رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

موقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن من حرب إسرائيل على فلسطين

مجلس الامن
مجلس الامن

مع تصاعد وتيرة الأحداث خلال الفترة الماضية بشأن القضية الفلسطينية والانتهاكات التي تحدث من قبل العدوان الإسرائيلي في حق الفلسطينيين، وسط صمت مخجل من قبل المجتمع الدولي.

نستعرض في السطور التالية دور دول مجلس الأمن دائمة العضوية تجاه الدفاع عن حق الفلسطينيين في أرضهم وبشأن القضية الفلسطينية عامةً.

الولايات المتحدة الأمريكية

لا تخفي الولايات المتحدة انحيازها الكامل للسياسات الإسرائيلية بل باتت تشجع قيام دولة يهودية عنصرية، حيث قدمت ولا تزال تقدم كل أوجه الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل واستخدمت حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن عشرات المرات لمنع إصدار قرارات تدين إسرائيل واعتداءاتها المتكررة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

مارست الولايات المتحدة ضغوطا كبيرة في الجمعية العامة لتمرير قرار التقسيم رقم (181) لعام 1947.

تقوم الولايات المتحدة بدور الراعي الرئيسي لعملية السلام في الشرق الأوسط، وقد عبرت مرارا عن تمسكها بالحلول السلمية للصراع، وطرحت عدة مبادرات لحل القضية الفلسطينية بشكل سلمي، وقد تبنت هذا الأمر في وثائق كامب ديفيد 1978، ومؤتمر مدريد للسلام عام 1991 والتي اعتبرت الأساس الذي بني عليه اتفاق أوسلو عام 1993 الذي تم التوقيع عليه في البيت الأبيض.

يمثل الدور الأمريكي عاملا من عوامل فشل المفاوضات وعدم استمرارها، فالولايات المتحدة تسعى من خلال المفاوضات للحفاظ على مكتسبات "إسرائيل" والضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بالمقترحات التي تقدمها دون أي ضغط يذكر على "إسرائيل" للتراجع عن ممارساتها الاستيطانية في الأراضي المحتلة.

عارضت الولايات المتحدة حصول منظمة التحرير على عضوية كاملة في الأمم المتحدة وهددت باستخدام الفيتو في مجلس الأمن في حال التقدم بمشروع قرار بشأن ذلك. تتماهى السياسة الأمريكية مع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، ويقف الأمريكيون دومًا موقفًا منحازا بشكل واضح لإسرائيل، رغم محاولتهم إظهار شيء من التوازن في بعض القضايا.

اتخذت الدوائر الأميركية الرسمية وغير الرسمية، مواقف مؤيدة لإسرائيل؛ حيث لم يطالب أحد بوقف وخفض التصعيد أو وقف إطلاق النار أو إنهاء العنف وإراقة الدماء أو استعادة الهدوء.

أكدت واشنطن على ضرورة الإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، كما شددت على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها واجتثاث حركة حماس من قطاع غزةـ كما شبهت حركة حماس بتنظيم داعش الإرهابي، والتنديد بما اعتبرته "فظائع" ارتكبتها الحركة ضد المدنيين الإسرائيليين من النساء والأطفال والعجائز.

قدمت الولايات المتحدة دعمًا سياسيًا وعسكريا واسعًا لإسرائيل حيث توالت الزيارات الأمريكية رفيعة المستوى إلى تل أبيب، بدأها وزير الخارجية أنتوني بلينكن (ضمن جولة إقليمية أوسع، ووزير الدفاع لويد أوستن، وأخيرًا الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقد هدفت هذه الزيارات إلى إبراز الموقف الأمريكي الداعم للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة. أما عسكريًا فقد أرسلت واشنطن حاملتي الطائرات جيرالد فورد وآیزنهاور إلى البحر الأبيض المتوسط لدعم إسرائيل.

تعمل الولايات المتحدة على إقناع شركات الدفاع الأمريكية بتسريع طلبات الأسلحة التي تقدمت بها إسرائيل بالفعل قبل الحرب وأهمها الحصول على ذخائر لنظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية" بشكل سريع.

المصالح الأمريكية المرتبطة بالصراع

تمتلك إسرائيل موقعًا جغرافيا، يخدم الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، وأيضا بنية تحتية وقدرات لوجستية تميزها عن بقية حلفاء الولايات المتحدة، إضافة إلى القدرة الدفاعية القادرة على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة والتي تمكنها من إمكانية التدخل العسكري المباشر أو بالوكالة

تُشكل القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية والنووية لإسرائيل عاملا موازنًا لإيران في الشرق الأوسط، ووجود تعاون استخباراتي وعسكري وثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث يعملان معا في العديد من المشاريع التكنولوجية والاستخبارية، إلى جانب المشاريع الاقتصادية؛ إذ تستورد إسرائيل كميات كبيرة من الأسلحة والتكنولوجيا من الولايات المتحدة.

