رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من تاريخ جماعة الإخوان الأسود "1"

ما أن تأسست جماعة الإخوان في 1928 على يد حسن البنا، إلا ورعتها المخابرات البريطانية بالدعم المالى وتوظيف الشعار الإسلامي غطاءً لأعمالها، لاستقطاب المُرِيدين والأتباع والتغرير بهم، لخدمة الأهداف الصهيونية التي تتبناها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان الهدف الرئيسي لبريطانيا وأمريكا هو مواجهة المد الوطني والقومي، الذي اتخذ شعار (الحرية والاستقلال عن الاستعمار)، وتحرير مصر من القيود الاستعمارية التي فرضها المستعمرون من أجل السيطرة على العالم العربي، ونهب ثرواته واستعباد شعوبه لتسخير مقدراتهم في خدمة المشروع الصهيوني.. ولتحقيق تلك المهمة القذرة، وجدت المخابرات الأمريكية في جماعة الإخوان قوة مترابطة وتنظيمًا متماسكًا، اعتمد فلسفة الماسونية طريقًا لبناء منظومتهم، فقررت الولايات المتحدة الأمريكية توظيف جماعة الإخوان لتنفيذ أجندتها في العالم العربي، ليتحقق لها السيطرة الكاملة على ثرواته.. وجندت المخابرات الأمريكية سعيد رمضان، نسيب حسن البنا، وأحد القيادات الرئيسية لجماعة الإخوان، وأطلقت عليه عميلًا في الـ"سي آي إيه"، وقد ساعدته أمريكا في محاولة الانقلاب على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كما تم الاعتماد على الجماعة في توظيفهم في الحرب الأمريكية ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، تحت شعار (الجهاد في مواجهة الشيوعية المُلحدة)، وأفرزت عديد من الفِرَق الضالة والإرهابية، مثل القاعدة، والتكفير والهجرة، التى اتخذت من الإسلام شعارًا لقتل الأبرياء ترويعًا، واستباحًة لحقوق الناس وأكل الأموال بالباطل، وإثارة الفوضى في الوطن العربي طريقًا لإسقاط الأنظمة وانهيار الدولة، بدعم لا محدود من أجهزة المخابرات الأمريكية.
وتم الاتفاق بين جماعة الإخوان وإدارة المخابرات البريطانية في مصر، عند تأسيسها، على تنفيذ المهمات التالية:
ـ تنفيذ الأجندة الاستعمارية البريطانية في مصر، ومقاومة كل الوطنيين والقوميين الذين يدفعون الوطن نحو الديمقراطية والحرية، وتأسيس دولة المؤسسات والقانون، ومطالبة المستعمر البريطاني بالجلاء عن الدولة المصرية.
ـ أنَّ تُنشئ جماعة الإخوان جهاز مخابرات تحت اسم "الجهاز السري"، حيث تم تكليفهم من المخابرات البريطانية بجمع المعلومات عن السفارات الأجنبية في مصر، ومعلومات عن المنشآت العسكرية المصرية، وكل ما يمت بصلة لتوجهات القوات المسلحة المصرية.
ـ تنفيذ عمليات الاغتيال لكل من يقف ضد منهج الإخوان، وتصفية القيادات السياسية التي تتعارض مع توجهات سياسة الجماعة.
ـ السيطرة على الاقتصاد والشركات والحركة التجارية والنقابات المهنية، والتغلغل في المناصب الحساسة في الأجهزة الحكومية، لتوجيه سياسة الدولة لخدمة مصالحهم، لإحكام سيطرتهم على القرارات الإدارية الحكومية التي تخدم تنفيذ أجندتهم السياسية.
وفي صيف 1953، استقبل الرئيس الأمريكي أيزنهاور، فـي البيت الأبيض، سعيد رمضان، المسئول العسكري والأيديولوجي.. ومنذ تلك اللحظة، اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية جماعة الإخوان حليفًا معتمدًا لها في العالم العربي، لتوظيف التناقض الأيديولوجي بين الفكر الإسلامي والنظرية الشيوعية، في خدمة المساعي الأمريكية لتحطيم الاتحاد السوفييتي، باستخدام فكرها الجهادي ضد الشيوعية، وخدمة أهدافها الاستعمارية في أفغانستان.. وتتلخص مواقف جماعة الإخوان فيما يلي:
ـ عقيدة الإخوان أنَّ المجتمع المسلم في مصر وغيرها من الوطن العربي يعيش في جاهلية، وهو مجتمع كافر، ولذلك استغلوا المساجد لنشر دعوتهم الباطلة، باستقطاب الشباب وتوسيع قاعدة المنتمين لجماعة الإخوان في مختلف المحافظات، بتخطيط جهنمي لتمكينهم من التغلغل في الأجهزة الحكومية، لخدمة أهدافهم السياسية والاقتصادية والسيطرة على مقدرات الحكم.
ـ ساهم إنشاء أحد البنوك المسماة بـ"الإسلامية" في مصر 1976 في تعزيز طاقة الجماعة، وكان من بين أعضاء مجلس إدارته، يوسف القرضاوي، وعبداللطيف الشريف، ويوسف ندا، حيث ستُوجَه سياسته لدعم الإخوان، ليس في مصر فحسب، وإنما في كل المنطقة العربية.. ومن ضمن أشهر المؤسسين للبنك، الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن، الذي كان يعتبر المرشد الروحي للجهاد، حيث ساعد المخابرات الأمريكية في تجنيد الشباب العربي للعمل لمحاربة الاتحاد السوفييتي لصالح الأهداف الأمريكية.
