رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"تهدد حياة المواطنين".. حقائق صحية صادمة عن مصانع أدوية بير السلم

الدواء
الدواء

منذ سنوات طويلة، تعاني مصر من ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي، أو ما يعرف بمصانع بير السلم، وهي المنشآت الصناعية التي تعمل في أماكن غير مخصصة للصناعة، وتتهرب من دفع الضرائب، ولا تلتزم بالمعايير الفنية والبيئية والصحية، وتشكل خطرا على حياة المواطنين.

وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ عدد منشآت القطاع غير الرسمي في مصر نحو 2 مليون منشأة، تستحوذ على 53% من إجمالي المنشآت الاقتصادية، وتوفر 48% من فرص العمل، وتسهم بـ 25% في الناتج المحلي الإجمالي، وتتركز هذه المنشآت في قطاعات مثل التجارة والصناعات التحويلية وخدمات الغذاء والإقامة والزراعة.

وتشير دراسات إلى أن هذه المنشآت تستورد مواد خام ومكونات من أسواق غير نظامية، أو تستخدم مخلفات صناعية أو زراعية أو حيوانية في إنتاجها؛ مما يؤدي إلى تدني جودة المنتجات وانخفاض قيمتها التنافسية، كما تستخدم هذه المنشآت عمالة غير مؤهلة أو مدربة، ولا تضمن حقوقها العمالية أو الضمانية.

ولعل أخطر مجال تتأثر به هذه المنشآت هو قطاع الأدوية والمستحضرات الطبية، حيث تشكل خطرا كبيرا على صحة المواطنين. فقد كشفت التحقيقات عن وجود مصانع بير سلم تنتج أدوية منتهية الصلاحية أو مغشوشة بمكونات رخيصة أو سامة، وتبيعها في الأسواق المحلية أو تصدرها إلى دول أخرى.

وسبق، أعلنت وزارة الصحة عن ضبط عدد من مصانع بير السلم المتخصصة في إنتاج الأدوية في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، وضبط أطنان كبيرة من المواد الخام والمستلزمات الطبية المجهولة المصدر.

وأكدت الوزارة أن هذه المصانع تعمل دون ترخيص أو موافقات صحية، وتستخدم معدات غير مطابقة للمواصفات، وتنتج أدوية مغشوشة أو مجهولة التركيب.

أزمة صحية خطيرة

وفي هذا السياق، يقول محمود الوكيل، الخبير في مجال الدواء، إن مصر تواجه مشكلة كبيرة في قطاع الأدوية؛ بسبب وجود مصانع غير رسمية تعمل في ظروف غير قانونية أو صحية، وتسمى مصانع بير السلم، وهذه المصانع لها آثار سلبية على عدة جوانب.

ويستكمل "الوكيل" حديثه لـ "الدستور": "هذه المصانع تهدد صحة المواطنين، بإنتاج أدوية فاسدة أو مخالفة للمواصفات، وتروجها في السوق المحلي أو تصديرها للخارج، وقد تتسبب في إصابة حالات بـ تسمم أو مرض أو وفاة للمستهلكين".

ويضيف: "تؤثر هذه الظاهرة أيضًا على البيئة، بالعمل في أماكن غير ملائمة للصناعة، وعدم اتباع المعايير الفنية والبيئية والصحية في إنتاجها، وهذا ينتج عنه التلوث والضجيج للمحيط الطبيعي والإنساني، وزيادة المخاطر على الأمن الغذائي والصحي".
 ويستطرد: "ولهذه الأسباب، أؤيد إغلاق هذه المصانع على الفور، وملاحقة المتورطين فيها، وضم القطاع غير الرسمي إلى الرسمي، وإنشاء نظام رقابي فعال لضمان جودة وسلامة المنتجات الدوائية".
 

حلول مطلوبة

"لحل مشكلة مصانع بير السلم، يجب على جميع الأطراف المعنية العمل سويا لضمان جودة وسلامة المنتجات التي تصنعها هذه المصانع، والتقليل من الأضرار التي تلحقها بالصحة والبيئة والاقتصاد"، بحسب "الوكيل".

 

وعن الحلول الممكنة لمواجهة خطر مصانع بير السلم، يشير إلى ضرورة تحديث القوانين المنظمة للرقابة على المنشآت غير الرسمية، وفرض عقوبات صارمة على المخالفين، وتمكين الجهات المختصة من ضبط ومراقبة هذه المنشآت.
 

ويتابع: "يجب أيضًا إقامة مجمعات صناعية للأنشطة المختلفة في شكل مصانع صغيرة في مختلف المحافظات، باستثمارات ضخمة، وإعطاء فرص عمل وحوافز وتسهيلات لأصحاب المصانع غير الرسمية لضمهم إلى القطاع الرسمي".

 

وفي ختام الحديث، ينوّه "الوكيل" بأنه من الضروري توعية المستهلكين بأضرار المنشآت غير الرسمية، وحثهم على شراء المنتجات من مصادر موثوقة، والإبلاغ عن أي حالات مشبوهة أو مخالفات، بالاستفادة من دور الإعلام والجهات التعليمية والمجتمعية.

 

قوانين صارمة

فيما أكد الاستشاري القانوني، مصطفى أبو النصر، أن مصر تعاني من مشكلة مصانع بير السلم بشكل كبير للغاية، وهي مصانع تعمل خارج القانون والصحة، وتنتج أدوية ومستحضرات غير أصلية أو غير صالحة، وتهدد حياة وسلامة المستهلكين، وتضر بالاقتصاد والبيئة.

وتابع "أبو النصر" حديثه لـ "الدستور": "تضر أيضًا هذه الظاهرة بالاقتصاد، من خلال استيراد مواد خام ومكونات من مصادر غير معروفة أو غير جيدة، وإضاعة الموارد الطبيعية والبشرية في إنتاج أدوية ذات جودة منخفضة وقيمة تنافسية ضئيلة، كما تتهرب من دفع الضرائب والرسوم للدولة، وتشكل منافسة غير عادلة للمصانع الرسمية".

ووجه الاستشاري القانوني، بضرورة إنشاء منظومة رقابية فعالة لضمان جودة وسلامة المنتجات التي تنتجها هذه المصانع، بالتعاون مع الهيئات والجهات المسؤولة عن سلامة الدواء، وإجراء اختبارات دورية وفحوصات مخبرية للمنتجات .

 

ولمواجهة هذه المشكلة، يوجد عدة قوانين تحدد الرقابة على هذه المصانع، وتحدد العقوبات على المخالفين، منها:
 

  • القانون رقم 2 لسنة 1939، المادة 2: تجرم تشغيل منشأة بدون ترخيص، وتعاقب بالسجن من شهر إلى ستة أشهر، أو بغرامة من 10 إلى100 جنيه، أو بكلتا العقوبتين.

 

  • القانون رقم 281 لسنة 1994، المادة 6: تجرم الغش التجاري في المواد الغذائية والدوائية والكهربائية، وتعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة من 1000 إلى 5000 جنيه.

 

  • القانون رقم 82 لسنة 2002، المادة 113: تجرم استخدام علامات تجارية مزورة أو مغشوشة أو مخالفة للمواصفات القياسية، وتعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة من 5000 إلى 20000 جنيه.

 

  • القانون رقم 102 لسنة 2006، المادة 18: تجرم إنتاج أو تداول أو استيراد أو تصدير سلع غير مطابقة للمعايير الفنية أو الصحية أوالبيئية، وتعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وبغرامة من 20000 إلى 200000 جنيه.