رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللجان الإلكترونية.. ظاهرة خطيرة في عالم التواصل الاجتماعي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي

في عالمنا المعاصر، أصبح التواصل الاجتماعي جزءًا رئيسيًا من حياتنا اليومية، نستخدمه للتواصل والتعلم والتعليم والثقافة والفن، والتعبير عن آرائنا ومشاركتها مع الآخرين، نستخدمه أيضًا للتأثير والتأثر بالقضايا التي تهمنا.

ولكن، هل نحن فعلاً نتواصل مع بعضنا البعض؟ أم أن هناك من يحاول التلاعب بنا وإخفاء حقيقته عنا؟ في التقرير التالي، نستكشف ظاهرة خطيرة في عالم التواصل الاجتماعي، وهي اللجان الإلكترونية التي أصبحت تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل.

الذكاء الاصطناعي هو علم يهتم بتصميم وبرمجة آلات وبرامج تستطيع أن تقوم بمهام تشبه ما يفعله البشر، مثل الحساب والتحدث والابتكار. يوجد الذكاء الاصطناعي في كثير من المجالات، مثل الصحة والتعليم والفن والأمن. ولكن، هل يستخدم أيضًا في التأثير على رأي وسلوك البشر على شبكات التواصل الاجتماعي؟

تقنيات خطيرة

واحدة من ظواهر استخدام الذكاء الاصطناعي في التواصل الاجتماعي هي ما يطلق عليها اسم اللجان الإلكترونية، هذه هي حسابات وهمية تستخدم برامج وخوارزميات من الذكاء الاصطناعي لتقليد كيفية تصرف وتفاعل البشر على منصات التواصل الاجتماعية.

أما اللجان الإلكترونية فهي حسابات افتراضية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقليد سلوك وتفاعلات البشر على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإنستجرام. تهدف هذه اللجان إلى التأثير على الرأي العام والمشاركة في الحوارات والنقاشات حول قضايا مختلفة.

تختلف أغراض ونتائج اللجان الإلكترونية، فقد تكون لها جانب إيجابي أو جانب سلبي. من جانب إيجابي، يمكن للجان الإلكترونية أن تساعد في جمع وتحليل المعطيات والمعلومات من خلال تفاعلاتها مع المستخدمين، وأن تدعم التعليم والابتكار والثقافة.

ومن جانب سلبي، قد تستخدم بعض اللجان الإلكترونية لأغراض غير أخلاقية أو غير قانونية، مثل نشر الإشاعات والأخبار المزورة والدعاية المضللة والهجوم على الخصوم وتشويه سمعة الأشخاص أو المؤسسات، وقد يؤدي هذا إلى خلق صورة ذهنية مغلوطة عن الواقع وزيادة التحيز والتطرف والعنف في المجتمع.

حذر مطلوب

ومن جانبه، يوضح الخبير الإلكتروني، محمد حسين، أن أحد التحديات التي تواجه مكافحة هذه الظاهرة هي صعوبة التفريق بين الحسابات الحقيقية والحسابات الافتراضية؛ لأن بعض هذه الحسابات تستخدم صور شخصية وأسماء مستعارة وطرق كتابة مقنعة.

ويستكمل "حسين" حديثه لـ "الدستور": "يجب على المستخدمين أن يكونوا حذرين وذكيين عند التفاعل مع هذه الحسابات، وأن يتحققوا من مصادر المعلومات التي يتلقونها، وأن يستخدموا قدراتهم التحليلية والنقدية، كما يجب على السلطات المختصة أن تضع قوانين وآليات لضبط هذه الظاهرة، وأن تحاسب المخالفين بشكل رادع".

 

يتم استخدام الذكاء الاصطناعي حاليًا في نشر اللجان الإلكترونية بطرق متعددة ومتنوعة، ولكن أبرزها:

  • استخدام خوارزميات التعلم الآلي والتعلم العميق لتوليد حسابات افتراضية تحاكي سلوك وتفاعلات المستخدمين الحقيقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل اختيار صور شخصية وأسماء مستعارة وطرق كتابة ونشر المحتوى.
     