ـ أصبح يوسف القرضاوى، أحد زعماء الإخوان، يُصدِر فتاوى القتل ويُشجع الانتحاريين على تفجير أنفسهم وقتل المدنيين الأبرياء في العراق أثناء الغزو الأمريكي، من موقعه كمرجع أعلى في المسائل الدينية والشرعية للجماعة.
ـ انطلقت جهود إسرائيل في دعم الإخوان، أواخر السبعينيات، وكانوا أيضًا يتلقون الدعم المالي من المخابرات الأمريكية واستخدامه في تأليب الإخوان في دمشق، لإثارة القلاقل وتحدى النظام والتحريض على إسقاط الحكومة السورية، تنفيذًا للأجندة الصهيونية.
ـ التعاون مع المعارضة الإيرانية أيام حكم الشاه، حيث بدأت العلاقة سنة 1936، أثناء زيارة سيد روح الله مصطفى الموسوي الخميني إلى مقر جماعة الإخوان في مصر، وعَقَد لقاءً خاصًا مع حسن البنا، المرشد الأول لجماعة الإخوان، كما زار الرئيس الإيراني، أحمدي نجاد، القاهرة بدعوة من الرئيس محمد مرسى، أثناء حكم الإخوان في مصر، وزيارة مرسي لطهران عام 2012، للمشاركة في مؤتمر عدم الانحياز، وذلك دليل على الصلة الوثيقة بين قادة الثورة الإيرانية والإخوان، كما طلبت حكومة الإخوان سِرًا المساعدة من إيران، لتعزيز قبضتها على السلطة، وتم لقاء سري بين عصام الحداد، مستشار مرسي، ومدير المخابرات الإيرانية الذي زار القاهرة سِرًا سنة 2013.
ـ تم، برعاية قطريةـ إيرانية وشراكة الإخوان السوريين والفصائل المقاتلة، فرض التهجير القسري من مدن وبلدات سورية كثيرة، واشتهر ما عُرِف باتفاق (المدن الأربع)، الذي تزامن مع الزيارة السِرية لوزير خارجية قطر لبغداد ولقائه بقاسم سُليماني، كل هذا، قرَّب طهران من الإخوان، واتفقوا على التعاون معًا ضمن استراتيجية مشتركة في سوريا.
ـ كان موقف الإخوان أثناء الحرب العراقية الإيرانية متعاطفًا تجاه إيران، بوصفها صاحبة الحق في نشر الإسلام وفتح البلدان، انتصارًا لله والمؤمنين مقابل الكفار والطواغيت، لتحقيق الحق والعدل في الأرض وعِمَارتها، وفق منهج الله ورسوله.. (منقولًا من دراسة الباحث الأكاديمي د. يوسف رباعبة، المتخصص في الدراسات الدينية).
ـ في حوار مع صحيفة «السياسة» الكويتية، بتاريخ 23 نوفمبر 2002، أكد الأمير الراحل، نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، أنَّ "جماعة الإخوان أصل البلاء في كل مشاكلنا، وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار".
ـ هروب أسامة بن لادن إلى السودان، التي كان يحكمها آنذاك الإخوان تحت سيطرة حسن الترابي، حيث بدأ من هناك هجوم بن لادن على السعودية، وتوفير الرعاية الكاملة له ولأعوانه.
ـ أعلنت وزارة الداخلية المصرية، بتاريخ 16 إبريل 2017، عن ضبطها ألغامًا أرضية وقنابل يدوية مُدوَّنة عليها عبارات بالفارسية، وقد تم ضبط ثلاثة عشر عُنصرًا من جماعة الإخوان، لتؤكد هذه الحادثة استمرار إيران في دعمهم بالسلاح والعتاد، لتنفيذ خطط إرهابية والقيام باغتيالات المسئولين والأبرياء في مصر.
ـ فشل محاولات الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، منذ انقلابه على والده، ليفرض حضوره كزعيم عربي أو إسلامي أو خليجي، وأصبحت قطر سببًا في أضعاف مجلس التعاون الخليجي، حيث اعتمد اعتمادًا كليًا على تبني سياسة الإخوان، وإمكانية توظيفهم في السيطرة على الدول العربية، لتواجدهم في تنظيمات قادرة على التحريض على الأنظمة وإسقاطها، وأهمها مصر، التي ستكون رُمَانة الميزان والقاعدة التي تنطلق منها الدوحة لتحقيق سيطرتها على الدول العربية المجاورة لمصر، مثل ليبيا وتونس والمغرب العربي، في تحقيق أهداف حمد في الزعامة الوهمية.. وقد استطاع بدعم الإخوان، زعزعة النظام في مصر وسيطرة الإخوان على الحكم فيها، ولكن بعد سنة واحدة، سقط حمد بن خليفة في الدوحة، وسقط المرشد، على وقع أقدام الشعب المصري في الثلاثين من يونيو، وتبخر الحلم.. وبسقوط حكم جماعة الإخوان، تم إسدال الستار على الفصل الأخير من أهدافهم الشريرة، وما ارتكبوه من جرائم في حق الوطن العربي.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.