الصين

أصدرت الصين في اليوم التالي لاندلاع الحرب بيانًا دعت من خلاله "الأطراف المعنية إلى التزام الهدوء وضبط النفس وإنهاء الأعمال العدائية على الفور لحماية المدنيين"، دون ذكر حماس فيه. كما أدانت في بيان أخر الضرر الذي يلحق بالمدنيين موضحة أنها: "صديقة لكل من إسرائيل وفلسطين". فضلًا عن دعمها لحل الدولتين الذي من شأنه إنشاء وطن فلسطيني مستقل.

كما تواصل المبعوث الصيني للشرق الأوسط، تشاي جون مع مسؤولين فلسطينيين ومصريين وإسرائيليين للتأكيد على أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار وتقديم دعم إنساني للشعب الفلسطيني. كما وجه رسالة إلى المسؤولين الإسرائيليين مفادها أن الصين: "ليس لديها مصالح أنانية بشأن القضية الفلسطينية، ولكنها تقف دائما إلى جانب السلام".

المصالح الصينية المرتبطة بالصراع

يرجع الدعم الصيني للقضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، إلى سعيها لتحقيق توازن بين العلاقات الوثيقة مع إسرائيل وجهودهما الدبلوماسية الأوسع لكسب حلفاء في العالم العربي والإسلامي على نطاق أوسع، مثل إيران التي تربطها علاقات تجارية وسياسية وثيقة مع إيران، التي تدعم بدورها حماس وحزب الله اللبناني.

 تقدم الصين نفسها كوسيط مُحتمل بين طرفي الصراع، انطلاقًا من سعيها لأن تصبح لاعبًا أكثر نفوذا في المنطقة، مستفيدة من الاستياء العربي تجاه الدعم الأمريكي لإسرائيل، الذي قد يمنحها أيضا فرصة لتوسيع مبيعاتها من الأسلحة للدول العربية، بجانب ضمان تأمين مصالحها الاقتصادية في المنطقة. 

انعكس هذا التوجه في الوساطة الصينية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران مما أدى إلى بناء أوراق اعتمادها كبديل للولايات المتحدة في التوسط في اتفاقيات السلام.

فرنسا

أكدت فرنسا دعمها لإسرائيل، وردها المشروع على ما وصفته بـ "الأعمال الإرهابية"، واعتبرت أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها والقضاء على الجماعات الإرهابية، بما في ذلك حماس.

دعت فرنسا إلى حماية السكان المدنيين في غزة، ونددت بالقصف الذي طال مستشفى المعمداني، ودعت أيضا إلى إتاحة وصول المساعدات الإنسانية للقطاع بدون تأخير. رفضت فرنسا تعليق المساعدات للفلسطينيين.

أعلنت فرنسا تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، وقد أوضح وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو في مقابلة مع مجموعة "إيبرا" الصحافية، أن فرنسا تقدم معلومات استخبارية لإسرائيل.

حكم رد الفعل الرسمي الموقف الداخلي، حيث يوجد في فرنسا أكبر جالية يهودية في أوروبا يبلغ عددهم حوالي 500 ألف نسمة، وكذلك واحدة من أكبر الجاليات الإسلامية في أوروبا، حيث يقدر عددهم بـ5 ملايين شخص، ولذلك تم السعي لتجنب الاشتباك بين الطرفين. أمر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بحظر منهجي للمظاهرات وبخاصة المؤيدة لفلسطين للتخوف من إثارتها للاستقرار العام، وهو ما قوبل باستهجان لتجاوزه للقواعد الديمقراطية.

جمهورية روسيا الاتحادية

تشكل الموقف الروسي من القضية بشكل واضح منذ عام 2002، كجزء من مشاركتها بجانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، في "اللجنة الرباعية" للقوى المكلفة بالمساعدة في الوساطة.

تدعو روسيا باستمرار إلى حل الدولتين وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، كما تحافظ على علاقات دبلوماسية واقتصادية مع كلا من إسرائيل والدول العربية. بالإضافة إلى معارضتها القرارات والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب مثل الاستيطان، واتهام واشنطن بالتحيز لإسرائيل وعدم الالتزام بالحياد.

يرجع الموقف الروسي التاريخي من الصراع العربي الإسرائيلي إلى عدد من العوامل تتمثل في رؤية روسيا بإنها دولة محايدة في هذا الصراع، ولا تؤيد أيًا من الطرفين بشكل كامل؛ بالإضافة على لعبها دور الوسيط بين طرفي الصراع من أجل الوصول لتسوية سلمية بشأنه.

