رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كوارث تركيا والمغرب وليبيا.. تكليفات رئاسية لحماية مصر من "المتغيرات المناخية"

المناخ
المناخ

تحذيرات متعددة أطلقها العلماء منذ نحو 25 عاما من حدوث ظواهر جامحة في أعقاب تغيرات النظم البيئية الحادة والتي بدت ظاهرة باختفاء فصلي الربيع والخريف، وتخلل فصل الشتاء موجات دافئة والعكس بفصل الصيف، بدأت بتركيا ثم المغرب لتنتقل الى ليبيا وعلى بعد مسافة ليست بالكبيرة عن مصر والتى تساقطت ثمار محصول المانجو بمدينة الإسماعيلية؛ نتيجة تعرضه لموجات البرد أثناء فصل الصيف بسبب اضطراب المناخ وغليان الكرة الأرضية.

الكارثة أكبر من أي تصور ليبقى السؤال ماذا سيحدث غدًا؟.. «الدستور» تفتح الملف بالأرقام والتفاصيل:

دول فى عدد الاختفاء 

تشير تقديرات الهيئات البيئية إلى أنه هناك نحو 32 دولة جذرية صغيرة يبلغ تعداد سكانها 65 مليون نسمه تواجه أشد الكوارث الطبيعيه وخطر الغرق مع ارتفاع مستوى البحار والمحيطات فالتحول في الظواهر الجوية العالمية المرتبط بالارتفاع في متوسط درجات الحرارة، والتغيير في التوزيع الإحصائي لأنماط الطقس، الأمر الذي يسفر عن تداعيات سلبيه تؤثر في شتى مناهي الحياة. 

وقد قدرت التقارير البيئية العالمية إن أكثر من 150 مليون شخص سيصبحون لاجئين بحلول عام 2050 نتيجه تغيير المناخ ويقدر عدد النازحين سنويا بنحو 25 مليون شخص وتقدر مساحه الغابات التي يتم تدميرها كل عام بنحو 1.2 مليون هكتار الامر الذي يحد من قدرة الطبيعة على طرد الانبعاثات خارج الغلاف الجوي وتعد إزالة الغابات بجانب التغييرات الأخرى في استخدام الأراضي من العوامل المسؤولة عن حوالي ربع انبعاثات غاز الاحتباس الحراري العالمي.

مخاطر مصر المتوقعة 

وبالنسبة للحالة المصرية يعتبر تغيير المناخ من المخاطر الآخذة في التفاخم حيث تؤدي إلى تعميق التحديات التي تعتري الجهود الانمائية، فعلى الرغم من أن انبعاثات مصر من غازات الاحتباس الحراري لا تتجاوز0,7% من إجمالي الانبعاثات العالميه وفقا لتقارير البنك الدولي إلا أنه سمة مخاطر جسيمة تتعرض لها قطاعات التنميه في مصر بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر وزيادة شدة وحدة وتكرارية الأحداث الجوية مثل الموجات الحراريه والعواصف الترابية والسيول وزياده معدلات التصحر وتغيير أنماط هطول الأمطار ومحدودية الموارد المائية، فواقع الأمر أن الظروف الجغرافيه لمصر تجعلها عرضه بدرجة كبيرة لمخاطر التغيير المناخي.

فمصر تقع في حزام المناطق القاحلة وتعتمد بشكل شبه كامل على مياه النيل بسبب ندرة الأمطار إلى جانب تركز السكان في دلتا النيل المهددة بغمر مياه البحر المتوسط للأجزاء الشمالية منها أما محافظات جنوب الوادي وسيناء فهي اكثر عرضة للسيول التي تلحق اضرارا جسيمة بالأراضي الزراعية والأبنية السكانية ومنشآت المرافق العامة ومن شأن تلك المخاطر التأثير على إنتاجية المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك والأراضي المنخفضة بالمناطق الساحلية وعلى التجمعات العمرانيه والتنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية والسياحية البيئية كما تشير التغيرات المناخية لمخاطر جمة على الصحة العامه وعلى انتشار أمراض سوء التغذية بخاصة عند الاطفال وأمراض النواقل الحشرية مثل أمراض المرارية والغدد اللمفاوية.

