رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقائق عن بيع منظومة «حيتس» الإسرائيلية لألمانيا

رغم الاحتجاجات التى تستمر أسابيع، والتحذيرات الأمنية هنا وهناك، والتوقعات السيئة للاقتصاد، وانتقادات العالم بسبب خطة الإصلاح القضائى، فإن حكومة نتنياهو تواصل العمل تحت الطاولة فى أحد أهم الملفات الحيوية لإسرائيل، وهو المبيعات العسكرية.

صدق نتنياهو عندما قال فى كتابه «بيبى.. قصة حياتى» إن «مجموعة من الأوليجارشية تهيمن على الإعلام الإسرائيلى»، هذا الخبر لم يتصدر العناوين فى الصحف العبرية، بينما كانوا مشغولين بتغطية الاحتجاجات ضده!

قبل أكثر من أسبوع، كانت إسرائيل تبرم صفقة هى الأكبر فى تاريخها تبيع بموجبها منظومة صواريخ «حيتس ٣» أو «Arrow 3» المتطورة لألمانيا مقابل ٣.٥ مليار دولار، فيما صادقت الإدارة الأمريكية على منح الإذن لإسرائيل ببيع منظومة الصواريخ المذكورة لألمانيا.

وسيعقد اجتماع قريب بين وزارة الجيش ووزارة الدفاع الألمانية، بالإضافة للصناعات العسكرية الإسرائيلية، للتوقيع على الصفقة التى تصل قيمتها إلى ١٤ مليار شيكل، وسيشمل التوقيع ضمانات مالية بقيمة ٦٠٠ مليون شيكل إلى حين الانتهاء من الصفقة، حيث يتوقع أن تتم مراسم التوقيع فى نوفمبر المقبل، بمجرد الحصول على الموافقات النهائية من كلا البرلمانين. 

وتتوقع برلين أن يتم تسليم نظام «Arrow 3» فى الربع الأخير من عام ٢٠٢٥، وجاء الاتفاق فى اجتماع فى أبريل الماضى بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمستشار الألمانى أولاف شولتس، وفى حينه غمز لنا نتنياهو بعينيه، وقال إن شيئًا مهمًا يتم الاتفاق حوله.

نعم هذا ليس تضليلًا، إسرائيل تبيع صواريخ لألمانيا التى تعتبر من أهم الدول المُصنعة للأسلحة فى العالم.

منظومة صواريخ «حيتس ٣» هى منظومة الدفاع الجوى الصاروخى الأكثر تطورًا فى العالم فى اعتراض الصواريخ الباليستية أثناء وجودها خارج الغلاف الجوى للأرض، وتقوم بإخراج المقذوفات ورءوسها الحربية النووية أو البيولوجية أو الكيميائية أو التقليدية بالقرب من مواقع إطلاقها، من مسافة تصل إلى ٢٤٠٠ كيلومتر «١٤٩٠ ميل»، وتعمل المنظومة بفكرة الاصطدام المباشر بالهدف «HIT TO KILL». وجرى تطويرها عبر الصناعات العسكرية الإسرائيلية والوكالة الأمريكية للحماية من الصواريخ «MDA»، ويجرى الآن العمل على تطوير منظومة «حيتس ٤».

الصفقة تعكس أربع حقائق: 

■ إسرائيل تبنى قوتها العسكرية والاقتصادية: «الصفقة ستدفع صادرات الدفاع الإسرائيلية إلى مستوى قياسى جديد، بعد أن حققت الصفقات العسكرية العام الماضى ١٢.٥ مليار دولار».

■ إسرائيل تكسب ثقة الولايات المتحدة رغم الخلافات بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو حول «الإصلاح القضائى».

■ ألمانيا تستعين بأسلحة إسرائيل «بعد التاريخ الأسود وذكريات الهولوكوست»: نتنياهو لم يفوت الفرصة، وقال فى بيان دراماتيكى واصفًا الصفقة بأنها نقطة تحول تاريخية» بين البلدين: «قبل خمسة وسبعين عامًا، تم سحق الشعب اليهودى وتحوله إلى رماد فى ألمانيا النازية»، «بعد خمسة وسبعين عامًا، أعطت الدولة اليهودية لألمانيا، لكن ألمانيا أخرى، أدوات للدفاع عن نفسها.. يا له من فخر إسرائيلى. يا لها من نقطة تحول تاريخية».

■ أوروبا تهتم بالسلاح الإسرائيلى: رغم معارضة سياسات نتنياهو، منذ غزت روسيا أوكرانيا فى فبراير ٢٠٢٢، أصبحت أوروبا وبعض الدول الأخرى أكثر جدية بشأن إنفاق الأموال على دفاعها الوطنى، وحتى لو كان هناك ساسة أوروبيون يرفضون سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين والإصلاح القضائى للحكومة، إلا أنهم، فى الوقت الحالى، لا يريدون سوى الأسلحة والتقنيات الدفاعية لإنقاذهم من نزوات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين العسكرية.

أما ألمانيا، فتسعى إلى تعزيز دفاعاتها، وسط الغزو الروسى لأوكرانيا، كما قادت الحكومة الألمانية حملة لتعزيز الدفاعات الجوية لحلف الناتو فى أوروبا بعد أن شاهدت الضربات الصاروخية الروسية التى لا هوادة فيها على أوكرانيا، وحثت الحلفاء على شراء أنظمة الردع معًا، وقد وقَّع أكثر من اثنتى عشرة دولة أوروبية حتى الآن على ما يسمى بـ«مبادرة درع السماء الأوروبية».