رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحل فى كلمتين

فى منتصف الثمانينيات، وعند عودته من لندن، أهدانى والدى قاموسًا كان اشتراه لى من هناك، أوصانى كثيرًا بالحفاظ عليه كونه هو الإصدار الأحدث من نوعه آنذاك، وأنه حتمًا سيفيدنى، وسيساعدنى كثيرًا فى دراستى، كان القاموس ضخم الحجم، ثقيل الوزن، مليئًا بالكلمات، غزيرًا بالمعلومات، مكدسًا بالمصطلحات والتراكيب والمعانى والمفردات، والمترادفات والمتشابهات والمتضادات، دفعنى فضولى الطفولى إلى تصفحه وتقليب أوراقه واستكشاف كل ما فيه من صور، وأشياء كثيرة مختلفة وأُخر متشابهات، ظللت على هذا الحال إلى أن وقعت عيناى على دراسة قام بإعدادها مؤلفه، وضمنها فصلًا بداخله، دراسة تحليلية لبعض الأمثال الإنجليزية وما يقابلها فى العربية. أعجبتنى فكرة الدراسة فاستغرقت فى قراءتها، إلى أن استوقفنى مثل يقول: «عندما تكون فى روما، تصرف كما يتصرف الرومان» قرأته فلم أفهمه، أخذت القاموس لوالدى وأشرت له على المثل، ليس لا سمح الله من أجل أن يفسره فأفهمه، فلست من المصدقين أو المؤمنين «بأغلب» ما تركه لنا الأولون من أمثال أو أقوال، أو نصائح أو حكم أو مواعظ، لا أحبها، ولا أصدقها أو أرددها، ولا أنا من الناصحين بها، ولست لأيها بحافظ، كان السبب فى ذهابى بصحبة القاموس للوالد، هو أن مؤلفه السيد «منير البعلبكى» كان قد كتب كلمة روما هكذا «رومة»، فأردت أن أستدل من والدى عن الذى كان يقصده الرجل، وهل «رومة» هذه هى نفسها «روما» عاصمة إيطاليا.. أم أنها شىء مختلف؟، ابتسم الوالد وأجابنى بأنها عاصمة إيطاليا، وأنه حقيقة لا يعرف لماذا كتبها المؤلف هكذا؟، ثم أردف قائلًا: «مَن قال لا أدرى فقد أفتى، عمومًا سيبك من (رومة) دلوقتى، نبقى نشوفها بعدين، أنت فهمت معنى المثل؟» قلت: لا والله لم أفهمه، قال: لقد توقعت هذا، يقصد المثل أن يقول إنه يتوجب على الإنسان قبل سفره إلى مكان أن يعرف طباع أهله وعاداتهم، ويحترم تقاليدهم، ولا يخالف قوانينهم. انتهى كلام والدى، بارك الله فى عمره، وبناءً عليه نقول: بعيدًا عن كل ما أُثير حول حفل مطرب الراب الأمريكى، وهل سيقام الحفل فى موعده أم أنه سيلغى لأى سبب من الأسباب؟ ليس فى الموضوع معضلة تحار العقول فى حلها أو تعجز عن فهمها الألباب، الحل يكمن فى كلمتين «الالتزام بالقوانين» لدينا فى بلدنا قانون، من أراد أن يزورنا، مطربًا كان أو لاعبًا، عالمًا أو سائحًا، أو معجبًا بالمطربين أو من عموم المواطنين، فيا ألف أهلًا وسهلًا بيه ومرحبتين اتنين، طالما التزم بالضوابط واحترم العادات، ولم يخرق القوانين، وإذا ما خالفها ولم يراع الأصول، فالقانون موجود يحاسبه وأكتر من كده مش هنقول. 
حفظ الله بلدنا وأعانكم وأعاننا.