رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تزايد نزلات البرد واختفاء الباراسيتامول الوريدى.. ما القصة؟

أرشيفية
أرشيفية

أصيبت إيمان إبراهيم، 55 عامًا، منذ أسبوعين بنزلة برد حادة أدت إلى ارتفاع درجة حرارتها بشكل كبير وصلت إلى 38.8 درجة، وحين أجرت الكشف الطبي كان من ضمن الأدوية التي كتبها لها الطبيب دواء الباراسيتامول الوريدي لخفض الحرارة.

رحلة بحث خاضها أبناء إيمان لإيجاد الباراسيتامول لخفض الحرارة، إلا أنهم لم يجدوه: "كانت هناك أدوية أخرى بها نفس المادة الفعالة، إلا أن الباراسيتامول الوريدي مختف، حيث أن الصيادلة أخبروا أبنائي بأنه لم يعد ينزل في الأسواق وتستخدم مادته الفعالة في أدوية أخرى".

توضح أنها ظلت لثلاثة أيام تستخدم خوافض حرارة دون جدوى وظلت الحرارة تنخفض إلى 38.5 وتعود لترتفع من جديد إلى 38.8 درجة مئوية: "اعتاد على تناول الباراسيتامول في أي نزلة برد لأنه سريع المفعول في خفض الحرارة".

إيمان مثلها كثيرون أصيبوا مؤخرًا بنزلات برد وبحثوا عن دواء الباراسيتامول، إلا أنهم لم يجدوه. ومنذ أيام أعلنت وزارة الصحة والسكان رصد حالتي إصابة بالمتحور الجديد "EG 5.2"، وفق نتائج التحاليل من مراكز ترصد حالات الأمراض الشبيهة بالإنفلونزا والأمراض التنفسية الحادة والالتهاب الرئوي، ويعود سبب الإصابة إلى القادمين من أوروبا.

عبدالجواد حسين: «سوء استهلاك الباراسيتامول الوريدي أدى إلى اختفائه»

الدكتور عبدالجواد حسين، مدير مستشفى حميات مطوبس بكفر الشيخ، أخصائي الباطنة والغدد الصماء، قال إن النقص الحاد لمنتج الباراسيتامول الوريدي في الصيدليات والمستشفيات الخاصة كان نتيجة السحب الشديد له بالأسواق، وذلك في ظل انتشار متحورات جديدة لفيروس كورنا.

وأوضح أن من أبرز أعراض المتحور الجديد ارتفاع درجات الحرارة لدى المصابين، وهو ما نتج عنه زيادة معدلات استهلاك المنتج بشكل مبالغ فيه حتى أصبح بعض المستشفيات والصيدليات لا يحوي منه إلا القليل وقد ينعدم أحيانًا.

وبين أن الباراسيتامول الوريدي يعد مادة مسكنة  تعمل على منع تكون نواقل معينة مسئولة عن الألم في الجهاز العصبي المركزي وقطع الإشارات العصبية، لاسيما  كونه خافضًا للحرارة، ومن ثم يتم الاعتماد عليه بشكل كبير فى علاج المرضي.

أضاف: لوحظ وجود نقص حاد لمحلول الباراسيتامول الوريدي في الأسواق وعدد من المستشفيات نتيجة سوء استهلاك المنتج، ولكن يتوافر عدد من البدائل الأخرى له، والتي قد تكون بنفس درجة الفاعلية لخفض دراجات الحرارة، مثل "البروفين والفولتارين" وغيرهما من البدائل المتاحة التي يمكن أن تستخدم في نفس الأغراض الطبية.

وأكد أن الباراسيتامول أكثر أنواع خوافض درجات الحرارة أمانًا مع كل الحالات المرضية  مثل مرضى الكلى الغدة، ومن ثم يلجأ الأطباء جميعهم إلى استخدامه؛ لأنه ليس له أي آثار سلبية عند استخدامه إلا إذا تم استخدامه بشكل مبالغ فيه.

وأوضح أن العديد من المستشفيات الحكومية يتوافر بها المستلزمات الطبية كافة والأنواع المختلفة من الأدوية العلاجية، ولا يوجد بها نقص من محلول الباراستيمول الوريدي، وذلك رغبة في الحفاظ على أروح المرضى ومتابعة الحالات الحرجة، والذي كان ثمرة جهود هيئة الدواء في توفير ذلك.

جولة في الصيدليات للبحث عن الباراسيتامول الوريدي

أجرت "الدستور" جولة على عدد من الصيدليات في نطاق القاهرة والجيزة، في منطقة حلوان لم نجد دواء الباراسيتامول الوريدي في 5 صيدليات وكان الرد بأنه مختف من السوق منذ فترة طويلة وأن هناك أدوية أخرى بها المادة الفعالة.

وفي منطقة الدقي لم نجد الباراسيتامول الوريدي في 5 صيدليات أخرى، حيث أكد الصيادلة أنه مختف من السوق وتوجد بدائل له حبوب مثل دواء "أدول" ويوجد الشراب لكن الباراسيتامول الوريدي مختف منذ فترة طويلة من السوق المصرية.

