رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة لبنك فى الأقاليم

تختلف القاهرة عن الأقاليم في أن البنوك في القاهرة في كل الأحياء تلمع، ورجالها يتم اختيارهم بعناية، يحسنون التعامل مع الناس، ويبتسمون، وماكينات صرف العملة للجمهور نظيفة وسليمة وبحالة جيدة، وفيها وفرة من الأوراق المالية، ولا يوجد تزاحم عليها. 
أقول هذا بمناسبة زيارتي أحد بنوك مدينتنا بوسط الصعيد، يوم 17 سبتمبر الحالي 2023، حيث وصلتني رسالة في اليوم السابق، على تليفوني المحمول، تخبرني بضرورة التوجه للبنك، ومقابلة الأستاذ مينا، لتحديث البيانات! 

وبمناسبة تحديث البيانات فأنا كنت في البنك من شهرين بالتمام، بمناسبة اختفاء الفيزا في باطن ماكينة صرف، ولم تخرج، فقمت بالاتصال بخدمة العملاء لإلغائها، خشية أن تلفظها الماكينة بعد انصرافي، وتقع في يد أحدهم. وفي البنك عندما توجهت لعمل غيرها، قمت بسحب مبلغ من المال لحين وصول الفيزا الجديدة. طبعا لن أتحدث عن الزحام وصعوبة دخول البنك وقتها، واضطراري لقضاء أربع ساعات كاملة داخل البنك لحين إتمام عملية سحب مبلغ والإبلاغ عن الفيزا. وعند شباك الصرف أعطاني الموظف ورقة وقّعتها، وطلب مني التوجه للأستاذ ياسر لتحديث البيانات، وبالفعل ذهبت لياسر وقمت بتحديث البيانات، وصرفت النقود. وبالنسبة للفيزا فقد أخبروني بأنها ستصلني على عنواني في البيت بعد أسبوع عمل. انتظرت عشرة أيام، لازمت خلالها بيتي ولم أغادره، خشية وصول مندوب البنك ولا يجدني فيرجع بها. ولم أجد مفرا وقتها من الذهاب للبنك للسؤال عن الفيزا، وكررت رحلة صعوبة الدخول وسحب رقم والانتظار في خدمة العملاء ساعتين لحين وصول دوري، وتسلمت البطاقة. 
لأجل هذا تعجبت من فكرة تحديث البيانات مع أنني حدثتها من شهرين فقط. الحقيقة من خلال تجاربي في التعامل مع البنك، والزحام وتجهم موظفيه وضياع الوقت في الانتظار، فإنني فعلا لا أحب زيارة البنك، مع أنه تفصله خطوات عن بيتي.

ارتديت جلبابًا صيفيًا مناسبًا، وبحثت عن بطاقتي الشخصية والفيزا وذهبت. 
عند الباب سألني موظف يعطي الداخلين أوراقا بها أرقام، أخبرته أنني داخل لتحديث البينات، فطلب مني الصعود عند الأستاذ مينا في الطابق الثاني، ولم يعطني رقما. 
صعدت للطابق الثاني، وهالني عدد العملاء الجالسين على المقاعد القليلة والواقفين، سألت عن الأستاذ مينا، أشاروا إليه، اقتربت منه، فأشار لموظف يقف على ماكينة تصوير، طلب مني الموظف الأخير بطاقتي، فقام بتصويرها، وأخبرني بأن أنتظر مع المنتظرين.
طال الانتظار لمدة ساعة قضيتها واقفا. بالمناسبة أنا سني أكثر من سبعين سنة، شعرت بتعب، سألت أحد السعاة عن مدير البنك فأخبرني بأنه غائب، وأشار إلى غرفة لها باب زجاجي محكم، كانت بجواري مباشرة، وأنا واقف، يجلس فيها موظف وحيد.
خرجت من البنك، حيث توجد ماكينات الصرف، حاولت صرف مبلغ أحتاجه، ولكن الماكينة رفضت أن تعطيني، حاولت مرة ثانية، وتكرر الرفض، لأن الماكينات الثلاث عليها زحام شديد، فعدت مرة ثانية لانتظار دوري لتحديث البيانات. 
نفس الزحام رغم مرور أكثر من ساعتين والأعداد تزداد، ومع طول الوقوف دخلت المكتب الذي فيه موظف وحيد وجلست على كرسي مقابل له، وأخبرته بأنني قادم لتحديث البيانات، فطلب بطاقتي الشخصية، أعطيتها له، وضع أرقامها على كمبيوتر أمامه، وقلب في البطاقة، وقدمها لي، وقال:
- لم يتم تحديث بياناتك منذ 2017، ونريد بطاقة حديثة تضيف إليها الاسم الرابع.
استغربت، لأن بطاقتي جديدة وأمامها أكثر من عام للتجديد، وتذكرت أن عملية تجديدها ليست سهلة، قلت بتحدٍ: لن أغيرها لأنها سليمة. 
الغريب أنني استعملت نفس البطاقة من شهرين في عمليات سحب نقود، وتحويل أموال لحساب بنك آخر، واستلمت بها الفيزا، ولم يخبرني أحد بضرورة تجديدها. 
عندما تمسكت بموقفي، أخذ البطاقة وخرج وعاد بعد ربع ساعة، وأخبرني بأنه تسامح في تجديد البطاقة. وطلب الذهاب للأستاذ مينا.
ذهبت للأستاذ مينا فأخبرني بأن دوري بعد السيدة الجالسة أمامه، انتظرت فترة طويلة حتى أنهت السيدة معاملتها. ونهضت وجلست أمامه. 
تناول البطاقة ووضع الأرقام على الكمبيوتر وانتظر فترة طويلة، سألته، أخبرني بأن ماكينة التصوير علقت، وخبط عليها، وبعد فترة أخرى سمعت أزيزها ولفظت عدة أوراق، قدمها للتوقيع عليها، وقّعت، ولكنه طلب مني كتابة اسمي ثلاثيا، كتبت، نظر في التوقيع، وطلب إعادته مرة ثانية. وكررت الكتابة حتى رضي. 
استغرقت عملية تحديث البيانات أكثر من ثلث ساعة، ولما أخبرته بأنني كنت في البنك من شهرين، وتم عمل تحديث البيانات. هز رأسه، وأخبرني بأن الكمبيوتر يقول إنه لم يتم التحديث منذ 2017. 
سألته عن الفيزا التي لم تعمل، فطلب مني التوجه للأستاذ كريم، توجهت إليه، أخذ الفيزا ووضع أرقامها على الكمبيوتر، وأخبرني بأن الفيزا سليمة، واحتمال العيب في ماكينات الصرف. وأخبرني بأنني لو أرغب في تجديدها فإنه سيقوم بذلك، وأستلمها بعد أسبوع عمل. تذكرت الفيزا السابقة وزحام البنك، وتعب الوقوف، وتجهم الموظفين في وجوه العملاء، كأنهم لم يقبضوا رواتبهم، ورفضت استبدالها، بعد قضاء ثلاث ساعات في بنك يحتاج موظفوه إلى إعادة تدريب.. لا شك أنها تجربة يصعب تكرارها.