رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالأرقام.. كل شىء عن تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على مصر

لم يسلم الاقتصاد المصري من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية كبقية اقتصاديات العالم، ففي الوقت الذي يسعى فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى بناء الجمهورية الجديدة وتشييد دولة عصرية وتحويل اقتصادها لاقتصاد قوي منافس، ألقت الأزمة الروسية بظلالها الكارثية على الموازنة العامة لمصر، على إثر ما شهدته أسعار السلع عالمياً من ارتفاعات غير مسبوقة أنتجت ارتفاع الفاتورة الاستيرادية للحبوب والزيت الخام ومشتقاته، فارتفعت فاتورة الواردات الغذائية من الحاصلات الزراعية من 6.41 مليار دولار إلى 12 مليار دولار بنهاية عام 2022، كما ارتفعت فاتورة الواردات البترولية بقيمة 2.3 مليار دولار في الموازنة الجديدة.

وذكرت تقارير دولية أن الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة المصرية نجحا في بناء وتشييد دولة جديدة قادرة على المنافسة، وإذا تأخر تنفيذ ما تم إنجازه خلال الأعوام الستة الأخيرة لأصبح من المستحيل تحقيقه، حيث إن التكلفة الحقيقية لتنفيذ هذه الاستثمارت والمشروعات يتطلب 40 ضعف القيمة حالياً وكان من المستحيل حصول مصر على تمويلات لهذه المشروعات بالشروط وأسعار الفائدة وفترات السماح للأموال التي حصلت عليها، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً وتحول الاستثمارات الدولية للاستثمار ببلدانها تخوفاً من الحالة الضبابية للاقتصاد العالمي.

وأشارت إلى أن النظام السياسي في مصر يحمل على عاتقه تركة ثقيلة ليس له دخل فيها، وأن السبب الرئيسي هو النتائج الكارثية الاقتصادية العالمية جراء الحرب الروسية.

تقول الأرقام إن أسعار القمح الروسي والأوكراني ارتفعت من 5500 جنيه للطن قبل الأزمة إلى 12700 جنيه للطن حالياً، وارتفعت أسعار القمح المحلي من 1100 جنيه للطن إلى 2150 جنيهاً للطن في مارس 2023، وارتفعت أسعار الدقيق المحلي من 6900 جنيه للطن إلى 15825 جنيهاً للطن في 19 ديسمبر 2022، وقفز سعر الذرة الأوكراني والبرازيلي من 8450 جنيهاً للطن ليصل إلى 14200 جنيه للطن في 22 ديسمبر وبنسبة زياده تصل إلى 167%.

وقفزت أسعار زيت عباد الشمس وزيت فول الصويا وزيت الذرة الصفراء بشكل ملحوظ بالسوق المحلي متأثرة بالأزمة العالمية، وارتفعت أسعار الأسمنت البرتلاند العادي المعبأ من 1700 جنيه للطن إلى 1900 جنيه للطن كما ارتفع حديد التسليح من 19000 جنيه للطن ليصل إلى ما يقرب من ضعفي الرقم.

ويؤكد اقتصاديون دوليون أن نجاح مصر في ملف علاقاتها الخارجية كان سبباً في الإفلات من أزمة غذاء وحصولها على احتياجاتها من السلع والحبوب.

"الدستور" ترصد بالأرقام تفاصيل فاتورة التركة الثقيلة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية 

نتائج الأزمة الروسية الأوكرانية 

تعتبر الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية كثيرة، ومن أبرزها ارتفاع الفاتورة الاستيرادية للسلع الغذائية والزيت الخام ومشتقاته، بسبب عدم انتظام سلاسل الإمداد الدولية وارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية، مما يزيد من تكلفة تمويل هذه الاحتياجات الاستيرادية ويؤدي إلى اشتداد العجز التجاري واللجوء إلى الاقتراض من الأسواق الدولية بأسعار فائدة مرتفعة.

