رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مبادرة جديدة لزراعة ملايين الأشجار الخشبية

الأشجار الخشبية
الأشجار الخشبية

قدم الدكتور محمد يوسف، أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق مستشار الزراعة العضوية بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، مقترحًا بالإكثار من زراعة الأشجار الخشبية فى مصر، وذلك لما لها من عائد اقتصادى قوى، فضلًا عن تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج. 

وقال «يوسف»، لـ«الدستور»، إن واردات مصر من الأخشاب بأنواعها ارتفعت خلال عام ٢٠٢١ بنسبة ٠.٣٪، لتسجل نحو ١.٤١٩ مليار دولار فى مقابل ١.٤١٤ مليار دولار خلال عام ٢٠٢٠، مشيرًا إلى أن مصر غير منتجة للأخشاب بدرجة كبيرة لعدم وجود غابات شجرية بها.

وأضاف: «ولذلك تستورد مصر الأخشاب بأنواعها المختلفة بقيمة واحد ونصف مليار دولار سنويًا حتى ٢٠٢٣ ، كما أن الأخشاب الطبيعية تمثل نحو ٦٩.٣٪ من واردات مصر من الأخشاب خلال العام الماضى ٢٠٢٢، بقيمة إجمالية بلغت نحو ٩٨٤ مليون دولار».

استغلال 6 مليارات متر من مياه الصرف الصحى المعالج فى الرى 

عن مقترحاته بتصدير مصر الأخشاب، ذكر خبير الزراعة الحيوية أنه من الممكن أن تصبح مصر دولة منتجة ومصدرة للأخشاب، وذلك بزراعة الأشجار الخشبية والاعتماد على مياه الصرف الصحى المعالج معالجة أولية أو ثانوية فى الرى، حتى لا نعتمد على مياه النيل أو مياه الآبار الجوفية، التى هى حق للأجيال الجديدة.

وقال إن مبادرة زراعة الأشجار الخشبية تهتم بزراعة أشجار الجازورينا والحور والبلوط والسرو والصفصاف والسدر أو النبق والكافور الليمونى والتوت والماهوجنى الإفريقى والصنط العربى والصنوبر والباولونيا والكايا والعبل واللبخ والزنزلخت والقسطل الإسبانى والماهوجنى الإسبانى والتمر الهندى وغيرها من الأشجار الخشبية العامة فى مجالات الصناعة.

وأضاف: «لدينا فى مصر ما يقرب من ٦ مليارات متر مكعب مياه صرف صحى معالج يمكن الاعتماد عليها فى رى الأشجار الخشبية»، لافتًا إلى أن أشجار الماهوجنى الإفريقى والحور والصفصاف والصنوبر والكافور الليمونى من الأشجار سريعة النمو، وتنتج كتلة خشبية كبيرة ذات جودة عالية وقوام مستقيم يمكن الاستفادة منها فى صناعة الأخشاب، وتعتبر أشجار الكايا أو الماهوجنى الإفريقى والإسبانى من أجود أنواع الأخشاب وذات قدرة عالية على مقاومة حشرات النمل الأبيض، حيث يصل سعر المتر المكعب اليوم إلى ٢١ ألف جنيه.

وأشار «يوسف» إلى أن زراعة الأشجار الخشبية فى مصر تعد أحد الحلول المناسبة لمواجهة التحديات والآثار الجانبية التى تحدث بسبب ظاهرة التغيرات المناخية والاحتباس الحرارى فى مصر، مؤكدًا أن هناك أشجارًا أخرى مثل أشجار الزنزلخت والبولينيا تستخدم لإنتاج الخشب القشرة المستخدم فى صناعة الأثاث.

إحياء صناعة الحرير اعتمادًا على الإكثار من دود القز

رأى «يوسف» أنه من أهم الأهداف الاقتصادية لمبادرة زراعة الأشجار الخشبية فى مصر هو إنشاء مصانع لغزل الحرير الناتج من دود القز، الذى تمت تربيته على أشجار التوت، الأمر الذى يؤدى إلى إحياء صناعة الحرير فى مصر.

وأضاف خبير الزراعة الحيوية: «قطع أشجار الغابات فى كثير من دول العالم بصورة عشوائية واستمرار حرائق الغابات يؤديان إلى مضاعفة أسعار الأخشاب على مستوى العالم، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة واردات مصر من الأخشاب المستوردة».