جهود مصرية حسيسة والتعاون الدولي 

يعتبر تغير المناخ أهم القضايا التي تحظى بالاهتمام على المستوى العالمي ولاسيما في الآونة الآخيرة مع اشتداد عواقبه والتهديدات التي يفرضها على كافه قطاعات التنمية في دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء والواقع أن ملف التغيير المناخي يشهد اهتماما عالميا كبيرا منذ فتره طويلة تعود الى مطلع عقد السبعينات.

وقد وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ ان تولى مسؤولية البلاد مسألة التغيرات المناخية كأولوية مطلقة فتم وضع السياسات والبرامج التي تستهدف التكيف مع تغيير المناخ كما تم وضع تصور استراتيجي لخفض الانبعاثات في إطار رؤية شاملة ومنظور متكامل لمزيج من الطاقة تضم مفرداته التوسع في استخدام الطاقة المتجددة وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري وترشيد استخدامات المياه وتبني أنظمة حماية الشواطئ والأراضي المنخفضة والانضمام للمبادرات الدولية الرامية لخفض الانبعاثات مثل مبادرة البنك الدولي لخفض الغاز المصاحب لإنتاج البترول واعطاء اولوية في عمليات نقل التكنولوجيا وتوطينها للتكنولوجيات الاكثر توافقا مع البيئة مثل التقنيات الموفرة للطاقة والمرشده لاستخدامات المياه وإعطاء أولوية عند تمويل مشروعات التحسين البيئي وسائل التمويل الموجه أو الداعمة خصيصا لتلك المشروعات مثل إصدار السندات والصكوك الخضراء و السندات السيادية وسندات الاستدامة البيئية والقروض الميسرة التي تمنحها مؤسسات التمويل الدولية لبرامج التخفيف المناخي وفق رؤيه 2030 

خارطة الطريق 

وكانت أهم الخطوات بجانب انضمام مصر إلى كافه المواثيق والهيئات والمنظمات والمؤتمرات الدولية التي عقدت حول التغييرات المناخيه هي إنشاء المجلس الوطني لتغيير المناخ تحت مظلة مجلس الوزراء بالإضافة لإطلاق مصر في عام 2021 الاستراتيجيه الوطنيه لتغيير المناخ في مصر 2050 والتي تعد الإطار الحاكم لاتخاذ الخطوات اللازمة لمكافحة الآثار السلبية لتغيير المناخ وتتضمن الاستراتيجية الوطنية لتغيير المناخ في مصر 2050 خارطة الطريق لتحقيق الهدف الفرعي وهو مواجهه تغيير المناخ في اطار رؤيه مصر 2030 عبر أول استراتيجيه وطنيه شامله تهدف الى توحيد جميع جوانب تغيير المناخ في استراتيجيه واحده تكون مرجعا اساسيا يضمن دمج بعد تغيير المناخ في التخطيط العام لجميع القطاعات في البلاد وتتبلور رؤيه الاستراتيجيه حول التصدي بفاعليه لاثار وتداعيات تغيير المناخ بما يسهم في تحسين جوده حياه المواطن المصري وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والحفاظ على الموارد الطبيعيه والنظم البيئيه مع تعزيز ريادة مصر على الصعيد الدولي في مجال تغيير المناخ وجاءت اهداف الاستراتيجيه لتعالج نقاط الضعف والتهديد وتبني الظواهر التي ظهرت في تحليل المشهد الحالي لتغيير المناخ في مصر وتم بناء الاهداف على خطط واستراتيجيات التنميه في القطاعات المختلفه بالاضافه لاخذ اهداف الامم المتحده للتنميه المستدامه والالتزام بالمعاهدات الدوليه المرتبطه بتغيير المناخ.