والأثر الثاني يتمثل في تزايد عبء الاقتراض الدولي لتمويل المكون الأجنبي للمشروعات التنموية المنفذة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، ويزداد هذا العبء مع ارتفاع أسعار الفائدة، وخصوصًا بالنسبة للتعاقدات التي تتم على أساس أسعار فائدة متغيرة تشهد اتجاهًا تصاعديًا.

أما الأثر الثالث فيرتبط بالضغوط التضخمية الناجمة عن التضخم المستورد وانتقاله للأسعار المحلية، وما يتم اتخاذه من سياسات نقدية تقييدية برفع أسعار الفائدة بهدف احتواء التضخم، بالإضافة إلى تحرير سعر الصرف لتحفيز تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.

والأثر الرابع ينجم عن التأثر السلبي لارتفاعات أسعار الفائدة العالمية على اتجاهات تحرك الأموال الساخنة، مثل استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي والبورصة المصرية.

وتزايدت الواردات الغذائية لمصر بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك جزئياً إلى تسارع النمو السكاني وتحسن مستوى دخل الفرد الحقيقي. 

ومن بين السلع التي تشهد ارتفاعاً في سعرها، الحبوب والزيت الخام ومشتقاتهما، مما يزيد من الفاتورة الاستيرادية للسلع الغذائية ويؤدي إلى زيادة العجز التجاري. 

وتشكل الواردات الغذائية سدس إجمالي الواردات غير البترولية، مما يعد ضغطاً على الميزان التجاري. 

كما أن تدبير نحو 85% من الواردات من الحاصلات الزراعية يأتي من 10 دول في مقدمتها روسيا وأوكرانيا، وتمثل روسيا وأوكرانيا 35% من جملة الفاتورة الاستيرادية للسلع الغذائية. 

ونظرًا لأهمية هاتين الدولتين في الفاتورة الاستيرادية الغذائية، يعاني الميزان التجاري للسلع التمونية الاستراتيجية من عجز مستمر.

65 مليار جنيه زيادة بفاتورة استيراد القمح 

تستورد مصر القمح من 16 دولة في مقدمتها روسيا وأوكرانيا وتمثلان 78% من إجمالي الواردات المصرية من القمح (57% من روسيا و21% من أوكرانيا).

وفي عام 2021 ساهمت روسيا وأوكرانيا معاً بنحو 80% من واردات مصر من القمح بحصة 50% لروسيا و30% لأوكرانيا وبرغم توسع الدولة في زراعة القمح وتحسين إنتاجيته إلا أن الإنتاج المحلي لا يكفي سوى لتغطية 45% من الاستهلاك، في حين تسهم الواردات بنسبة 55%.

3 مليارات دولار فاتورة استيراد الذرة 

بالنسبة لمحصول الذرة الصفراء والشامية، فهو يعتبر من أهم المحاصيل الاستراتيجية، حيث يمثل نحو 70% من مدخلات صناعة الأعلاف للثروة الحيوانية. 

ويتم تغطية 50% من هذه المدخلات عن طريق الاستيراد، بمعدل 8 ملايين طن سنويًا بتكلفة تزيد على 2 مليار دولار. 

وبالرغم من أن الإنتاج المحلي لا يتجاوز 2.5 مليون طن سنويًا، فإن الاستهلاك المحلي يصل إلى 10.5 مليون طن، بنسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى 24%. 

وتختلف هذه النسبة عن نسبة الاكتفاء الذاتي للذرة الرفيعة والذرة البيضاء، حيث تصل إلى نسبة 100%.

وتشير إحصائيات وزارة الزراعة إلى التصاعد المستمر في فاتورة الاستيراد من الذرة الصفراء، حيث تزايدت من 1.3 مليار دولار عام 2016 إلى 2.1 مليار دولار عام 2021، وجاوزت 2.6 مليون دولار في الربع الأول من عام 2023.

وتعد الأرجنتين والبرازيل وأوكرانيا أهم الدول المصدرة للذرة الصفراء، ويبرز دور أوكرانيا في إمدادات الذرة لمصر، ومن ثم التأثير السلبي للحرب الروسية الأوكرانية، حيث يؤدي ذلك إلى نقص في الإمدادات وارتفاع في الأسعار، حيث ارتفع سعر الذرة بنسبة 10.5% في أقل من شهر.

