متلازمة الهرس.. خطر محدق بالناجين من الزلزال المدمر فى المغرب

في ليلة مظلمة، ضرب زلزال عنيف وسط المغرب، مخلفاً أكثر من 1300 قتيل و1800 جريح، ومئات المفقودين تحت الأنقاض، وذلك حسب تقارير وزارة الداخلية المغربية. ولكن الخطر لم ينته بعد، فالناجون قد يواجهون متلازمة الهرس، وهي حالة خطيرة تنجم عن الضغط المستمر على العضلات؛ مما يؤدي إلى تلفها وانحلالها وإطلاق سموم في الدم.

الزلزال لم يكن له تأثيرات سلبية فقط على البنية التحتية والاقتصادية للمغرب، بل كان له أيضًا تأثيرات صحية ونفسية على السكان. فمن الآثار الصحية المحتملة للزلزال: الإصابات بالكسور والجروح والنزيف والعدوى، متلازمة الهرس التي تنجم عن انحلال العضلات المضغوطة وإطلاق سمومها في الدم، فشل كلوي حاد، اضطرابات في نظم القلب، صدمة وانخفاض في ضغط الدم، التعرض للبرد أو الحرارة المفرطة، نقص في الماء والغذاء، وانتشار الأمراض المعدية.

ومن الآثار النفسية المحتملة للزلزال، الصدمة والخوف والقلق والحزن، فقدان الأحباء أو الممتلكات أو المأوى، اضطراب ما بعد الصدمة، وهي حالة نفسية تستمر لأشهر أو سنوات بعد التعرض لحادث مروع، وتتضمن أعراضا مثل التكرارات أو الكوابيس أو التجنب أو التوتر أو التشاؤم، اكتئاب، انعزال اجتماعي، انخفاض في الثقة بالنفس أو بالآخرين، اضطرابات في النوم أو في التغذية.

محمد صلاح يدعم ضحايا زلزال المغرب (صورة)

أستاذ جيولوجيا يكشف أهم الصعوبات التى تواجه الحماية المدنية ببؤرة زلزال المغرب

ما هي متلازمة الهرس؟

وفي السياق، يقول الدكتور منير أشرف، إخصائي الجراحة العامة، إن متلازمة الهرس هي حالة تحدث عندما يتعرض جزء من الجسم لضغط شديد وطويل الأمد، مثل الأطراف أو الجذع أو أعضاء أخرى؛ بسبب انهيار مبانِ أو سقوط أشياء ثقيلة عليه.

ويضيف: "هذا الضغط يؤدي إلى نقص التروية الدموية للعضلات المصابة؛ مما يسبب نفوق خلاياها وانحلال أليافها. عند انحلال العضلات، تفرز بعض المواد في مجرى الدم، مثل الميوجلوبين والبوتاسيوم والفوسفات والكرياتين كيناز والأوريك أسيد، هذه المواد قد تكون سامة للكلى والقلب والأعضاء الأخرى، خاصة إذا كانت بكميات كبيرة".

ويتابع "أشرف" حديثه لـ "الدستور": "أعراض متلازمة الهرس قد تظهر بعد ساعات أو أيام من حدوث الإصابة، وتختلف باختلاف شدة ومدة الضغط على العضلات، وبعض هذه الأعراض تشمل الآلام الشديدة في المنطقة المصابة، احمرارًا أو اسودادًا أو انتفاخًا في المنطقة المصابة، صعوبة في حركة المفصل المصاب، تشنجات عضلية، ارتفاع في درجة حرارة الجسم، اضطرابات في ضربات القلب، وفقدان الوعي أو الغيبوبة".

تشخيص المرض

ويوضح إخصائي الجراحة العامة، أن تشخيص متلازمة الهرس يتم عن طريق الفحص السريري للمريض والاستفسار عن تاريخ الإصابة والضغط على العضلات، كما يتم إجراء بعض الفحوصات المخبرية لقياس مستوى بعض المواد في الدم، مثل الميوجلوبين والبوتاسيوم وغيرها. إذا كانت هذه المستويات مرتفعة، فهذا يشير إلى وجود انحلال عضلي وخطر متلازمة الهرس.

ويستطرد: "يتم أيضًا إجراء فحص للبول للكشف عن وجود الميوجلوبين أو الدم فيه. أحياناً، قد يتم إجراء فحص بالأشعة أو الموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي لتقييم حالة العضلات والأعصاب والأوعية الدموية في المنطقة المصابة".

"علاج متلازمة الهرس يهدف إلى منع أو تخفيف حدة المضاعفات التي قد تحدث نتيجة لانحلال العضلات وإطلاق سمومها في الدم"، يقول "أشرف" إن بعض خطوات العلاج تشمل:

• إزالة الضغط عن العضلات المصابة بشكل تدريجي وبإشراف طبي، حيث قد يؤدي إزالة الضغط بشكل مفاجئ إلى دخول كمية كبيرة من المواد السامة إلى مجرى الدم، مما يزيد من خطورة المتلازمة.
   
• إعطاء سوائل زائدة للمريض عن طريق التسريب (IV)، لزيادة حجم الدم وتحسين التروية الدموية للأعضاء، ولتخفيف تأثير المواد السامة على الكلى والقلب.
   
• إعطاء مدرات للبول (Diuretics)، لزيادة كمية البول وإخراج المواد السامة من الجسم.
   
• إعطاء محاليل أو أدوية لتصحيح اختلالات التوازن الكهروكيمائائية (Electrolyte imbalance) في الدم، خاصة ارتفاع مستوى البوتاسيوم (Hyperkalemia) أو انخفاض مستوى الكالسيوم (Hypocalcemia)، التي قد تؤثر على عمل القلب.
   
• إعطاء أدوية لتخفيف الألم والالتهاب في المنطقة المصابة.
   
• إجراء غسيل كلوي (Dialysis)، في حالات فشل كلوي حاد، لإزالة المواد السامة.

إجراءات الحماية

يشير الطبيب إلى أن متلازمة الهرس تعتبر حالة خطيرة تحتاج إلى تدخل طبي عاجل، ولكن يمكن تجنبها باتباع بعض الإجراءات الوقائية، مثل تجنب الوقوع تحت أشياء ثقيلة أو مبانِ مهدمة، خاصة في حالات الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الانهيارات الأرضية، وعدم التحرك بشكل مفاجئ أو عشوائي، لتجنب إصابات إضافية أو زيادة الضغط على العضلات.

ويختتم: "إذا كنت تساعد شخصًا محاصرًا تحت ضغط، فلا تحاول إزالة الضغط بشكل سريع أو دون إشراف طبي؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى دخول كمية كبيرة من المواد السامة إلى مجرى دمه، مما يزيد من خطورة المتلازمة، بل يجب تقديم الإسعافات الأولية له، مثل وقف النزيف وإعطاء سوائل ومسكنات للألم والحفاظ على درجة حرارة جسمه".