حاولنا الاتصال بشكل عشوائي بعدد من الصيدليات الأخرى في محافظات مختلفة مثل القليوبية والإسكندرية ولم نجد دواء الباراسيتامول الوريدي، حيث أكد الصيادلة أنه مختف من السوق منذ فترة وتوجد بدائل له بأسماء شركات أخرى.

أماني يصاب زوجها بنزلة برد ولا تجد الباراسيتامول

ذلك ما لجأت إليه أماني خالد، حين أصيب زوجها بنزلة برد حادة أدت إلى إصابته بحمى وارتفاع درجة الحرارة بشدة وصلت إلى 40 درجة، وكتب له الطبيب الباراسيتامول الوريدي من أجل خفض درجة الحرارة المرتفعة تلك.

تقول: "بحثت عنه في صيدليات كثيرة إلا إنني لم أجده، وكان الجميع يؤكد أنه لا داعي للبحث بسبب أنه مختف في السوق المصرية منذ فترة طويلة، بسبب الإقبال عليه نتيجة الإصابة بنزلات البرد، والتي تحتاجه بشكل رئيسي بسبب سرعته في خفض درجة الحرارة للمريض".

تضيف: "طالت فترة مرضه بسبب استخدام بدائل للباراسيتامول الوريدي، والتي لم تجد معه نفعًا، لذلك ظلت حرارته مرتفعة أسبوعا كاملا دون جدوى، حتى أخذ الفيروس دورته في جسده وانتهى لتنخفض درجة حرارته باستخدام المضادات الحيوية بعد زوال المرض".

نقيب صيادلة القاهرة: «عدم توافر العملة الصعبة سبب رئيسي»

الدكتور محمد الشيخ، نقيب صيادلة  القاهرة وعضو مجلس الشيوخ، أوضح أن آثار أزمة الدولار وتوفير العملة الصعبة طالت القطاع الطبي ما أدى إلى حدوث عجز في توافر بعض الأدوية والمستلزمات الطبية بالصدليات والعديد من المستشفيات بالقطاعين العام والخاص.

قال: "وجود نقص في محلول الباراسيتامول الوريدي فى الوقت الحالي نتيجة السحب المستمر لهذا المنتج؛ نظرًا لوجود إصابات بنزلات برد ومتحورات كورونا، وهو أحد الأدوية الرئيسية التي تستخدم في خفض درجات حرارة المصابين".

وأردف الشيخ: لإمكانية التغلب على تلك الأزمة يتم الاتفاق مع الجهات المعنية على تدبير النقد الأجنبي المستحق للأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، معلقًا: "تخصيص العملة الأجنبية لتوفير المستلزمات والأدوية الأكثر احتياجًا والأكثر أهمية، والتي يمكن أن يسبب نقصه خطرًا ونتائج وخيمة تهدد أرواح المرضى".

وأضاف: "يستوجب توفير مواد خام للأدوية، العمل على حل مشاكل المصدرين والمستثمرين، والعمل أيضًا على رفع جودة إنتاجنا من الأدوية وغيرها لتوفير التكلفة فيما بعد الاكتفاء الذاتي، ونوه إلى أن لكل منتج دوائي 13 نظير ولكن تتفاوت في درجات الفاعلية وهذا قد أيضًا أدى إلى سحب الأنواع الأخرى من الأسواق".

واختتم: "لتلاشي حدوث عجز في توفير الأدوية والمستلزمات الجهات المعنية القيام بعمل  عدد من دراسات الجدوى ومطالبة المصانع وخطوط الإنتاج كل لتوفير الكميات المطلوبة من الأدوية التي يحتاجها المرضى".

علي عوف : «لا يوجد نقص فى الأدوية داخل المستشفيات الحكومية»

فيما أكد الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، لـ"الدستور" إن هيئة الدواء تحرص على توفير الأدوية اللازمة بكل المستشفيات الحكومية، حيث أن 80% من المستشفيات الحكومية بها مخزون كافي من الأدوية، موضحًا أن النقص في الأدوية قد يكون بالقطاعات الطبية الخاصة كالعيادات والصيدليات والمستشفيات الخاصة فقط وليست الحكومية.

وقال: "المستشفيات الحكومية جميعها توافر بها مخزون من الأدوية يكفي مدة لا تقل عن 3 أشهر من استيراد الشحنة، ومن ثم يتمكن المريض من صرف له ما يحتاجه من الأدوية".

وأضاف: "أي دواء مستورد له بديل مصري بأسعار أقل وبنفس الجودة والكفاءة، كما أن هيئة الدواء تضع ضوابط صارمة لصرف العلاج، وذلك منعًا من المتاجرة بتلك الأدوية بالسوق المصرية".

واستكمل: "يستهدف الاتحاد العام للغرف التجارية تعزيز المخزون اللازم وتوفير الكميات المطلوبة بالوحدات والمستشفيات الحكومية، من خلال وضع عدد المقترحات والخطط المدروسة؛ لتحقيق طفرة في حجم صادراتنا من تلك الأدوية، ولإمكانية ضخ استثمارات جديدة".

ونوه: "مصر تمكنت من تحقيق صادرات من الأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية بلغت 968 مليون دولار عام 2022 مقابل 697 مليون دولار عام 2021، كما يستهدف المجلس التصديري زيادة صادرات الأدوية 30% خلال عام 2023".