رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وردد الجبل الصدى

عندما قرّر حسيني ترك الطب من أجل الأدب، لم يخطر بباله قط أن الجمهور سيستقبله كنجمٍ هوليوودي، وهذا هو حاله اليوم، محاطًا بمجموعة من وكلاء وأصحاب دور النشر العالمية، بعد "عداء الطائرة الورقية" يصدر لخالد حسيني "ورددت الجبال الصدى". 

تدور أجواء وأحداث الرواية بين أفغانستان، فرنسا، اليونان، والولايات المتحدة، لتربط الأشخاص بالأحداث، عبر مسافات زمنية ومكانية متباعدة.

حكى الأب قصته ليلة أن قرر التخلي عن فاري، يتيمة الأم، لعائلة ثرية في كابول ليس لها أولاد. عبدالله الأخ الأكبر لفاري، وهو الذي رباها بكل ما للكلمة من معنى، فقد ماتت والدتهما وهي تضع فاري، لهذا قام عبدالله بملء الفراغ الذي تركته أمه، وكان لفاري الأم البديلة والأخ في آنٍ واحد. 

الأب يحكي لطفليه (عبدالله وفاري) قصة الجني المارد الذي يتجول في القرى الأفغانية في الجبال مطالبًا بنصيبه من أطفال القرية، حيث تقول القصة إنه يأكلهم وهو يعيش في قلعة عالية بعيدة لم يستطع أحد الوصول إليها.

تقع القرعة ذلك العام على الطفل المحبوب، فيسلمه والده للجني، لكن الأب يجن ويسلك طريقا شاقا ليتحدى المارد الذي بدوره يُعجب بالأب وبجرأته، وبناءً عليه يقرر إطلاعه على "الجنة" التي يعيش بها "المخطوفون"، فهم يحصلون على كل ما يتمناه والد لأولاده. 

يفتر غضب وحقد الأب على الجني، لكنه لا يستطيع الحديث مع ابنه، فالابن خلف جدار زجاجي يلهو مع أقرانه وهم في قمة السعادة. يعطف الجني على الوالد ويعطيه زجاجة "مشروب " ليحتسيها في طريق عودته إلى القرية، المشروب السحري يُنسي الأب كل ما رأى.

فاري، التي يبيعها والدها، تصبح دكتورة في الرياضيات، أما أخوها من أبيها وزوجة أبيها، لا يجد قوت يومه وقوت أولاده إلا بصعوبة. فما هو الخير وما هو الشر؟

والد فاري بالتبني رسام تزوج من شاعرة تقتحم الممنوع في مجتمع تقليدي، ويتضح أنه مثلي الجنس مغرم بسائقه. الخيط الرفيع الذي يوحّد الرواية هو قصة الأخوين، عبدالله وفاري، حيث يفرق القدر بينهما، ثم يلتقيان مرة أخرى، لكن عبدالله الذي أطلق اسم فاري على ابنته الوحيدة لا يستطيع تذكر أخته، أخته التي احتفظ لها عشرات السنين بمجموعة من ريش الطيور الملونة التي جمعاها سويا، لا فاري تذكر مجموعة الريش، ولا عبدالله يذكر أخته التي أحبها أكثر من أى شىء.

ونهاية القول الذى لن ينتهى عن رواية مشوقة كمثل تلك الرواية، إن إحداث الرواية تمتد لما يقارب الستين عاما، تحكي قصة أفغانستان من العصر الملكي إلى عصر حكم  كرزاي، وتُعاصر وترصد  التحولات والتغيرات وأثرها على حياة الأفراد والمجموعات.

هامش:

كرزاي: بدأ كمساعد وزير الخارجية فى حكومة طالبان، ثم انتُخب رئيسا لجمهورية أفغانستان الإسلامية عام 2004.