رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حلم «البريكس».. كيف تتحرك مصر للانضمام إلى «تجمع المستقبل»؟

الرئيس السيسي وبوتين
الرئيس السيسي وبوتين

قال اقتصاديون إن سعى مصر للانضمام إلى تجمع «بريكس» يساعد فى تحقيق الأهداف التنموية، ويمكّن الدولة من إجراء التعاملات التجارية بعيدًا عن الدولار، ومن ثم تخفيف الضغط على العملة الصعبة.

وانضمت مصر لبنك التنمية الجديد التابع لـ«بريكس»، وهى خطوة تمثل تمهيدًا للانضمام إلى التجمع الذى يضم فى عضويته: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ويمثل ٣٠٪ من حجم الاقتصاد العالمى، من ثم فقد أكد الخبراء، لـ«الدستور»، أن الانضمام للتجمع يحقق عوائد متنوعة للاقتصاد، مثل تمويل مشروعات البنية التحتية، وتنويع مصادر التمويل وزيادة حجم التجارة البينية. ومن المنتظر أن يجتمع أعضاء دول البريكس فى جنوب إفريقيا يوم ٢٢ أغسطس الجارى، وسط تقدم ٢٢ دولة من جميع أنحاء العالم بطلبات للانضمام إلى المجموعة، بينما أبدت دول أخرى اهتمامها بذلك.

تدشين المنطقة الصناعية الروسية فى «اقتصادية قناة السويس» يدعم موقفنا

قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن «بريكس» يمثل نحو ٣٠ ٪ من حجم الاقتصاد العالمى، وينتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب فى العالم، مشيرًا إلى أن التجمع هو المنافس الأول لكتلة مجموعة السبع G 7.

وأضاف أن دول «بريكس» تسعى إلى التعاون المالى وزيادة حجم التبادل التجارى واعتماد العملات المحلية فى العلاقات التجارية، إلا أنه مع الظروف الراهنة يصعب التعامل بغير الدولار، خاصة أن روسيا، أحد أهم أعضاء التجمع، صدرت ضدها عقوبات اقتصادية وهى ممنوعة من تداول كثير من العملات ولن يقبل المجتمع الدولى بعملات أخرى فى مجموعة تضم روسيا. 

وذكر أن وجود عملة موحدة بين مجموعة من الدول واعتراف العالم بها ليس بالأمر اليسير بل يحتاج لتعاون كبير بين البنوك المركزية من الدول الأعضاء، لقياس وتحديد الوزن النسبى لعملة كل دولة، لكن مع تعامل الدول الأعضاء بالعملة المحلية فيما بينها فى عمليات التبادل التجارى، ومع زيادة عدد الأعضاء واستقرار الوضع العالمى وانتهاء الحرب الروسية- الأوكرانية، قد يكون هناك قبول واعتماد دولى لهذه العملة.

وأكد أن «بريكس» أصبحت قوة اقتصادية ومالية، ووفرت لها الأصول والعملات التى تمتلكها هذه القوة، ومن هنا يوفر التجمع لدوله الحماية والأمان من الكساد، كما تسعى الدول الأعضاء إلى تنفيذ برامجها فى محاربة الفقر وزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات وإيجاد نظام مالى جديد بعيدًا عن الدولار.

وأشار «السيد» إلى أن مجموعة «بريكس» تعد أحد أهم التكتلات الاقتصادية التى ظهرت قوتها بعد الأزمة الروسية- الأوكرانية، وكثير من الدول تسعى للدخول فى تكتلات اقتصادية تتعامل من خلالها لتحقيق مصالح شعوبها، ومن بينها مصر والإمارات والسعودية والجزائر وفرنسا والأرجنتين وإندونيسيا والمكسيك وتركيا.

وأوضح أن مصر اتخذت خطوة نحو الانضمام إلى مجموعة «بريكس» بالانضمام لبنك التنمية الجديد، الذى أُنشئ عام ٢٠١٥ من قبل «بريكس» لإقراض مشاريع التنمية فى الاقتصادات الناشئة، وبالفعل أقرض البنك ٣٣ مليار دولار لأكثر من ٩٦ مشروعًا فى الدول الأعضاء الخمس المؤسسة، ووسع عضويته لتشمل الإمارات ومصر وبنجلاديش.

وأكد أن تدشين المنطقة الروسية الصناعية فى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس سوف يساعد على دعم موقف مصر للانضمام إلى «بريكس»، كما أن مصر ضمن دول مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، وترتبط مصر بعلاقات جيدة ومتميزة واتفاقيات تجارية مع كل دول مجموعة «بريكس»، بالإضافة إلى شراكة استراتيجية مع الصين.