وقال: «طبقًا لإحصائيات التشجير فى مصر فإنه يمكن تشجير ضفتى نهر النيل والترع والمصارف بما يتعدى ٣٤ ألف كيلومتر طولى، وذلك يستوعب ١.٢ مليون شجرة، كما أن المدن الجديدة تحتاج إلى تشييد أحزمة واقية حولها، بما يستوعب أكثر من مليون شجرة خشبية».

وأشار إلى أنه يمكن تشجير الطرق الصحراوية بأطوال تتعدى آلاف الكيلومترات تزرع على الجانبين بعدد ٣ صفوف لكل جانب يستوعب ٣٦ مليون شجرة، مشددًا على أنه يمكن الاستفادة من أكثر من ٦ مليارات متر مكعب/ سنويًا من مياه الصرف الصحى المعالج بإنشاء غابات شجرية تكفى لزراعة ٨٤ مليون شجرة.

ولفت إلى أن كل فدان فى أرض الوادى والدلتا بحاجة إلى ٣٠ شجرة، للمساهمة فى عمليات الخدمة الزراعية، ودون التأثير على ناتج الأرض، أى أن الأرض الزراعية القديمة بحاجة إلى ١٨٠ مليون شجرة خشبية لتحسين الإنتاج.

واعتبر أن الغابات الشجرية لها دور مهم وفعال فى حفظ مناخ الأرض، نظرًا لما تمثله من كتلة حيوية مستهلكة للطاقة الشمسية، وكذلك غازات الاحتباس الحرارى، حيث يعاد اختزان تلك الغازات فى كتلة الغابات الحيوية، وهى بذلك تسهم فى حفظ التوازن البيئى المستدام للأرض.

الاستفادة من المساحات على جانبى الترع والمصارف 

أكد «يوسف» أن مصر تمتلك أكبر مساحة طولية على جوانب الترع والمصارف غير مستغلة تصل إلى ٣٤ ألف كيلومتر طولى و٢٠ ألف كيلومتر طولى مصارف، أى إجمالى المساحة الطولية على جوانب الترع والمصارف تصل إلى ٥٤ ألف كيلومتر طولى، وتستخدم بشكل عشوائى وسيئ من قبل الأهالى بالمناطق الريفية أو غيرها. وقال: «كما يتم إلقاء القمامة والقاذورات والمخلفات النباتية والحيوانية فى هذه الترع، لذلك من وجهة نظرى يمكن استغلال هذه المساحة الطولية على جوانب الطرق والترع والمصارف وزراعتها بأشجار خشبية، وهذا يحقق دعمًا قويًا للاقتصاد القومى من خلال خفض فاتورة استيراد الأخشاب من الخارج والاعتماد على الأخشاب المحلية».

وأضاف: «فى نفس الوقت يسهم ذلك فى تحقيق بيئة نظيفة خالية من الملوثات، وذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية والرى، وهذا يفتح مجالًا كبيرًا لعمل الشباب وخفض البطالة، ويتم الإشراف على هذه الأشجار من قبل المجالس والوحدات المحلية». ولفت إلى أنه يمكن أيضًا إنتاج الفلين والصمغ وعجينة الورق من هذه الأشجار، وتعتبر أشجار السرو الماهوجنى الإفريقى وأخشابها من أقوى الأخشاب التى تستخدم لصناعة السفن وفلانكات السكة الحديد أو القطارات. وواصل: «أرى أن الأهداف الاقتصادية المباشرة لزراعة الأشجار الخشبية فى مصر هى إنشاء مصانع للأخشاب لتطوير صناعة الأثاث والديكور، وأيضًا الاستفادة من مياه الصرف الصحى المعالج وتحويلها إلى قيمة اقتصادية تسهم فى تعويض بعض التكاليف الباهظة لإنشاء محطات معالجة مياه الصرف الصحى، وأيضًا توفير فرص عمل للشباب وتحسين ميزان المدفوعات، وذلك بإحلال الأخشاب المنتجة محليًا محل الأخشاب المستوردة من الخارج، الأمر الذى يؤدى إلى خفض فاتورة الواردات».

وأوضح أنه يمكن أيضًا إنشاء مصانع لإنتاج الزيوت من بذور بعض الأشجار الخشبية، التى تستخدم فى إنتاج الطاقة الحيوية أو ما يسمى بالوقود الحيوى، بخلاف تحسين نوعية الهواء نتيجة زراعة الأشجار وحماية المناطق الصحراوية والمدن الجديدة من العواصف الترابية.

