رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليبيون لـ«الدستور»: العاصفة دانيال جعلتنا «نعيش أهوال يوم القيامة»

العاصفة دانيال
العاصفة دانيال

على مدار الساعات الماضية، عاشت ليبيا الشقيقة، ولا تزال، أوقاتًا عصيبة للغاية، بعدما ضربتها فيضانات مدمّرة، أكلت الأخضر واليابس، وغمرت بمياهها المنازل والمستشفيات والشوارع، لتخلّف وراءها آلاف القتلى والمصابين، وخسائر فادحة فى الممتلكات. 

وقدّر وزير الصحة الليبى، عثمان عبدالجليل، عدد الوفيات جراء هذه الفيضانات الناتجة عن العاصفة «دانيال» بـ١٠ آلاف شخص، مشيرًا إلى أن الأوضاع فى مدينة درنة تحديدًا تزداد مأساوية، مطالبًا الدول الصديقة بالمساعدة فى إنقاذ «ما تبقى من درنة».

«الدستور» تواصلت مع عدد من الليبيين فى مختلف مناطق البلاد، للحديث عن الأوضاع هناك، ولحظات الرعب والأسى التى عاشوها، إلى جانب دور مصر فى دعمهم.

يوسف كليش:  المياه ابتلعت وسط مدينة درنة بالكامل.. وانهيار السدود تسبب فى زيادة قوة المياه

لم يتردد يوسف كليش، مهندس مدنى، لحظة واحدة فى الانضمام إلى جهود إنقاذ ضحايا الفيضانات، وتولى جمع فرقة من المتطوعين لمساعدة أهالى مدينة درنة، نجحت فى تجهيز وإرسال ٣٠ سيارة محملة بمواد غذائية وإغاثية وعلاجية

ووصف «كليش» الوضع فى درنة بـ«القاسى» و«المأساوى للغاية»، فى ظل تضرر أجزاء كبيرة من المدينة بشدة، مضيفًا: «بمجرد دخول درنة فوجئنا بمأساة حقيقية، وكأننا دخلنا إلى أطلال مدينة، تحيطها رائحة الموت من كل مكان».

وواصل: «درنة واحدة من أقرب المدن إلى البحر، وبها عدد من الوديان التى تصب فى السدود الكائنة بها، لذا كانت آثار الدمار بها هى الأقوى»، مبينًا أنه «فى الثالثة فجرًا بتوقيت ليبيا، ضربت العاصفة البلاد، وهاجمت السدود التى لم تتحمل قوة المياه فانهارت، وتسببت فى اندفاع كميات هائلة من المياه إلى المدينة، وصل ارتفاعها إلى أكثر من ٣٠ مترًا».

وأكمل: «عندما دخلت وباقى المتطوعين المدينة، وجدنا أن الجزء الأوسط منها تقريبًا قد ابتلعته المياه بالكامل وغرق بكل من فيه.. الصور التى تنقلها وسائل التواصل الاجتماعى وعبر الأقمار الصناعية أقل بكثير من الواقع».

وتابع: «هناك العديد من المناطق التى تأثرت بالكارثة، لكن تظل درنة هى الأكثر تأثرًا.. الناس هنا فى حاجة إلى الإغاثة والمساندة من كل الدول، وسط توقعات بوصول عدد الوفيات إلى أكثر من ٢٠ ألف وفاة، والإصابات إلى أكثر من ٥٠ ألفًا».

وأتم بقوله: «المساعدة التى نقدمها هنا مجرد مساعدات لأفراد، ولن تكون بأى صورة بحجم مساعدات الدول، التى بالتأكيد سيكون لها دور كبير فى إنقاد آلاف المفقودين قبل فوات الأوان».

هند الورفلى:  نسمع نداءات إغاثة من مواطنين تحت الأنقاض

رغم أن هند سعيد الورفلى تعيش فى طرابلس، وهى مدينة لم تصبها العاصفة «دانيال» بشكل مباشر، تعيش لحظات المأساة ثانية بثانية مع أهل درنة، أكثر مدن ليبيا تأثرًا بالعاصفة.

وقالت «هند»: «نستقبل نداءات إغاثة من كل مكان عبر الهواتف والاتصالات الإلكترونية، بعضها لناس تحت الأنقاض»، مبينة أن هناك الكثير من المواطنين أسفل الأنقاض «يدقون الهواتف على أى رقم ويقولون لهم أسعفونا»، مضيفة: «مدن بالكامل انتهت واندثرت وعلى رأسها درنة، وما زال يصلنا العديد من نداءات الإغاثة حتى الآن».

