رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقود السفن الأخضر

فى سابقة هى الأولى من نوعها، على مستوى القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط، أعلنت «الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس»، أمس الأول، الجمعة، عن نجاح عملية تموين أول سفينة حاويات، فى العالم، تعمل بالوقود الأخضر، الميثانول، بميناء شرق بورسعيد. وأكدت الهيئة، فى بيان، أنها تخطط لتحويل المنطقة إلى مركز إقليمى لتموين السفن، وسط مساعيها لتوطين صناعة الوقود الأخضر والصناعات المغذية والمكملة لها، وبالتالى تعظيم الاستفادة من مواقع موانئها على البحرين الأحمر والمتوسط.

سفينة الحاويات التابعة للخط الملاحى ميرسك «Maersk» تم تزويدها بـ٥٠٠ طن، خمسمائة طن، من الميثانول الأخضر، بمحطة قناة السويس لتداول الحاويات، المشغل الرئيسى لميناء شرق بورسعيد، عبر البارجة «Lara S»، التابعة لـ«شركة OCI» العالمية، العاملة فى مجال تموين السفن بالوقود الأخضر. وبالتعاون مع هيئة قناة السويس ومحطة قناة السويس لتداول الحاويات، ومرفق إسعاف بورسعيد، وقوات الحماية المدنية، أدارت هيئة المنطقة الاقتصادية هذه العملية بشكل جيد وآمن، وأشادت بالدور الذى قامت به القوات البحرية والداخلية فى خطة الطوارئ، التى أعدتها الهيئة لتنفيذ العملية، التى استغرقت حوالى ست ساعات.

الأزمات المتسارعة الناتجة عن تغير المناخ، والمخاوف المتزايدة بشأن أمن الطاقة، عزّزت الاهتمام بالميثانول الأخضر، الذى يتم إنتاجه عبر دمج الهيدروجين، مع ثانى أكسيد الكربون المتجدد أو المعاد تدويره. وبحسب مجموعة «معهد الميثانول» الأمريكية، فإن هذا النوع من الوقود يتميز بقابليته للتحلل البيولوجى، ويظل سائلًا فى درجات الحرارة والضغط المحيطين، ما يجعل شحنه أسهل وتخزينه أكثر سهولة، كما أنه لا يتطلب غير إجراء تعديلات أو تغييرات قليلة فى البنى التحتية، لمنع تسربه.

تأسيسًا على ذلك، أولت الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا بملف الطاقة الجديدة والمتجددة، وأطلقت حوافز عديدة، لتشجيع الاستثمارات الخاصة فى هذا المجال. كما حرصت الرئاسة المصرية للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب ٢٧» على طرح وتطوير مبادرات، لتعزيز الوصول إلى التمويل المناسب، لتنفيذ أجندة الانتقال العادل نحو الطاقة النظيفة، ووضعت مشروعات المناخ على طاولة واحدة، تضم القطاعين العام والخاص، ومؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية وغيرها، وقامت بتيسير الحوار بينها، بشأن مشاركتها فى توفير فرص استثمارية تدعم الإجراءات ذات الأولوية.

من بيان أصدرته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، منتصف نوفمبر الماضى، عرفنا أن صندوق مصر السيادى قام، على هامش فعاليات المؤتمر، بتوقيع اتفاقيات وبروتوكولات تعاون، فى قطاع الطاقة المتجددة، مع تسعة من المطورين، قيمتها ٨٣ مليار دولار. ومنتصف مايو الماضى، تم توقيع اتفاقية بين شركة الإسكندرية الوطنية للتكرير والبتروكيماويات «أنربك»، وشركة «سكاتك إيه إس إيه» النرويجية، بالتعاون مع الشركة المصرية للإيثانول الحيوى، لإنتاج ٤٠ ألف طن سنويًا من الميثانول الأخضر يمكن زيادتها حتى ٢٠٠ ألف طن سنويًا. ووقتها، أكد تيرييه بيلسكوج، الرئيس التنفيذى لشركة «سكاتك»، أن توفير وقود أخضر مستدام عالى الجودة بأسعار تنافسية سيسهم فى وضع مصر على رأس قائمة الدول المصنعة للمنتجات الكيماوية الخضراء والمصدرة لها، وسيجعلها محورًا أو مركزًا رئيسًا لتموين خطوط الملاحة العالمية.

المهم هو أن سفينة الحاويات التى انطلقت من ميناء بوسان الكورى الجنوبى، فى ٦ أغسطس الجارى، هى واحدة من ١٩ سفينة جديدة تعمل بالوقود الأخضر، قالت شركة «ميرسك»، عملاق الشحن البحرى الدنماركى، إنها تخطط لضمها إلى أسطولها، بين عامى ٢٠٢٣ و٢٠٢٥. وهنا قد تكون الإشارة مهمة، إلى أن الشركة كانت قد وقعت، فى أبريل ٢٠٢٢، مذكرة تفاهم مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لإقامة مشروع يهدف إلى توفير الوقود الأخضر لتلك السفن بكميات كافية. كما أعلنت الشركة ذاتها، فى أغسطس الماضى، عن اعتزامها استثمار حوالى ٥٠٠ مليون دولار لتحويل محطة قناة السويس لتداول الحاويات إلى محطة خضراء.

.. وأخيرًا، أكدت شركة «ميرسك» أن السفن الجديدة، التى تعمل بالوقود الأخضر، ستقلل الانبعاثات السنوية من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، الناتجة عن أسطول الشركة، بحوالى ٤٥٠ ألف طن.