أهم التدابير التي اتخذتها مصر للتخفيف من قضية المناخ

 تستهدف الحكومة المصرية الوصول إلى 40% من إجمالي الطاقة من موارد الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 وتم زيادة قدرة الطاقة المتجددة غير المائيه الى 3016 ميجاوات في عام 2021 بالمقارنة بـ687 ميجا وات في عام 2014، حيث تم إطلاق مجمع بيمبان للطاقة الشمسية ومحطة الطاقة الكهربائية في اسيوط ومحطة كوم أمبو للطاقة الشمسية بالإضافة إلى محطات طاقة الرياح بالزعفرانة ورأس غارب وجبل الزيت وتشمل البرامج الأهميه البارزة لتحسين كفاءة أجهزه الطاقه للإضاءه والبناء ومشروع تحسين كفاءه الطاقة بقطاع الصناعة وخفض استهلاك الوقود بنسبة 12.8% بواسطة محطات توليد الكهرباء منذ عام 2015 واعتماد تقنيات ذات كفاءة في استخدام الموارد والإدارة في قطاع الصناعة والإصلاح الهيكلي لقطاع الطاقة وإعداد برامج لتبديل استخدام الوقود ذات الكفاءة الأقل ويشمل البنزين والديزل بأنواع اقل ضررا للبيئة مثل الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة.

رفع كفاءة الطاقة في قطاع البترول

وفي إطار السياسة العامة والتكليفات الرئاسية لرفع كفاءة الطاقة في قطاع البترول فقد تم إنشاء اللجنة العليا للطاقة لتعزيز كفاءة الطاقة والمناخ في قطاع البترول وتحسين كفاءة الطاقة لقطاع البترول وأنشطته وأنشطة تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات الدفيئة وتكاليف التشغيل واسترداد وإعادة استخدام الغازات المصاحبة والمتولد من حقول النفط الخام وتوقيع مبادرة الحرق الروتيني الصفري بحلول عام 2030 مع البنك الدولي في عام 2017 وتم استهداف خفض انبعاثات قطاع النقل إلى 7% بعام 2030 شاملا السكك الحديدية وتوسيع مترو الانفاق وافتتاح المرحلة الرابعة من خط المترو الثالث وتوسيع وتطوير شبكة السكك الحديدية الكهربائية وإدخال نظام حافلات كهربائية عالية الجودة بالإسكندريه وتطوير البنيه التحتيه وإصدار رسوم تعريفيه المركبات الكهربائية.

وفي الصناعة تم إطلاق المشاريع التجريبية للمجمع الصناعي البيئي لتحفيز التحسين البيئي والاقتصادي وأداء الصناعات المختلفة حسب ما تم تطويره بالاشتراك مع البنك الدولي ومنظمه اليونيدو والوكالة الالمانية للتعاون الدولي.

مشروعات كبرى

وجرى مد وإعادة تأهيل القنوات وتقليل الفاقد من مياه الري وافتتاح أكبر محطة معالجة مياه للصرف الصحي في العالم وهي محطة بحر البقر وزياده سعة محطات تحليه المياه والعمل على إنشاء محطات جديدة تعمل بالطاقة المتجددة بحلول عام 2050 كما جرى تنفيذ برنامج تحديث الري حيث تمثل المساحات المستخدمة لنظم الري الحديثه 4.6 مليون فدان من أصل 9.7 مليون فدان كما تم إعادة تأهيل الترع حيث تم تبطين وإعادة تأهيل أكثر من 5000 كيلو من نحو 20000 كيلو مستخدم وتم عمل تقنيات محسنة مثل الري بالتنقيط بالاضافه الى توحيد الأراضي لدعم  تكيف أصحاب الحيازات الصغيرة مع تغيير المناخ ووضع قيود ورقابة على زراعة المحاصيل ذات الاستهلاك المرتفع للماء مثل الأرز وقصب السكر والموز .