ونوه بأن مصر بوابة إفريقيا ولديها اتفاقيات عديدة مع إفريقيا، مثل الكوميسا وأغادير والتجارة الحرة، ما يمكنها من التصدير للدول الإفريقية دون جمارك أو ضرائب، وأيضًا مصر سوق كبيرة لأكثر من ١٠٥ ملايين مواطن، ولديها العديد من الإمكانات والموارد، وكل هذه العوامل تؤهلها للانضمام إلى تجمع «بريكس»، الذى يوفر فرصًا للشركات فى الدول الأعضاء لتوسيع نطاق عملياتها التجارية بحرية تامة، وتبادل السلع والخدمات والتقنيات.

وشدد على أن انضمام مصر لتجمع «بريكس» سيكون فرصة لزيادة حجم استثمارات الأعضاء بمصر وزيادة حركة السياحة، إذ إن التعامل بالعملات المحلية سوف يزيد من سياحة مواطنى الدول أعضاء التجمع لمصر، فضلًا عن زيادة النمو الاقتصادى السريع، من خلال توفير بيئة تجارية أكثر استقرارًا وشفافية، وتقليل الحواجز المتعلقة بالتبادل التجارى والاستثمار، مما يؤدى إلى تعزيز النمو الاقتصادى وتوفير المزيد من فرص العمل.

توسيع التحالفات الاقتصادية ضرورة لمواجهة الآثار التضخمية 

ذكر الدكتور يسرى الشرقاوى، رئيس جمعية رجال الأعمال الأفارقة، أن انعقاد قمة «بريكس» نهاية الشهر الجارى بجنوب إفريقيا يأتى وسط تحديات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، تؤثر سلبًا على الأسواق الناشئة وعلى أسعار السلع الأساسية، ولا بد من استخدام الأدوات الاقتصادية كأسلحة لمواجهة الآثار التضخمية فى السوق الأمريكية مثل أسعار الفائدة، وأيضًا استخدام كل الأدوات والتحالفات الصناعية والاقتصادية الجديدة. وقال «الشرقاوى»: «أصبحنا فى عالم جديد متعدد الأقطاب، تتغير فيه اللعبة الاقتصادية، وتتصارع فيه دول وتعانى فيه دول أخرى اقتصاديًا»، مؤكدًا أن التحديات ما بعد جائحة كورونا والحرب الروسية- الأوكرانية أضاعت فرصًا على بعض دول العالم والمهتمين بالشأن الاقتصادى.

وأشار إلى حدوث تأثير على النواتج الإجمالية لعدة دول، وانكماش للعديد من الاقتصادات، ما أثر سلبًا على الاستثمار وعلى البنية التجارية والبيئة الدولية، ما دفع دول العالم إلى إنشاء تكتلات وتحالفات جديدة، متابعًا: «هناك دول كثيرة تطالب بالانضمام لتحالف البريكس، منها الإمارات والسعودية وقطر والبحرين ومصر والجزائر».

الانضمام لـ«بنك التنمية الجديد» خطوة مهمة نحو الوصول للعضوية

أكد الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن تجمع «بريكس» يؤسس لنظام عالمى جديد، وسط مساعٍ من مصر والسعودية والجزائر للانضمام، مشيرًا إلى أن مصر خطت خطوة مهمة فى سبيل دخول التجمع، وهى الانضمام لبنك التنمية الجديد.

وقال إن البنك يستهدف تقديم تمويلات مالية ونقدية موازية لما يقدمه صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، مشيرًا إلى أنه «يمكن اعتبار بنك التنمية الجديد، الذى تأسس عام ٢٠١٤، بمثابة النواة الحقيقية لإطار تمويلى تنموى جديد، وقد موّل البنك بالفعل عددًا من المشروعات فى مصر فى مجالات البنية التحتية والنقل والطاقة النظيفة وغيرها».

وأضاف: «مصر انضمت للبنك مؤخرًا بعد أن سبقتها دول مثل الإمارات وبنجلاديش وأوروجواى، لأن الانضمام للبنك يعتبر الطريق نحو الانضمام لتكتل (بريكس)»، مشددًا على أن تلك المساعى تؤهل مصر لزيادة حجم التعاون الدولى مع التكتل، سواء فى مجال التبادل التجارى أو فى مجال تبادل الاستثمارات، ما يفتح أفقًا جديدًا للعلاقات المصرية الدولية، فى وقت يتشكل فيه نظام عالمى جديد.