  • استخدام تقنيات التحليل اللغوي والتحليل الإحصائي لجمع وتحليل المعلومات والبيانات من خلال تفاعلاتهم مع المستخدمين الآخرين، مثل تحديد الموضوعات والاتجاهات والمشاعر والآراء.
     
  • استخدام تقنيات التوليد التلقائي للنصوص والصور والفيديوهات لإنشاء محتوى جديد أو مزور أو مضلل، مثل نشر أخبار أو إشاعات أو دعاية أو هجوم.
     
  • استخدام تقنيات التنسيق والتخطيط لزيادة التأثير والانتشار لهذه المحتوى، مثل اختيار الأوقات والأماكن والجمهور المستهدف.

معلومات مضللة

يرى الخبير الإلكتروني، أن استخدام الذكاء الاصطناعي في نشر اللجان الإلكترونية يشكل خطرًا كبيرًا على المجتمع والديمقراطية وحقوق الإنسان، لأسباب عدة، أولها إمكانية نشر اللجان الإلكترونية للمعلومات المضللة والأخبار المزورة والدعاية المغرضة بسهولة وسرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلة قدرات الذكاء الاصطناعي في توليد وتحرير وتزييف النصوص والصور والفيديوهات.

ويتابع: "يمكن للجان الإلكترونية أن تستهدف وتشوه سمعة أشخاص أو مؤسسات أو منتجات معينة، بغض النظر عن حقيقتها أو جودتها، وهذا قد يؤثر سلبًا على حقوق وحريات ومصالح هؤلاء الأشخاص أو المؤسسات أو المستهلكين".

وينوّه "حسين" إلى أن اللجان الإلكترونية يمكن أيضًا أن تتلاعب بالرأي العام والمشاركة في الحوارات والنقاشات حول قضايا مختلفة، بحيث تدعم أو تهاجم مواقف أو سياسات أو قرارات معينة، وهذا قد يؤدي إلى التأثير على آراء وسلوك وقرارات البشر بطريقة سلبية، وزيادة عدم المساواة والتحيز والتطرف في المجتمع.

طرق كشف التزييف

"لا يعرف جميع المستخدمين أنهم يتفاعلون مع حسابات افتراضية، فقد تكون هذه الحسابات متطورة جدًا في تقليد سلوك وتفاعلات البشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لذا يجب على المستخدمين أن يتحققوا باستمرار من مصادر المعلومات التي يتلقونها، وأن يستخدموا قدراتهم التحليلية والنقدية"، بحسب "حسين".

 

هناك بعض الطرق التي يمكن للمستخدمين استخدامها للتفريق بين الحسابات الحقيقية والحسابات الافتراضية، منها:

  • الانتباه إلى تاريخ إنشاء الحساب وعدد المتابعين والمتابَعين والمشاركات. فإذا كان الحساب جديد أو لديه عدد قليل أو كبير جدًا من المتابعين أو المتابَعين أو المشاركات، فقد يكون حسابًا افتراضيًا.
     
  • الانتباه إلى صورة الحساب واسمه وطريقة كتابته. فإذا كانت صورة الحساب غير واضحة أو غير مناسبة أو مأخوذة من مصادر أخرى، أو إذا كان اسم الحساب غير منطقي أو غير متناسق مع لغة المشاركات، أو إذا كانت طريقة كتابة الحساب بها أخطاء إملائية أو نحوية أو ترجمة سيئة، فقد يكون حسابًا افتراضيًا.
     
  • الانتباه إلى نوعية المحتوى والمصادر التي ينشرها الحساب. فإذا كان المحتوى غير موضوعي أو غير دقيق أو غير مؤكد من مصادر موثوقة، أو إذا كان المحتوى يروج لأفكار أو منظمات أو منتجات مشبوهة، فقد يكون حسابًا افتراضيًا.

عقوبات قانونية

وفي هذا السياق، يؤكد الاستشاري القانوني، مصطفى أبو النصر، أن القانون المصري يحظر إنشاء أو استخدام أو إدارة أو ترويج أي من هذه اللجان بغرض ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونيًا، ويقرر عقوبات رادعة تشمل الحبس والغرامة لمثل هذه المخالفات.

