رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اقتصاديون عن "اتفاقية مبادلة العملة" مع الإمارات: مصر تحصد أولى ثمار الانضمام إلى "بريكس"

جريدة الدستور

شدد خبراء ومحللون اقتصاديون على أهمية الاتفاقية التى وقعها البنك المركزى المصرى ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزى بشأن «مبادلة العملة»، التى تستهدف إتاحة الفرصة للطرفين بمقايضة الجنيه المصرى والدرهم الإماراتى، بقيمة اسمية تصل إلى ٤٢ مليار جنيه مصرى و٥ مليارات درهم إماراتى.

واعتبر الخبراء والمحللون الاقتصاديون الذين تحدثت إليهم «الدستور»، أن هذه الاتفاقية أولى ثمار الانضمام إلى تكتل «بريكس»، فضلًا عن أهميتها فى تخفيف الاعتماد على العملات الأجنبية، وتسهيل استيراد مختلف السلع بالجنيه، على رأسها المواد البترولية.

تسمح باستيراد المواد البترولية بالجنيه.. وتعزز الاستثمارات الإماراتية فى مصر

قال الدكتور أحمد السيد، الخبير الاقتصادى، إن الاتفاقية الموقعة بين مصر والإمارات فى مجال مقايضة العملات المحلية تُمثل أولى ثمار الانضمام إلى تكتل «بريكس»، فى ظل انضمام البلدين إلى هذه المجموعة مؤخرًا، كما أنها خطوة مهمة للاقتصاد المصرى، فى طريق تخفيف الاعتماد على العملات الأجنبية.

وأفاد «السيد» بأن الميزان التجارى بين مصر والإمارات يميل إلى صالح مصر، على الرغم من أن واردات مصر من البلد الشقيق تصل إلى ٢.٩ مليار دولار، بينما صادرات مصر إلى الإمارات تصل إلى ١.٩ مليار دولار.

وتابع: «تحويلات المصريين العاملين فى الإمارات إلى مصر، التى تصل إلى نحو ٣.٥ مليار دولار، تعوض هذا الفارق، ما يجعل مصر تحقق فائضًا من تعاملاتها مع الإمارات بنحو ١.٥ مليار دولار».

وشدد على أن السماح باستخدام الجنيه فى هذه المعاملات يحقق فوائد إيجابية كبيرة للاقتصاد الوطنى، خاصة ما يتعلق بتسهيل عملية استيراد مختلف السلع بالجنيه، على رأسها المواد البترولية، وهو أمر فى غاية الأهمية خلال الوقت الحالى، من أجل القضاء على أزمة الكهرباء، وتقليل الحاجة للدولار فى استيراد هذه المواد من الخارج، وبالتالى تخفيف الضغط على الجنيه.

كما وصف الاتفاقية بأنها خطوة مهمة فى طريق تقليل هيمنة الدولار على التعاملات، خاصة فى الأسواق الناشئة التى تسعى لتعزيز التعاملات البينية، ما يقلل من درجة اعتمادهم على الدولار بصورة نسبية.

وأشار كذلك إلى أهمية الاتفاقية فى جعل الاقتصاد المصرى أكثر جاذبية للمستثمرين فى الإمارات، خاصة أن هناك تخوفًا من جانب هؤلاء المستثمرين حاليًا بشأن قدرتهم على تحويل أرباحهم بالجنيه إلى الخارج.

وشرح: «بعد إتمام هذه الاتفاقية سيكون من السهل على هؤلاء المستثمرين تحويل أرباحهم إلى الإمارات بالجنيه واستبدالها بالدرهم، ما سيشجعهم على الدخول للاستثمار فى السوق المصرية، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة لدولة مثل الإمارات».

وتابع: «الإمارات من أكثر الدول التى استثمرت فى الاقتصاد المصرى خلال الفترة الأخيرة، ومن المعروف أنها ترغب فى رفع استثماراتها داخل مصر من ٢٠ إلى ٣٥ مليار دولار خلال ٥ سنوات».

وأفاد الخبير الاقتصادى بأن البورصة المصرية ستكون من أكبر المستفيدين بهذه الاتفاقية، فى ظل جاذبية أسعار الأصول والتنوع الذى تتمتع بها سوق المال المصرية، لافتًا إلى أن الاتفاقية تقلل من مخاطر سعر الصرف، ما يسهل على المحافظ وصناديق الاستثمار الإماراتية العمل فى البورصة المصرية.

