رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رغم انخراطه في المقاومة الفرنسية.. هذا موقف "سارتر" من القضية الفلسطينية

سارتر
سارتر

جان بول سارتر والذي يتزامن تاريخ اليوم مع رفضه لجائزة نوبل، وخلال احتلال ألمانيا النازية، انخرط جان بول سارتر، الفيلسوف الفرنسي، في مقاومة غزو النازي لبلده فرنسا، لكنه وعلي الجانب الآخر، وظف فلسفته وساهم في تأكيد أوهام الصهيونية، حتي إنه اعترف بشرعية إسرائيل في العام 1976.

تأملات في المسألة اليهودية

وبين العشرات من مؤلفات جان بول سارتر، يأتي كتابه “تأملات في المسألة اليهودية”، والصادر عن دار روافد للنشر في نسخته العربية بترجمة ودراسة للباحث دكتور حاتم الجوهري، والذي يكشف من خلاله كيف أن جان بول سارتر  وظف فلسفته لصالح تأكيد أوهام صهيونية، بذَرِيعة الاضطهاد الذي لاقاه اليهود فى تاريخ العالم. 

وقد تناسى أن الذين اضطهدوا اليهود هم أنفسهم الدول الأوروبية التي استعمرت الشعوب العربية واغتصبت أراضيها وثرواتها، وأن التخلص من عقدة الذنب الأوروبي تجاه اليهود ليس حله أن يمكنوهم من الأراضي العربية تحت حجج واهية وأساطير لاهوتية مزيفة، وإنما بأن يعتذروا لهم عن تلك المحارق المزعومة وأن يعوضوهم بالأموال والاستقرار وعدم الاحتقار عن المهانة التي لحقت بهم ولم يكن للعرب فيها ذنب لا من قريب ولا من بعيد! أما أن يعتبر أن اغتصاب الأرض الفلسطينية والعنف الذي مارسه الصهاينة مع أصحاب الأرض الأصليين هو وسيلة للتحرر وخلق الذات اليهودية، فهذا هو مكمن التناقض الشديد.

ويؤكد “الجوهري” أن من أهم أسس جان بول سارتر فى مقاربته لوجود دولة إسرائيل فى فلسفته "الصهيونية الوجودية"، هو التعامل مع المشكلة كواقع موجود بالفعل وأمرا مسلما به، بغض النظر عن تاريخه، مع تهميش أو إنكار ما نتج عنه من مشاكل تخص وجود الشعب الفلسطينى الذى قام سارتر باضطهاده ونفيه ومصادرة حريته الوجودية؛ مساويا بين المعتدى والمعتدى عليه، حيث يرى سارتر النزاع العربي-الإسرائيلي صراعا بين مضطهدين يصعب حله، إذ يستوجب –حسب رأيه- التسليم بحقيقتين متضادتين: فمن ناحية لابد من كيان وطني لضحايا اللاسامية القدامي، ومن ناحية أخرى، لابد من تمكين الفلسطينيين من حقهم في الرجوع إلي الوطن الأم، وفى سعيه لدعم حرية اليهودى صاحب الصورة النمطية فى أوربا.

يرى جان بول سارتر  أن وجود الكيان الصهيوني في فلسطين معطى تاريخي لا يمكن الطعن فيه، وأن المشكل الذي ما زال معلقًا هو وجود اللاجئين الفلسطينيين، لا وجود الشعب الفلسطيني.

يذهب “الجوهري”،  إلي أن جان بول سارتر  كثيرا ما تحدث عن اللاجئ الفلسطيني فى الشتات وحقه، لكنه سكت طويلا عن الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال فى أرضه تحدث عن الحقوق والأوضاع الإنسانية لكنه أبدا لم يرد فى ذهنه أن يتحدث عن الدولة عن ذلك الكيان السياسي للفلسطينيين، ربما كان جان بول سارتر  فى وعيه الباطن يعلم حتمية الصراع بين الكيانين، لذا اختار الانحياز لمنطقه الفلسفي المزعوم عن "الوجودية اليهودية" وتمثلها الصهيوني على أرض فلسطين وحين كان يتحدث عن الفلسطينيين كان يتحدث بصيغة التعاطف، والأسى والمطالبة ببعض الحقوق الإنسانية، لكنه أبدا لم يتخذ موقفا واضحا من حق الفلسطينيين فى تكوين دولة، لأنها ببساطة كانت ستقف فى وجه تصوره المزعوم عن ممارسة اليهود لحقهم الوجودي فى الموقف الحر على أرض فلسطين وعلى حساب سكانها من العرب فكان موقفه من الدولة الفلسطينية واضحا للجميع.