كما يرتبط الموقف الروسي من الصراع بالمنافسة الجيوسياسية مع الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل. على صعيد آخر، تحتفظ روسيا بعلاقات اقتصادية وتجارية متزايد مع إسرائيل. هذا المزيج من العوامل يؤثر على تكوين موقف محدد لروسيا من القضية الفلسطينية، اعتمادها على الحياد النسبي لزيادة تأثيرها كوسيط بين الأطراف.

الموقف من حرب غزة الحالية 2023 حماس - إسرائيل:

دعا وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" جميع الأطراف المعنية إلى تكثيف الجهود من أجل ضمان الظروف الملائمة للاستئناف السريع لعملية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي ينبغي أن تتوج بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة داخل الأراضي، والتعايش بسلام بين الدولتين.

شبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل على غزة بالحصار الذي فرضه النازيين على لينينغراد خلال الحرب العالمية الثانية، كما صرح إن إسرائيل تعرضت لهجوم غير مسبوق في قسوته من قبل نشطاء حماس وإن لها الحق في الدفاع عن نفسها لكنها ترد بأساليب قاسية من جانها، كما إن الخسائر في صفوف المدنيين المحتملة في حالة وقوع هجوم بري إسرائيلي ستكون غير مقبولة على الإطلاق، الشيء الرئيسي الآن هو وقف إراقة الدماء".

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن تفجر العنف بين إسرائيل والفلسطينيين يظهر أن السياسة الأمريكية فشلت في الشرق الأوسط ولم تأخذ في الاعتبار احتياجات الفلسطينيين.

وهو ما أوضحه خلال محادثاته مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لإلقاء اللوم في التصعيد الحاد على سنوات السياسة الأمريكية في المنطقة، قائلا إن واشنطن سعت إلى احتكار الجهود الرامية إلى تحقيق السلام واتهمها بالفشل في التوصل إلى حلول وسط عملية، كما تجاهلت مصالح الفلسطينيين، بما في ذلك حاجتهم إلى دولتهم الفلسطينية المستقلة.

قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، إن الكرملين على اتصال بالطرفين المتحاربين، وسيسعى للعب دورا في حل الصراع، لكنه لم يحدد كيفية القيام بذلك، فيما حذر بيسكوف من أن الصراع يهدد بالامتداد إلى مناطق أخرى.

صرح المسؤولون الروس على أن موسكو يمكن أن تساعد في الوساطة لأن لها علاقات مع إسرائيل والفلسطينيين وجماعات مثل حماس وحزب الله وإيران والقوى العربية الكبرى في المقابل يتم إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في الصراع، وهو ما أشار إليه السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا قائل: إن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن الحرب التي تلوح في الأفق في الشرق الأوسط".

المملكة المتحدة البريطانية

تقف بريطانيا إلى جانب إسرائيل، وتدعم حقها في الدفاع عن نفسها، وإن كانت تحثها على التحلي بضبط النفس في أي عمل عسكري ضد حركة حماس، من أجل تقليل إلحاق الضرر بالمدنيين.

قررت بريطانيا إرسال سفينتين حربيتين تابعتين للبحرية الملكية وثلاث مروحيات وجنود مشاة بحرية إلى شرق المتوسط، لدعم إسرائيل وتعزيز الأمن الإقليمي ومنع أي تصعيد.

أعلنت بريطانيا في البداية وقف المساعدات التنموية التي تقدمها للفلسطينيين، لكنها

تراجعت عن ذلك بل أعلنت رفع حجم المساعدات بمقدار الثلث، مع دعم إضافي قدره 10 ملايين جنيه إسترليني.

المصالح البريطانية المرتبطة بالصراع

يتعلق الموقف البريطاني من القضية الفلسطينية بمصالحها المباشرة في منطقة الشرق الأوسط والتي تتطلب حالة من الاستقرار دون التخلي عن أمن إسرائيل، ومن هذه عقود شراء الأسلحة، والعمل كمزود للطاقة وهو عامل زادت أهميته بشكل كبير عقب الحرب الأوكرانية حيث أرادت بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى بدلاء للطاقة الروسية، كما تضم المنطقة بعض الدول الثرية والمستهلكة التي تساهم في تحسين اقتصاد المملكة المتحدة. 

كذلك تحتفظ بريطانيا بتواجد استثماري قوي عن طريق الشركات المختلفة وأبرزها شركات الطاقة العاملة في المنطقة، علاوة على ذلك، تتعاطى بريطانيا مع ملفي الإرهاب والبرنامج النووي الإيراني، وهما ملفان تمتلك فيهما رؤية مشتركة مع إسرائيل.