وأضاف: «كما قد تفتح هذه الاتفاقية الطريق أمام قيد بعض الشركات المصرية فى بورصات الإمارات، ما يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات إليها، خاصة مع النمو الكبير الذى تشهده بورصة أبوظبى، ومستويات السيولة المرتفعة التى تشهدها بصورة مستمرة»، مطالبًا البنك المركزى بتوقيع اتفاقيات مماثلة مع الشركاء التجاريين المهمين للاقتصاد المصرى.

تخفف الضغط على الموازنة العامة.. وتقلل التضخم

رأى الدكتور محمد عبدالهادى، الخبير الاقتصادى، أن الاتفاقية لها أهمية خاصة لكل من مصر والإمارات على حد سواء، كما أنها تؤكد رغبة الدول فى الخروج من «هيمنة الدولار» على اقتصاداتها الوطنية.

وأوضح «عبدالهادى» أن العالم تحول إلى «اقتصاد أحادى القطب» منذ اتفاقية «بريتون وودز» فى عام ١٩٤٤، وذلك بسيطرة وهيمنة الدولار الأمريكى على الاقتصاد العالمى، وتحوله إلى عملة التبادل التجارى بين الدول، ما أثر على كل الاقتصادات.

وأضاف: «بعد الحرب الروسية- الأوكرانية، وتأثر سلاسل الإمداد والتوريد، واتخاذ قرارات اقتصادية مثل التعويم ورفع معدلات الفائدة، ومع ارتفاع سقف الدين الأمريكى، وكذلك العقوبات الأمريكية على روسيا- بدأت عدة دول فى محاولة للخروج من سيطرة الاقتصاد الأمريكى، والتبادل الدولى بالعملات الوطنية، مثل روسيا والهند والصين، إلى جانب تكوين تحالفات مثل (بريكس)، بين كل من جنوب إفريقيا وروسيا والبرازيل والصين والهند، التى تمثل ٣٢٪ من معدلات الناتج المحلى الإجمالى».

واعتبر أن الاتفاقية تعكس خصوصية التعاون المصرى- الإماراتى، ورغبة الإمارات فى عدم الضغط على الاقتصاد المصرى بالتزامن مع ارتفاع الدين الخارجى، وهو أمر يؤكد قوة العلاقات الاقتصادية بين الأشقاء العرب. وأشار إلى أهمية الاتفاقية فى تسهيل استيراد مصر المواد النفطية من الإمارات، التى تعد من أكبر دول العالم إنتاجًا للنفط، ما يخفف الضغط على الموازنة العامة للدولة، إلى جانب مساهمتها فى تقوية العملة المحلية، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى خفض معدلات التضخم، وتحريك عجلة الاقتصاد المصرى، وبالتالى ارتفاع معدلات النمو والتنمية، خاصة مع الاستفادة من قوة الاقتصاد الإماراتى وارتفاع معدلات نموه. كما نبه إلى أهمية الاتفاقية فى الاستفادة من أدوات استثمارية أخرى، عبر تنشيط وتعجيل برنامج الطروحات الحكومية، فى ظل أن الإمارات من أكثر الدول استثمارًا فى مصر، ما يسهم فى زيادة الاستثمارات بين البلدين، بالاستفادة من استقرار الأوضاع الاقتصادية فى مصر، وكذلك استقرار أسعار الصرف، علاوة على كونها خطوة نحو القيد المزدوج فى البورصتين المصرية والإماراتية، وإقامة منصات تعاون بين البلدين فى الاستثمار المفتوح.

تسهم فى زيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين

وصف محمود عطا، المحلل الاقتصادى، الاتفاقية، بأنها خطوة مهمة بين مصر والإمارات، فى ظل العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين على مستوى جميع الأصعدة، خاصة العلاقات الاقتصادية التى بلغت مرحلة إيجابية جدًا، وكانت تتطلب مثل هذه الخطوة.

وأضاف «عطا»: «ما تضمنته الاتفاقية من مبادلة العملة بين البلدين، فى إطار مقايضة الدرهم الإماراتى بالجنيه المصرى، يؤدى إلى زيادة حجم التبادل التجارى بينهما، الذى تطور بشكل كبير فى السنوات الأخيرة».

وأوضح أن حجم التبادل التجارى بين البلدين وصل إلى قرابة الـ٧٠ مليار دولار، مع اقتراب الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة الإماراتية داخل مصر من ٧ مليارات دولار، بعدما نمت الاستثمارات المباشرة الإماراتية فى مصر آخر عامين بنسبة ٣٠٠٪، لترتفع من ١.٤ إلى ٥.٧ مليار دولار.

وواصل: «هذه الأرقام تجعل الاتفاقية بمثابة تعزيز لحجم الاستثمارات والتبادل التجارى بين البلدين، وخطوة للمساهمة فى زيادة التعاون الاقتصادى ككل بينهما».