رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الزراعة المستدامة في مصر.. تحديات التغيرات المناخية وفرص التغلب عليها

تغير المناخ
تغير المناخ

تعتبر الزراعة من أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في مصر، حيث توفر الغذاء والدخل والعمل لملايين المواطنين، ولكن هذا القطاع يواجه تحديات جسيمة بسبب التغيرات المناخية التي تهدد استدامته ومستقبله. فما هي هذه التحديات؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟.

في التقرير التالي، نحاول الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تحليل الآثار المترتبة على التغيرات المناخية على الزراعة في مصر، والإجراءات التي تتخذها الحكومة والمجتمع المدني للتكيف معها والتخفيف منها، كما نقدم بعض الحلول المقترحة لزيادة قدرة القطاع الزراعي على مواجهة المخاطر المناخية والحفاظ على موارده وإنتاجيته.

تشهد مصر زيادة في درجات الحرارة وانخفاض في كمية الأمطار؛ مما يؤدي إلى تقلص في مواسم الزراعة وتدهور في جودة المحاصيل، كما تتعرض البلاد لظواهر مناخية شاذة مثل السيول الصحراوية والبرد والصيف الكاذب، التي تلحق أضرارًا بالأراضي الزراعية والبنية التحتية والمنشآت الزراعية.

ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، فإن إنتاجية المحاصيل الزراعية في مصر قد تنخفض بنسبة 13% بحلول عام 2050 بسبب التغيرات المناخية.

 

تحديات بيئية

ومن جانبه، يقول الخبير في مجال البيئة، يحيى عبد الجليل، إن مصر تعاني من نقص حاد في الموارد المائية، حيث تقل معدلات التجديد الطبيعي للمياه عن مستوى خط الفقر المائي، الذي يُقدَّر بـ 1000 متر مكعب للفرد في السنة، وتزداد هذه المشكلة بسبب ازدياد الطلب على المياه من قبل القطاعات المختلفة، خاصة الزراعية التي تستهلك حوالي 80% من إجمالي استخدامات المياه.

ويضيف: "تتأثر مصادر المياه بالتلوث الناتج عن التصريف الزراعي والصناعي والمخلفات البشرية، كما تواجه دلتا نهر النيل خطر الغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، نتيجة ذوبان الجليد في قطبي الأرض، وتُعَد دلتا نهر النيل أكثر المناطق خصوبة وإنتاجية في مصر، حيث تضم حوالي 40% من الأراضي الزراعية وتنتج حوالي 60% من المحاصيل الزراعية".

وأكد "عبد الجليل" في حديثه لـ "الدستور"، أن بعض الدراسات تقدر أن مصر قد تفقد حوالي 10% من أراضي الدلتا بحلول عام 2100؛ بسبب زيادة نسبة الملوحة في التربة والمياه الجوفية وانخفاض مستوى الأرض.

ولمواجهة هذه التحديات، يشير الخبير في مجال البيئة، إلى تبنى الحكومة المصرية استراتيجية 2030 للتنمية المستدامة، التي تشمل عدة محاور وأهداف تتعلق بالتغيرات المناخية، مثل زيادة كفاءة استخدام المياه والطاقة في الزراعة، وتطوير أنظمة الري والصرف، وتحسين جودة التربة والمحاصيل، وتعزيز قدرات المزارعين على التكيف والابتكار، وتشجيع الزراعة العضوية والمحافظة على التنوع البيولوجي.

وتابع: "تشارك مصر أيضًا في عدة مبادرات واتفاقيات دولية للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والحصول على التمويل والدعم الفني لمشاريع التخفيف والتكيف".

 

جهود مجتمعية

وإلى جانب الجهود الحكومية، نوّه "عبد الجليل" إلى أن المجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية تلعب دورًا هامًا في مواجهة تحديات التغيرات المناخية في القطاع الزراعي، فهناك العديد من المشاريع والبرامج التي تهدف إلى رفع وعي المزارعين بالمخاطر المناخية وكيفية التعامل معها، وتقديم المشورة الزراعية والفنية لهم، وتوفير التقنيات والأساليب الملائمة لزراعة محاصيل أكثر مقاومة للجفاف والأمراض، وتشجيع التعاون بين المزارعين في إدارة الموارد المائية والأرضية، وتسهيل حصولهم على التأمينات والقروض.

 

أما عن الحلول المقترحة لمواجهة تحديات التغيرات المناخية في الزراعة في مصر، فهي تشمل:

  • استخدام أنواع جديدة من المحاصيل التي تتحمل الجفاف والملوحة والأمراض.
     
  • تطبيق أساليب زراعية حديثة تقلل من استهلاك المياه والأسمدة والمبيدات، مثل الزراعة المائية والزراعة الدقيقة والزراعة الحيوية.
     
  • استخدام مصادر الطاقة المتجددة في الزراعة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والكتلة الحيوية، لتوفير الكهرباء والوقود والتبريد.
     
  • تعزيز دور المرأة في الزراعة، خاصة في المناطق الريفية، من خلال توفير التدريب والتمويل والتأمين لهن.
     
  • تشجيع التعاون الإقليمي والدولي في مجالات المياه والزراعة والتغيرات المناخية، من خلال تبادل الخبرات والبيانات والتكنولوجيا.

 

وفي ختام الحديث، وجه "عبد الجليل" بضرورة رفع وعي المزارعين بالمخاطر المناخية يتطلب عدة خطوات وإجراءات، ومنها:

  • توفير المعلومات والبيانات العلمية عن التغيرات المناخية وآثارها على الزراعة والموارد الطبيعية، وذلك من خلال الإعلام والتوعية والتثقيف والتدريب. مثلا، يمكن استخدام الإذاعة والتلفزيون والإنترنت والهاتف المحمول لنشر النصائح والإرشادات الزراعية والبيئية للمزارعين.
     
  • تشجيع المزارعين على المشاركة في صنع القرارات المتعلقة بالزراعة والبيئة، وذلك من خلال تشكيل لجان محلية أو جمعيات أو تعاونيات تمثل مصالحهم وحقوقهم. مثلا، يمكن للمزارعين أن يشاركوا في إدارة الموارد المائية أو التخطيط الزراعي أو حل النزاعات الأرضية.
     
  • تقديم الدعم الفني والمادي والمؤسسي للمزارعين، وذلك من خلال توفير التقنيات والأساليب الملائمة لزراعة محاصيل أكثر مقاومة للجفاف والأمراض، وتحسين كفاءة استخدام المياه والأسمدة والطاقة في الزراعة، وتسهيل حصولهم على التأمينات والقروض.