهم المستمر لمصالحهم وأجندتهم الخاصة. ورغم ما عانيناه من تصرفات ومواقف غير مقبولة من بعضهم ضد المجتمع المصرى.

يدفع البعض بدق طبول الحرب، والغريب أن بعض الموتورين من هنا وهناك وعلى مجموعات النيو ميديا الافتراضية يلمح بالغمز واللمز بتقاعس مصر عن محاربة إسرائيل. وتتم كل تلك الدعوات من خلف شاشات السوشيال ميديا ومن القاعات المكيفة أثناء احتساء القهوة العربية. ولم يسأل أحد منهم: لماذا الدفع بمصر للاشتباك فى حرب هى ليست حربها في الأساس؟ ولماذا لا تقوم دول أشاوس من يطالب بذلك بإعلان حالة الحرب على إسرائيل؟ ومن الأصل: لماذا لا يجاهد هؤلاء الدبلوماسيين وغيرهم مباشرة بالسفر لغزة قبل أن يحملوا مصر ما لم يقدروا هم عليه؟

تأكيدًا لثوابت تاريخية، مصر لن تحارب بالوكالة، وهى شريك سلام وليس وسيطا لتحقيق مصالح ما، ولن تكون مصر السبب فى إنهاء الدولة الفلسطينية وتصفية قضيتهم الوطنية بالموافقة على التهجير أو التوطين على الأراضى المصرية، وهو حق وطنى ودولى وإنسانى. والأفضل بدلًا من نغمة التشكيك فى الموقف المصرى، أن تقوم دول المنطقة ودول العالم بمسئوليتها فى القيام بدور حقيقى لصالح الشعب الفلسطينى واستقراره.

يدفع الشعب الفلسطينى ثمن ترك نمو الحركات الإسلامية الجهادية غير الرسمية تتضخم إلى هذا الحد، وهى التى ساهمت فى الوصول لتلك الأزمة التى تعيد القضية الفلسطينية إلى أجواء 1948. وأعطت الفرصة لإسرائيل لرفض كافة قنوات الحوار والمفاوضات. وحان الوقت لإعلان حكومة الرئيس محمود عباس باعتبارها حكومة الشعب الفلسطينى كله المسئولة والممثلة للحديث والتفاوض باسمه فى كل المفاوضات على مستوى العالم.  

 

نقطة ومن أول الصبر..

مصر هى الهدف.

الأمن القومى المصرى خط أحمر.

أزمة غزة.. قضية كاشفة لإسقاط الأقنعة السوداء لبعض من يصدر نفسه باعتباره من أهل الخير، رغم أنه سيظل سمسارًا للمتاجرة بالإنسانية لبلده قبل غيره.

 

3