رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعصب

 يقول وينستون تشرتشل: «المتعصب شخص لا يستطيع تغيير عقله ولا يغير الموضوع».
حكمة قالها السياسى العجوز تثبت صحتها فى كل الأوقات والأزمنة.. فتجد المتعصب، سواء كان سياسيًا أو دينيًا أو حتى رياضيًا، يصمم على رأيه حتى لو كان خاطئًا، ويتحدث عنه دائمًا ولا تجد تحت عباءة أفكاره سوى موضوع التعصب المقيت الذى يؤمن به إيمانًا راسخًا لا يتزعزع.
وهو لا يرى ولا يسمع الرأى الآخر، لذلك أسموه (تعصب أعمى)، وهذا أخطر ما فى الموضوع.
فالمتعصب الأعمى قد يخسر كل من حوله بمجرد الدخول فى أى حوار أو نقاش يمس أفكاره ومقدساته.. وقد تصل حالته فى بعض الأحيان إلى العنف والقتل (كما حدث مع بعض أفراد جماعة الإخوان المحظورة). 
لذا لزم علينا كمجتمع يتمنى العيش فى سلام ومحبة أن ننبذ التعصب فى كل صوره.. وهنا يأتى الدور المهم للأسرة وللإعلام.
فى مجال الأسرة يجب أن نربى أبناءنا والأجيال القادمة على احترام الرأى الآخر ومناقشته وتفنيد الأفكار المضادة، ثم رفضها بأدب أو الاقتناع بها لو كانت تستحق. 
وفى مجال الإعلام يجب تنقية الشوائب التى تملأ مواقع التواصل الاجتماعى وشاشات التلفاز وبرامج التوك شو.. التى توقد نار التعصب بين الأندية، فنرى فى الأسرة الواحدة صراعات شرسة بين الأخ وأخيه لتشجيع ناد معين على حساب ناد آخر، ما يؤدى للانحراف بالرياضة عن مسارها المخطط له لاستغلال طاقة الشباب لما هو مفيد لصحتهم البدنية والذهنية.. كذلك حذف الآراء الدينية المتطرفة والفتاوى بدون علم، التى تثير الفتنة، إلى جانب التعصب للأسف الشديد.
لذا أرى أنه يجب علاج الشخص المتعصب علاجًا نفسيًا حذرًا.. فلا نسفه أفكاره ولا نطيل فى الحوار البيزنطى أو الدون كيشوتى معه، فلا طائل ولا فائدة من إضاعة الوقت مع شخص متعصب.. دعه يرى مع مرور الزمن والأحداث صدق أو كذب ما يؤمن به وادعوا له بالهداية لعل الله ينير بصيرته للحق.
مع استمرار صعوبة الحياة، خاصة من الناحية الاقتصادية، يجب ألا نكتسب المزيد من العداوات مع من حولنا ونتعامل معهم يوميًا، سواء فى العمل أو الحياة العامة.. نحن فى حاجة للمزيد من الأصدقاء كى تستمر الحياة بهدوء وسلاسة.