ويوضح "أبو النصر" في حديثه لـ"الدستور"، أن القانون المصري يحظر أيضًا نشر أو تداول أو بث أي معلومات كاذبة أو مضللة أو منافية للآداب العامة عبر شبكات المعلومات، ويقرر عقوبات رادعة تشمل الحبس والغرامة لمثل هذه المخالفات.

ويضيف: "إنشاء اللجان الإلكترونية في مصر ونشر المعلومات المضللة يعد جرائم يعاقب عليها القانون المصري بالحبس والغرامة، ويجب على كل مستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي أن يتحلى بالمسؤولية والأخلاق والقانون".


وعن القوانين التي تحظر هذه الظاهرة الخطيرة:

  • قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، الذي يحظر إنشاء أو استخدام أو إدارة أو ترويج أي حساب افتراضي أو موقع على شبكة معلوماتية يهدف إلى الترويج لارتكاب أو تسهيل ارتكاب جرائم مختلفة، ويقرر عقوبات تشمل الحبس لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه.
     
  • قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، الذي يحظر نشر أو تداول أو بث أي معلومات كاذبة أو مضللة أو منافية للآداب العامة عبر شبكات المعلومات، ويقرر عقوبات تشمل الحبس لمدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه.

حلول مختلفة

أما عن الحلول الممكنة لمواجهة ظاهرة اللجان الإلكترونية بالذكاء الاصطناعي، يشير الاستشاري القانوني، إلى ضرورة تعزيز التوعية والتثقيف للمستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي حول خطورة هذه الظاهرة وكيفية التعرف عليها والتصدي لها، كما يمكن استخدام وسائل مختلفة مثل الحملات والدورات والورش والمنشورات لنشر المعرفة والمهارات اللازمة للتعامل مع اللجان الإلكترونية.

ويستكمل: "يجب أيضًا تطوير وتحديث القوانين والآليات القانونية لضبط ومحاسبة المخالفين الذين يقومون بإنشاء أو استخدام أو ترويج اللجان الإلكترونية بغرض ارتكاب جرائم أو نشر معلومات مضللة أو منافية للآداب العامة، كما يجب أن تكون هذه القوانين والآليات متوافقة مع المعايير والاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير".
 

وفي ختام حديثه، يوجه "أبو النصر" بضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية بمجال التواصل الاجتماعي، مثل المؤسسات الحكومية والأهلية والأكاديمية والإعلامية والخاصة، لبناء شبكة دفاع قادرة على رصد ومكافحة ومنع ظهور أو انتشار اللجان الإلكترونية.

تقنيات آمنة

يقول الخبير الإلكتروني، محمد حسين، إن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تحارب خطر اللجان الإلكترونية تستخدم الخوارزميات والبرامج الذكية لتحديد وفصل وحظر أو إزالة الحسابات أو المحتوى المزور أو المضلل أو المشبوه على مواقع التواصل الاجتماعي.


ومن بعض هذه التقنيات الآمنة لمكافحة ظاهرة اللجان الإلكترونية:

  • التحليل اللغوي: تقنية تستخدم لفحص وتحليل النصوص والكلام المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، للكشف عن الأخطاء أو التناقضات أو الترجمة السيئة أو غيرها من المؤشرات التي قد تدل على أن الحساب افتراضي أو مزور.
     
  • التحليل الإحصائي: تقنية تستخدم لجمع وتحليل البيانات والمعلومات من خلال تفاعلات الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، للكشف عن الأنماط والاتجاهات والمشاعر والآراء، ومقارنتها مع المصادر الموثوقة أو المستخدمين الحقيقيين.
     
  • التوليد التلقائي: تقنية تستخدم لإنشاء أو تحرير أو تزييف النصوص والصور والفيديوهات، للكشف عن المحتوى المزور أو المضلل أو المغرض، بالاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في توليد وتغير المحتوى.
     
  • التنسيق والتخطيط: تقنية تستخدم لزيادة التأثير والانتشار للمحتوى المزور أو المضلل، بالاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في اختيار الأوقات والأماكن والجمهور المستهدف، وتوليد رسائل مخصصة ومؤثرة.