كما تم تهيئة الأحياء المائية وتطبيق نظام الاستزراع المائي في المحافظات الساحلية من خلال تعزيز التكيف مع الحرارة على ساحل البحر المتوسط تحت تمويل الصندوق الأخضر للمناخ وإقامة مشروع بمنطقة الساحل الشمالي ودلتا النيل والربط بين السواحل و تخطيط استخدامات الأراضي لحمايتها تحوطا من ارتفاع مستويات البحر وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي وإدارة النفايات الصلبة وتحويلها الى طاقة بالإضافة إلى التعليم فتم إرفاق تغيير المناخ داخل المناهج التعليمية لزيادة الوعي.

أزمة التمويل 

وفيما يخص تكلفة التمويل لبرامج التخفيف والتكيف مع المتغيرات المناخيه تقدر الاستراتيجية الوطنية 2050 التكلفة الاجمالية بنحو 324 مليار دولار يخص برامج التخفيف 211 مليار دولار وبرامج التكيف 113 مليار دولار ويقدر التمويل المتاح بنحو 76 مليار دولار بنسبة 23.5% من إجمالي التمويل وبذلك تكون الفجوة التمويلية في حدود 288 مليار دولار بنسبة 76.5% من إجمالي التكلفة.

وعلى مستوى قطاعات الدولة فتبلغ تكلفة برنامج التخفيف والتكيف والمدى الزمني لكل منهما واضحة الآن ففي قطاع الصناعة تبلغ التكلفة لبرامج التخفيف 130.3 مليون دولار وبرنامجها الزمني خلال الفترة من 2022 حتى 2035 أما قطاع الكهرباء وتبلغ التكلفة لبرامج التخفيف 144 مليار 153 مليون دولار ويتم تنفيذها خلال الفترة الزمنية من 2021 حتى 2035 وفي قطاع البترول تبلغ التكلفة لبرامج التخفيف مليار 688 مليون دولار خلال الفترة من 2023 حتى 2030. 

أما في قطاع النقل فتبلغ التكلفة لبرامج التخفيف 57 مليار 477 مليون دولار وتبدأ المدة الزمنية من 2020 حتى 2030 أما الطيران المدني وتبلغ التكلفة لبرامج التخفيف 25 مليون دولار خلال الفترة من 2022 حتى 2030 أما قطاع الاسكان والمرافق فتبلغ التكلفة على برامج التخفيف 31 مليون دولار خلال الفتره من 2022 حتى 2024 وفيما يخص المخلفات فتبلغ التكلفه لبرامج التخفيف 7 مليارات 627 مليون دولار خلال المده الزمنيه من 2021 حتى 2035 باجمالي تكلفه لكل القطاعات تقدر تقريبا 211 مليار دولار.

اما التكلفه لبرامج التكيف على مستوى القطاعات في قطاع الزراعة تبلغ التكلفة لبرامج التكيف 52 مليار و400 مليون دولار خلال المدة الزمنية من 2022 حتى 2050 وفي قطاع النقل بقيمة مليار 273 مليون خلال الفترة الزمنية من 2021 ل 2023 والطيران المدني بقيمه 9.1 مليون دولار خلال الفترة من 2022 الى 2024 والموارد المائية بقيمة  59 مليار 108 مليون دولار خلال الفترة من 2020 حتى 2037 وعلى قطاع التنوع البيولوجي فتبلغ التكلفة لبرامج التكيف 199.1 مليون دولار خلال الفترة من 2022 حتى 2030 بإجمالي لكل القطاعات 113 مليار دولار تقريبا.

تكليف واهتمام رئاسى

ومن الواضح والبين اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكليف الحكومة بما يخص الاهتمام والحماية من المتغيرات المناخية ومن الملاحظ وفقا للارقام السابقة فإن مصر تحتاج اجمالي  211 مليار دولار تقريبا لبرامج التخفيف لدينا منها تمويل حوالي 57.6 مليار دولار وبهذا تبلغ فجوة التمويل حوالي 153.6 مليار دولار. 

أما برامج التكيف تحتاج مصر اجمالي 113 مليار دولار تقريبا ولدينا تمويل حوالي 18.3 مليار دولار وبذلك تبلغ فجوة التمويل حوالي 97.4 مليار دولار وفقا للاستراتيجية الوطنية لتغيير المناخ في مصر.