وأشار إلى أن اسم التجمع يشير إلى الدول الأعضاء «البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا»، وتم تأسيس التكتل عام ٢٠٠٦، وكان الهدف منه تعزيز التعاون الاقتصادى والسياسى بين هذه الدول وزيادة تأثيرها فى الساحة الدولية. ومنذ ذلك الحين، توسع نطاق التعاون بين هذه الدول فى العديد من المجالات، مثل التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة والطاقة والثقافة والتعليم والتكنولوجيا.

وتابع: «تحرص مصر دائمًا على تعزيز التعاون مع دول تكتل بريكس فى العديد من المجالات، خاصة فيما يتعلق بالتجارة والاستثمار والطاقة والزراعة والبنية التحتية، ومنذ عام ٢٠١٥ عقدت مصر اجتماعات مع مسئولين من الدول الأعضاء فى تكتل بريكس، وذلك لبحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين، وجرى التأكيد خلال هذه الاجتماعات على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين مصر والتكتل، وتوسيع نطاق التبادل التجارى والاستثمارى بينهما».

واختتم «جاب الله»: «تسعى مصر فى التوقيت الحالى إلى توسيع دائرة شراكاتها الدولية وتعميق علاقاتها مع دول العالم، وهذا يشمل تعزيز التعاون مع تكتل بريكس وغيره من التكتلات الاقتصادية، والحصول على الفوائد الاقتصادية والسياسية المرتبطة بهذه العلاقات».

التعامل بالعملات المحلية ينعش الاقتصاد ويجذب الاستثمارات

قال الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إن انضمام مصر لاتفاقية بريكس سيحقق إنجازات كثيرة للدولة، لأن ذلك سيزيد من التعاون التجارى والاستثمارى مع الصين والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل وروسيا.

وأوضح «الشافعى»: «سيزيد حجم التبادل التجارى مع دول بريكس، وستستفيد مصر من التعامل بالعملة المحلية، ما سيقلل الضغط على الدولار»، مؤكدًا أن مصر وروسيا اتفقتا على التعامل بالعملات المحلية.

وأشار إلى إمكانية استحداث عملة موحدة بين دول بريكس، «وهذه العملة ستكون قادرة على إنهاء أزمة الدولار، لكن هذه الفكرة تحتاج إلى وقت طويل لتطبيقها وتجهيزات اقتصادية ودبلوماسية كثيرة، لذا فالتعامل بالعملات المحلية هو الحل الأفضل للعديد من الدول، خاصة مصر، وذلك سوف يزيد من حجم التبادل فيما بينها».

ولفت إلى أن التعامل بالعملات المحلية سيجعل مصر تنافس بقوة فى الأسواق العالمية، و«ذلك الأمر سيخلق متنفسًا جديدًا للاقتصاد المصرى، بالتزامن مع الحرب الروسية- الأوكرانية التى أسفرت عن حدوث موجة تضخمية وارتفاع الأسعار». 

وتابع: «فى اعتقادى أن هذه خطوة تُحسب للقيادة السياسية، فمن المتوقع أن تزيد الاستثمارات والتبادل التجارى، وسيجرى فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، وهذه الجهود ستجعل المنتجات المصرية متوافرة فى الأسواق العالمية وبأسعار تنافسية، ومن الممكن أن يحدث تكامل بين مصر وهذه الدول فى مجالات كثيرة، مثل الصناعة والزراعة».

وأكد أن انضمام مصر إلى اتفاقية بريكس يمكن أن يتيح للبلاد فرصًا جديدة لتعزيز التجارة والاستثمار والتعاون مع دول البريكس الأخرى، وسيجلب استثمارات لمصر فى مجالات مثل البنية التحتية والصناعات الحديثة، كما يمكن أن يتيح انضمام مصر إلى «بريكس» الفرصة للبلاد للتعاون مع دول التجمع فى مجالات الأمن والاستقرار الإقليمى، وتعزيز التعاون فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والثقافة.

وأضاف أن انضمام مصر إلى «بريكس» يساعد فى تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين مصر ودول التجمع، وتعزيز دور مصر فى المنطقة وعلى المستوى العالمى، موضحًا: «ينبغى أن يتم تقييم الآثار الكاملة لانضمام مصر إلى (بريكس) على المدى الطويل، ومراقبة تطورات الاقتصادات العالمية وتأثيرها على البريكس وعلى مصر بشكل خاص».

وتابع: «يمكن أن تواجه مصر بعض التحديات فى عملية انضمامها إلى التجمع، بما فى ذلك توافق قوانينها وسياساتها الاقتصادية مع تلك المتبعة فى دول بريكس، وإيجاد طرق للتعامل مع الاختلافات الثقافية واللغوية والتاريخية».