رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيد درويش والشيخ زكريا أحمد.. تفاصيل أول اتهام بسرقة فنية

سيد درويش
سيد درويش

على الرغم من وفاة فنان الشعب سيد درويش في سبتمبر من العام 1923، فإن المعركة الفنية التي أثير فيها اسمه عقب وفاته كانت شرسة لطعنها في أحقية المكانة الفنية التي حظي بها صديق سيد درويش وخليفته الموسيقار زكريا أحمد.

بدأت علاقة الفنانين، سيد درويش وزكريا أحمد، قبل سنوات من وفاة سيد درويش، آنذاك كان زكريا أحمد يتحسس أولي خطواته في عالم التلحين والغناء، بينما كان درويش يصعد إلى قمة المجد الفني، ومع ذلك فقد أثمرت تلك العلاقة عن صداقة قوية شهدت ظهور معظم إبداعات سيد درويش واستمرت حتى وفاته. 

معارك فنية

في مقال بعنوان «أشهر المعارك الفنية بين نجوم الغناء»، كشف الكاتب نبيل حنفي محمود في العدد 2 بمجلة "الهلال"، فبراير 2003 عن تفاصيل الاتهامات بالسرقة الفنية من سيد درويش والتي كان المتهم بها صديقه زكريا أحمد. 

أثرت علاقة زكريا أحمد بصديقه الراحل مشواره الفني في المراحل التالية من حياته، ومع ذلك، فقد أدت إلى الهجوم الممنهج عليه واتهامه بسرقة ألحان سيد درويش، تلك المعركة التي بدأت مع مقال كتبه محمد البحر، ابن الفنان سيد درويش.

هاجم محمد البحر الشيخ زكريا في عدد مجلة المسرح 19 يوليو 1926 ونشر مقالته في روز اليوسف بعنوان «سرقة في أمان»، فسارع زكريا أحمد بالرد على الاتهام على صفحات مجلة المسرح، ثم بعث الشيخ يونس القاضي مقالًا إلى مجلة المسرح موجهًا  العديد من الاتهامات إلى زكريا أحمد. 

بدأت المعركة بمقال «بحر»، الذي تبعه تأييد من الموسيقار يونس القاضي، والذي شن فيه حملة على زكريا أحمد واتهمه بسرقة بعض الألحان ودلل على ذلك بإيراد بعض الجمل الموسيقية المتشابهة، ومنها جملة «آدي وقت البرنيطة» من أغنية «البرنيطة» التي أرجعها لجملة «شوف بختك في مراتك» من أغنية «الشيطان»، ولحن طقطوقة «ارخي الستارة اللي في ريحنا»، من ألحان الشيخ زكريا أحمد والتي يرجعها الى لحن «ألفين حمدين» لسيد درويش، كذلك الربط بين أغنية «تركي أفندي» لزكريا أحمد وعلاقتها بأغنية «مصطفاكي بزياداكي» للشيخ سيد درويش.

اتهام بنهب تراث سيد درويش

يتحدث فكتور سحاب عن هذه الاتهامات في كتابه «السبعة الكبار في الموسيقى العربية المعاصرة» موضحًا أن زكريا أحمد كان من أشد الناس إعجاباً بالشيخ سيد، وقد فهم فنه وحفظ كل أعماله وتأثر بتلحينه الروايات المسرحية والغنائية، فلما مات درويش، ورث منه زكريا زعامة المسرح الغنائي، والقدرة على التعبير التمثيلي في الموسيقى، وغزارة الألحان. 

تابع سحاب بقوله: كان زكريا صادقاً في عاطفته مثل سيد، عنيفاً في عداوته مثل سيد، ولذا كان متوقعاً أن تتعثر صداقاته، وأن يتهمه خصومه بنهب تراث الشيخ سيد، فنشن عليه يونس القاضي، كاتب كلمات الكثير من أغنياته حينئذ، حملة شرسة في مجلة المسرح، اشترك فيها محمد البحر ابن سيد درويش، وكان وقتذاك في السابعة عشرة من العمر واتهمه بسرق ألحانه. 

المقامات تحسم الجدال

يشير الكاتب نبيل حنفي، في مقاله، إلى أن تلك المعركة التي شغلت الرأى العام بمصر قرابة سبعة أشهر انتهت على يد أحد هواة الموسيقى الذي أرسل برسالة حوت ملاحظاته عن هذه المعركة إلى إحدى المجلات التي نشرت رسالته الموضِحة لملاحظاته العامة على المعركة الدائرة بين مجموعة يونس القاضي وأنصار زكريا أحمد فضلًا عن تدليله على بطلان الاتهامات بسرقة زكريا أحمد من سيد درويش. 

وضح القارئ ذلك بقوله: «لم أجد غير الافتراء من الأديب الشيخ يونس على زكريا أحمد»، وختم رسائله بهذا الصدد قائلًا: «أقرر انتصاراً للحقيقة بأن ما يقوله يونس القاضي على الأستاذ الشيخ زكريا أحمد، من حيث سرقة الألحان، فهو باطل ويشتم منه رائحة العداوة للأستاذ الشيخ زكريا أحمد، وأقول للأديب الشيخ يونس من باب الاقتراح أنه يتعلم الموسيقى أولا ثم يكتب عن الموسيقيين ثانيا، لأنه غلط غلطة فنية مدهشة حين مقارنته للقطعتين (مصطفاكي) و(تركي أفندم)، والغلطة هي أن لحن (مصطفاكي) نغمتة نهاوند ولحن (تركى أفندم) نغمته حجاز كار كورد، والفرق بين الاثنين مثل الفرق بين الليل والنهار، أي أن ما أثاره يونس القاضي وشغل به الناس لاكثر من نصف عام كان عاريا من الصحة ولم يكن دفاعا عن تراث سيد درويش كما أوهم القراء».