رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

50سنة حرب أكتوبر.. الفريق أحمد إسماعيل: النصر يتكوّن أولًا فى قلوب الرجال ثم يكتسبونه فى ساحة القتال

الفريق أحمد إسماعيل
الفريق أحمد إسماعيل

 

شغل الفريق أحمد إسماعيل، خلال حرب أكتوبر، منصب وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة، وفى مذكراته «مشير النصر»، يقدم إطلالة شاملة عن الخطوات التى انتهت بعبور الجيش المصرى إلى الضفة الغربية لقناة السويس ورفع العلم المصرى، حتى تحرير آخر حبة رمل فى سيناء.

وحكى كيف أن اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى تم فى بيت السادات ٢٤ أكتوبر ١٩٧٢، يعتبر أخطر اجتماع تاريخى، والذى انتهى بقرار الحرب، وكيف تولى قيادة وزارة الحربية، والاستعدادات التى اتُخذت لتنفيذ قرار الحرب.

كانت قناعة المشير إسماعيل، تتلخص فى إيمانه بأن النصر يتكون أولًا فى قلوب الرجال ثم يكتسبونه فى ساحة القتال، وعلى هذا لا يمكن للمقاتل مهما كانت رتبته أو درجته ومهما أعطيته من سلاح أن ينجح أو ينتصر إلا إذا وثق فى نفسه تمامًا، ووثق فى قادته وفى سلاحه وفى عدالة قضيته، كل هذا إلى جانب إيمانه أولًا وأخيرًا بالله.

وعلى هذا فإن غرس الثقة فى النفس بين الجنود بعضهم البعض، وبينهم وبين الجميع وبين القادة والسلاح، كان من أهم الأمور التى ركز عليها فى كلمته فى أول يوم تولى فيه مسئولية القيادة.

وعما أشيع حينذاك عن حجم ونوعية تسليح الجيش المصرى، قال: «من قال إن السلاح الذى فى أيدينا انعدمت مقدرته لأنه غير كفء أو متطور؟ إن من يقول ذلك يستهدف به عن قصد إيجاد ذريعة لعدم القتال مع أنه من الممكن وبمعدات تكميلية أن ترفع كفاءة بعض الأسلحة وهو ما فعلناه، إذ حصلنا على معدات تكميلية من دول مختلفة رفعت كفاءة تلك الأسلحة وفاعليتها، بل إن تطوير بعض الأسلحة والمعدات تم بأيدى المصريين.

وللحق استجاب الرجال وتعاونوا معى بسرعة وبمنتهى الجدية، خصوصًا أنه تربطنى بمعظمهم أواصر زمالة سابقة. ولما استشعروه من أنهم أمل أمتهم، ودورهم المتعاظم بعد قرار الرئيس بإنهاء عمل الخبراء السوفيت، الذى يعنى أن حتمية المعركة قد أصبحت غير قابلة للنقاش، وأن المسئولية أصبحت فى عنق الفكر والساعد المصرى. وهو ما يعنى أيضًا ثقة مطلقة من القائد الأعلى فى القوات المسلحة، وكانت تلك ملامح الصورة على الجبهة».

يستعرض «إسماعيل» الصعاب التى واجهت القوات المسلحة قبيل الحرب، سواء الساتر الترابى أو خط بارليف، أو القناة كمانع مائى وما يحيطها من دفاعات وأسلحة ومعدات متطورة، إضافة إلى طيرانه المتفوق. 

ثم يعرض للحلول لتخطى هذه المصاعب، وعلى رأسها مفاجأة العدو، واستلزم تحقيق هذا الهدف وضع خطة خداع استراتيجى وتعبوى وتكتيكى، اشترك فى تنفيذها مع وزارة الحربية الأجهزة المعنية فى الدولة.

أما الهدف الثانى، فكان اقتحام قناة السويس وتدمير خط بارليف، ولتحقيق هذا الهدف، كان هناك العديد من الدراسات لتحديد أنسب الوسائل والأوقات التى تضمن نجاح هذه المهمة فى أقصر وقت وبأقل الخسائر. كما تطلب تدمير خط بارليف دراسات مكثفة أخرى وتدريبات واقعية عنيفة استخدمت فيها المعدات التى ابتكرها الفكر المصرى، وكانت إلى جانب إصراره سببًا فى سقوط هذا الخط فى زمن أثار دهشة العدو وإعجاب رجال الفكر العسكرى فى أنحاء العالم، لا سيما أن الاقتحام تم بالمواجهة.

ولتقليل أثر تفوق العدو فى المدرعات والطيران، كانت الخطة أن تمكن الجندى من مواجهة الدبابة، والتغلب عليها بشتى الوسائل، خصوصًا فى الساعات الباقية على الانتهاء من إقامة المعابر التى تعبر عليها مدرعاتنا وأسلحتنا الثقيلة، ولقد نجح جنودنا فى تحقيق تلك المهمة وأصبح أمر صمود الدبابات فى المعارك موضع دراسات على ضوء ما حدث أثناء معارك حرب أكتوبر. 

وللتغلب على تفوق طيران العدو، كان لا بد من تحقيق أمرين: أن يكون هجومنا على طول المواجهة، وهو ما يُرغم العدو على توزيع ضرباته الجوية المضادة. 

وكان هناك تعاون كامل ودقيق بين قوات الدفاع الجوى بشبكة صواريخ وقواتنا الجوية بطائراتها، بحيث يتمكن الاثنان معًا وبتنسيق بينهما من مواجهة طائرات العدو. ولقد نجح الأسلوب إلى أقصى حد، وفقد العدو منذ الساعات الأولى للحرب ميزة تفوقه الجوى.