رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يتعاطفون معهم!

مثل أطفال نجحوا فى سرقة مفاتيح سيارة، واندفعوا بها بسرعة ٢٠٠ كيلومتر، لن تستغرق وقتًا طويلًا إلى أن تصطدم بالحائط وتتحطم وهكذا تصل إلى نهاية طريقها، لكن هذه المرة نحن لسنا فقط من نتابع السيارة من بعيد، الحقيقة أننا جميعنا فى تلك السيارة.

بإمكانى أن أقول إنها الحرب التى لن تنتهى، وربما تُغير وجه الشرق الأوسط، عندما قال نتنياهو ذلك اعتقدنا أنه مجرد تهديد، لكنها مع الأسف الحقيقة.. الطريق إلى حرب إقليمية شاملة مفتوح وممهد.

الحرب هى الحرب، والصواريخ هى الصواريخ، حروب لبنان، وحروب غزة، والعمليات والاغتيالات، كل شىء مثلما كان، الخوف والقتل والهلع والدماء والكثير من القتلى والكثير من الضحايا والكثير ممن يتحملون المسئولية أيضًا، كل هذه الأشياء عرفناها وتابعناها خلال العقود الأخيرة، شاهد الفيديوهات ستشعر أنه مسلسل يتم تكراره.

هناك من يقول إنه لا يهم المعارك، يهم ما قِيل عنها، اليوم تغيرت الرسالة، لا يهم المعارك بل يهم ما تم تسريبه على مواقع التوصل الاجتماعى منها، اليوم هناك شىء جديد، شىء لم نعرفه من قبل، وهو أن إسرائيل كسبت تعاطف العالم «ليس كله ولكن معظمه»، لماذا؟!

الصور الفظيعة، مشهد الإسرائيليين وهم يُختطفون من قِبل عناصر حماس، السيدات المسنات خلف عناصر حماس على الموتوسيكلات، والدماء والقتلى، كلها مشاهد ليست تقليدية، لا أحد يتذكر أنه حدث فى أى من الحروب السابقة، دومًا كنا نرى مشاهد الدمار والقتل فى غزة، وكان وقتها العالم يصرخ لوقف الحرب من أجل سكان غزة.

اليوم المشهد مختلف، الصور جاءت من الجانبين، القتلى من الجانبين، والعملية الاستباقية كانت لحماس، العالم لا يحب العمليات الاستباقية، اليوم وأمام عيون العالم، إسرائيل تدافع عن نفسها.

ألف صورة لمبانى غزة المهدومة لن تغير شيئًا، ألف فيديو لصواريخ إسرائيل وهى تهدم بيوتًا لن تغير شيئًا، والحقيقة سواء أعجبتك أو لا «إنهم يتعاطفون معهم».

فى الهجمات السابقة كنا نستمع إلى تنديدات من الاتحاد الأوروبى حول الهجمات، حتى لو كانت تنديدات فقط، وخطابات مائعة من الولايات المتحدة، وحتى لو كانت فى حينها مجرد تنديدات دون عقوبات ولا أزمات.. إلا أن هذه التنديدات كانت تشكل قيودًا على إسرائيل فى لحظة ما أثناء الحرب، اليوم لا، الأمور تترتب بشكل جديد، الدول الأوروبية تعلن عن دعمها الكامل لإسرائيل والدفاع عن نفسها.

علم إسرائيل تمت إضاءته على برج إيفل، والبرلمان الألمانى، ووسط أشهر ميادين روما، وأعلى «إمباير ستيت» فى نيويورك، لم نشهد دعمًا صريحًا وواضحًا ومعلنًا كهذا من قبل.

إسرائيل تفهم الوضع وتحاول الاستفادة منه، تستخدم رسائل إعلامية متعددة، منها ربط مشاهد الاختطاف والعنف ضد المدنيين بمشاهد أرشيفية لداعش، نتنياهو فى خطاباته ربط بشكل واضح بين حماس والقاعدة وداعش، وقال: «مثلما تخلصوا من داعش سنتخلص من حماس».

السؤال الكبير الآن، ليس فى حرب الوعى، ولا حرب صور الحرب على السوشيال ميديا: هل تستغل إسرائيل الموقف الحالى فى توجيه ضربة قوية وعنيفة ضد حماس بإسقاط حكمها بشكل كامل؟