مواجهة التغيرات المناخية والاحتباس الحرارى بزراعة الأشجار

أكد الخبير د. محمد يوسف أن الأشجار الخشبية لها عائد اقتصادى كبير جدًا، فهى استثمار حقيقى وتعمل على حفظ وصيانة الحياة البرية، وتقليل حدة التغيرات المناخية والاحتباس الحرارى الملحوظ حاليًا، مشددًا على ضرورة طرح هذه الأراضى للاستثمار فى مجال إنشاء الغابات الشجرية، لأنها لا تصلح لزراعة المحاصيل الاستراتيجية لتعظيم القيمة المضافة. 

وأضاف «يوسف» أن التوسع فى زراعة الأشجار غير التقليدية والمهملة كأحد الحلول للتعامل مع التغيرات المناخية والتخلص الآمن من مياه الصرف الصحى المعالج وتعظيم الاستفادة منها فى ظل ندرة المياه.

وقال إن زراعة الأشجار الخشبية مهمة جدًا فى الوقت الحالى، بسبب انتشار التصحر وهجوم المصريين على الأراضى الزراعية، مؤكدًا أنه يمكن من خلال تبنى مبادرة زراعة الأشجار الخشبية فى مصر استصلاح الأراضى الصحراوية، التى لا تجود فيها المحاصيل الاستراتيجية، والعمل على زيادة الغطاء النباتى الطبيعى، الأمر الذى يقلل من حدة التغيرات المناخية.

وأشار «يوسف» إلى أنه يمكن زراعة الأشجار الخشبية فى مصر بغرض إنشاء مصدات الرياح لحماية مزارع البساتين والحقول المكشوفة من العواصف الرملية والترابية، التى تؤثر سلبيًا على إنتاجية المحاصيل الزراعية المختلفة، ومن أهم هذه الأشجار الجلادتشيا والعبل والتاكسوديوم والكازورينا والاتربلكس والكافور. 

إنتاج الأعلاف الخضراء وتثبيت نيتروجين الهواء الجوى

قال الخبير الزراعى إن الأهداف الرئيسية من مبادرة زراعة الأشجار الخشبية فى مصر متعددة، حيث يمكن تصنيف الأشجار الخشبية حسب أهميتها إلى الأشجار الخشبية، وهى التى نحصل منها على الأخشاب، وتدخل فى الصناعات المختلفة، ومنها الباولونيا والكافور الكايا والتاكسوديوم والسرو والعبل واللبخ والنيم والسرسوع والحور والجلادتشيا والزنزلخت والتوت والصنوبريات والبونجاميا والماهوجنى الإسبانى والقسطل الإسبانى والبلوط والنبق واللوسينا والتمر الهندى.

وأشار إلى أن من أهداف مبادرة زراعة الأشجار الخشبية فى مصر إنتاج الأعلاف الخضراء من أشجار الأكاسيا والليوسينا والبروسوبس والتوت الخروب والجلادتشيا واللبخ والاتربلكس والبوهينا.

وأضاف: «كما يمكن زراعة الأشجار الخشبية بهدف تثبيت نيتروجين الهواء الجوى فى التربة الزراعية، الأمر الذى يؤدى إلى خفض معدلات التسميد الآزوتى أو النيتروجينى، وتقليل تكاليف مدخلات الإنتاج، خاصة أشجار السرسوع واللبخ والبوهينا وأبوالمكارم والكازورينا اللوسينا والأكاسيا». 

وأشار «يوسف» إلى أنه ممكن زراعة الأشجار الخشبية التى يمكن منها إنتاج الخشب الحبيبى خاصة أشجار الحور والصفصاف والعبل وغيرها، مضيفًا أن الأشجار الخشبية يمكن من خلالها الحصول على الفحم اللازم لكثير من الصناعات، خاصة إنتاج البوتشار كأحد أهم أنواع الأسمدة العضوية بالأراضى الزراعية، خاصة أشجار الكافور والتوت وباركينسونيا والبونجاميا والكازورينا والليوسينا.

وأضاف: من أهم أهداف مبادرة زراعة الأشجار الخشبية فى مصر الحصول على عجينة الورق اللازمة لإنتاج الورق بأنواعه المختلفة، من أهم هذه الأشجار الصفصاف والصنوبريات والكافور والحور. 

وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية- فى فترة استضافة مصر مؤتمر المناخ كوب ٢٧ بشرم الشيخ- أطلقت مبادرة الشرق الأوسط الأخضر بقيمة ٢.٥ مليار دولار، وزراعة ما يقرب من ٥٠ مليار شجرة بأنواع مختلفة خشبية أو غير ذلك.