رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحديات تحتاج إلى كل المصريين

نختلف مع أى نظام سياسى لأنه متغير وهذا حق دستورى وقانونى، ولكن لا خلاف على الوطن لأن الوطن هو الباقى والخالد. كما أنه من الطبيعى أن تختلف الآراء حول القرارات والسياسات؛ نظرًا لاختلاف التوجهات والمواقف السياسية، ومن الطبيعى أن يكون هذا الخلاف قاصدًا المصلحة العامة للجماهير، والتى هى فى المحصلة الأخيرة مصلحة الوطن. 

وهذا بالطبع غير من يتلفحون بعباءة المعارضة وهم قاصدين السوء بالوطن وليس النظام السياسى. فهناك فارق بين هذا وبين ذاك. هذه مقدمة لا بد منها باعتبارى محسوبًا دائمًا على المعارضة التى هى جزء من النظام الدستورى، التى بدونها لا تستقيم الأمور السياسية. 

وفى الغالب دائما ما تكون المواقف المعارضة فى إطار السياسات الداخلية حيث إن هذه السياسات تمس بشكل مباشر حياة الغالبية الغالبة من الجماهير المصرية، أما السياسة الخارجية هنا لا بد أن نقول إن السياسة الخارجية المصرية تعتمد تاريخيًا منذ إنشاء وزارة الخارجية المصرية منذ قرن تقريبًا على ثوابت وطنية حددتها الجغرافيا وعمقها التاريخ، وأكدها موقع مصر المميز، فقد كانت هذه الثوابت تعبيرًا عن الدور التاريخى الذى لعبته مصر تمسكًا بمبادئ لا تتغير استراتيجيًا، وإن كانت لا تتجمد تكتيكيًا أهمها الحفاظ على الأرض، عدم التدخل فى شئون الآخر، كما أنه ليس من حق الآخر التدخل فى شئوننا، تأخذ بيد الصديق وترد كيد العدو، وكانت هذه الثوابت نتيجة لقراءة تاريخية لموقع مصر المميز والمتميز، والذى كان طوال التاريخ موضع طمع واستغلال لكل القوى الاستعمارية على مدى التاريخ، وبكل مسميات تلك القوى منذ فجر التاريخ حتى الاستعمار البريطانى، هنا من الطبيعى أن تظل هذه المطامع قائمة دائمًا وأبدًا. 

وعلى ذلك نرى الآن آثار تلك المطامع التى تحيط بالوطن من كل جانب وعلى كل المستويات، فهناك مشاكل اقتصادية لا ننكر آثارها السلبية على حياة المواطن، وهناك مشكلة سد النهضة التى تمثل خطرًا حقيقيًا على حياة المصريين بعيدًا عن الخلاف حول ما أوصلنا لهذا منذ ٢٥ يناير، وهناك تحالف غربى إسرائيلى عربى للآسف يريد لعب دورًا إقليميًا وعلى حساب مصر، ظهر هذا فى إعلان ما يسمى ممر الهند الذى يمر إلى الإمارات السعودية إسرائيل وأوروبا، والذى يهدف إلى تهميش قناة السويس، وما يستتبع ذلك على كل المستويات، ناهيك عن الموقف الاقتصادى الذى تم من بعض الدول العربية فى سياق الاتفاق مع صندوق النقد، وعدم مد يد المساعدة، هناك تهديدات مباشرة وغير مباشرة من الحدود السودانية نتيجة لتلك الحرب السودانية التى إذا استمرت فلن تبقى على أحد، هناك التهديدات من الحدود الغربية الليبية والتى كانت خطًا أحمر بالنسبة للأمن القومى المصرى، أما الحدود الشرقية هنا لا بد من توضيح عدة أشياء، ويؤكد التاريخ أن تهديد الأمن الوطنى المصرى دائمًا يأتى من الحدود الشرقية، ولذلك كان الاهتمام بالمشكلة الفلسطينية يعنى الاهتمام بمشكلة شعب تم تهجيره، والاستيلاء على وطنه لصالح جماعة استغلت الأساطير الدينية والمساعدات الاستعمارية حتى تكون هذه الدولة المصنعة حامية للمصالح الاستعمارية ومهددة لكل النظم العربية، وعلى رأسها مصر باعتبار مصر هدفًا استراتيجيًا لإعلان «إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات»، ودليل ذلك هذا الإصرار الأمريكى الغربى الذى يعمل لمصلحة إسرائيل حماية لمصالحه، وإيمانًا بما يسمى «بالمسيحية الصهيونية» والذى يتمثل فى الإصرار على أن تكون سيناء الوطن البديل للفلسطينيين حتى تنتهى القضية والى الأبد وعلى حساب مصر، هنا هل أدركنا الارتباط المصيرى بين القضية الفلسطينية وبين الأمن القومى المصرى؟ ولذلك نرى ما يحدث الآن من الضغط على مصر لقبول هذا المخطط الاستعماري الذى عرض على كل الأنظمة المصرية وتم رفضه تمامًا باستثناء حكم الجماعة! هنا ولذلك لا بد أن نقف يدًا واحدة مؤجلين الخلافات المؤقتة التى يجب أن تحل فى إطار الممارسات السياسية والحزبية الدستورية والقانونية، فالشعب المصرى بتاريخه المجيد دائمًا يؤكد أنه شعب لا يقهر وإن مرض فلا يموت. 

الموقف الآن لايحتاج إلى أى تردد حول الإسراع بإعلان التجمع الوطنى مع القيادة السياسية فى هذا الإطار، أما الانتخابات الرئاسية والتى أعلن فيها أسماء المرشحين، وفى ظل الظروف والتحديات الحالية وحبا فى سلامة الوطن، وفى ظل عدم وجود البديل، نظرا للانغلاق السياسى فسيكون السيسى هو مرشح الضرورة. وسنفصل موقفنا لاحقًا إن شاء الله. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها الوطنى.