وفى الوقت الذى تشعر فيه «هند» بالأسى والحزن الشديد على ما أصاب بلادها ومواطنيها، لم تنس الإشادة بتضامن الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الشعب الليبى، وإعلان مصر الحداد على دولتى ليبيا والمغرب ٣ أيام، مضيفة: «هذا ليس بجديد على الشعب المصرى، الذى يقف بجوار أشقائه ويتضامن معهم فى كل ما يمرون به من أحداث».

ملاك الطاهر:  نعيش فى رعب من انهيار سد «يغرق كل البلد»

قالت ملاك الطاهر، مقيمة فى طرابلس، إنها على تواصل دائم مع عدد من أهالى درنة وباقى المدن المتضررة، فى إطار تقديم ما سمته «إسعافات إلكترونية»، مشيرة إلى أن ذلك تواجهه أزمة كبيرة، تتمثل فى انقطاع الاتصالات عن الكثير من المناطق فى البلاد.

وأضافت «ملاك»: «كل سكان ليبيا يعيشون حالة من الرعب، وأكثر ما يُخيف المواطنين فى المحافظات الليبية الأخرى، هو وجود سد أوشك على الانهيار وبدأ فى تسريب الماء يدعى «سد برسس»، والذى قد يتسبب فى إغراق البلد كلها، وتنتج عنه كارثة مأساوية تفوق ما تعرضت له البلاد».

ودعت جميع الدول الشقيقة إلى مساعدة ليبيا لتجاوز هذه الكارثة، مشيدة بدور مصر وبإرسالها مساعدات إلى الشعب الليبى، بالإضافة إلى إعلانها الحداد على الشعبين المغربى والليبى لمدة ٣ أيام.

أسامة كنعان: أصعب أيام حياتنا.. والأوضاع فى غاية القسوة

يعيش أسامة كنعان، ممرض سورى يعمل فى ليبيا منذ ٥ سنوات، هو وأسرته «أصعب أيام حياتهم» فى الوقت الحالى، فى ظل عدم قدرتهم على الوصول إلى ابن أخيه الشاب الذى يقطن فى مدينة درنة، وفق ما قاله لـ«الدستور».

وأضاف «كنعان»: «ابن أخى يعمل فى محل حلويات بمدينة درنة، وآخر مرة تواصلنا معه كانت قبل الإعصار بساعتين.. تحدثت معه وقتها عن طريق واتساب، وطمأننى بأنه بخير، لكن بعد العاصفة حاولنا التواصل معه مرة أخرى فلم نتمكن».

وواصل: «كل أفراد الأسرة لم تجف عيونهم حزنًا على ابنهم وخوفًا من فقدانه، وما زلنا على أمل أن نجده، على الرغم من وجوده فى واحدة من أكثر الأماكن التى تضررت بسبب الإعصار، لذا ندعو فى كل لحظة أن ينجيه الله من تلك الكارثة».

وأكمل الشاب السورى: «الأوضاع فى ليبيا قاسية ومؤلمة لأقصى حد، والوفيات كثيرة، والجميع يبحث عن أقاربه، وسط انقطاع تام للتواصل معهم، ونأمل من الله أن تنتهى تلك الكارثة التى قضت على شوارع ومناطق عديدة». واختتم بقوله: «نأمل من الشعوب العربية أن تساعد وتقدم الدعم لنا هنا، فلو قدموا ورأوا الوضع بأعينهم سيشعرون بمقدار الألم الذى يعتصر قلوبنا على فقدان الأحبة بالوفاة أو فقدان التواصل معهم دون معرفة مصيرهم». 

آلاء عطية:  فقدت 11 من أسرتى دفعة واحدة.. والموقف لا يتخيله أحد

قالت آلاء عطية، ليبية من طرابلس، إن أقاربها كانوا يقيمون فى مدينة درنة، وتحديدًا داخل عمارات شارع «الوادى» التى تهدمت جميعها وابتلعها البحر، مضيفة: «علمت بأن ما لايقل عن ١١ شخصًا منهم قد ماتوا إلى الآن». وواصلت: «فقدنا الاتصالات بهم جميعًا من يوم الأحد، وحاولنا نتابع سيارات الإسعاف لتتواصل معهم فى البداية، إلا أن السيارات وجدت صعوبة بالغة فى الوصول إليهم، حتى علمنا بوفاتهم جميعًا».

وشددت على أن الوضع فى درنة لا يتخيله أحد، ولا يتطلب الإسعاف بالسيارات فحسب، بل يحتاج إلى طائرات إنقاذ، معتبرة أن «درنة تعيش أهوال يوم القيامة».

وطالبت «آلاء» الشعب المصرى وكل الشعوب العربية بالدعاء لأهل ليبيا، كى ينقذهم الله من هذه الكارثة، وتتوقف أعداد الضحايا عند هذا العدد المهول، وألا تزيد على ذلك.