وفي حال تطبيق متوسط السعر العالمي لعام 2022 والذي يقدر بـ375 دولارًا للطن، فإن فاتورة استيراد الذرة سترتفع إلى 3 مليارات دولار، بفارق 330 مليون دولار على أساس وفرضية ثبات الكمية المستوردة عند 8 ملايين طن في السنة.

672 مليون دولار الفاتورة الاستيرادية لزيت عباد الشمس

تبلغ مساحة المزروعات المخصصة لزراعة المحاصيل الزيتية، مثل الفول الصويا وعباد الشمس والسمسم والكتان والزيتون، حوالي 122 ألف فدان، ويتم توليد إنتاج يصل إلى حوالي 66 ألف طن من الزيوت، وهو رقم قليل مقارنة بالاستهلاك الذي يصل إلى حوالي 1.8 مليون طن، ولا يتجاوز معدل الاكتفاء الذاتي 3%. 

أدت الحرب إلى تعطيل إمدادات مصر من زيت بذور عباد الشمس، وهو الزيت النباتي الرئيسي في مصر خلال عام 2022 بحوالي 355 ألف طن. يتم تدبير ما يعادل 98% منها من الخارج، حوالي 350 ألف طن. 

تعد أوكرانيا وروسيا من أكبر المصدرين في العالم بنسبة مساهمة تجاوزت 75% خلال عام 2020، حيث تستورد مصر ما يعادل 54% من جملة وارداتها من زيت عباد الشمس من أوكرانيا ونحو 19% من روسيا، بإجمالي 73% من جملة احتياجاتها الاستيرادية.

ومن الملاحظ وجود صعوبة بالغة في تدبير موردين آخرين لزيت عباد الشمس في ظل نقص الإمدادات الدولية.

كما يتعذر تعويض النقص باستيراد زيت فول الصويا نظرًا لأن كبار المنتجين على مستوى العالم، وهى الأرجنتين والبرازيل وبراجواي، يواجهون عجزًا في الإنتاج قدره 9.5 مليون طن بسبب ظروف الجفاف المؤثرة في مناطق الإنتاج في دول أمريكا الجنوبية. 

ومن ناحية أخرى، فقد وضعت إندونيسيا التي تنتج 58% من المعروض العالمي من زيت النخيل قيودًا قوية على الصادرات اعتبارًا من يناير 2022. كما شهدت ماليزيا التي تأتي في المرتبة الثانية بعد إندونيسيا في الإنتاج من زيت النخيل بنسبة 26% من الإنتاج العالمي، انخفاضًا كبيرًا في الإنتاج، وأصبحت عاجزة عن تلبية الطلب المتزايد من جانب الدول المستوردة.

كما تستورد مصر كميات محدودة من زيت النخيل ومعظمه من إندونيسيا بنحو 706 أطنان بقيمه 640 ألف دولار بنسبة 88% ومن ماليزيا 100 طن بقيمة 90 ألف دولار بنسبة 12% من إجمالي قيمة الواردات المصرية من زيت النخيل. 

وإذا افترضنا استقرار كمية واردات زيت عباد الشمس عند 350 ألف طن، وتطبيق متوسط سعر السوق العالمي للنصف الأول من عام 2022 الذي يبلغ 1918 دولارًا للطن، فإن فاتورة الاستيراد سترتفع إلى 671.5 مليون دولار، مقارنة بفاتورة الاستيراد التي تم تطبيق السعر المعمول به قبل الغزو الروسي، والتي بلغت 494 مليون دولار، بفارق يصل إلى 177.5 مليون دولار.

5.3 مليار دولار زيادة بالفاتورة الاستيرادية للزيت الخام.. وارتفاع عجز الميزان التجارى إلى 55 مليار دولار

وبلغت قيمة الواردات من الزيت الخام والمشتقات البترولية حوالي 11 مليار دولار سنويًا في الفترة من 2016 إلى 2020، وتمثل حوالي 15% من إجمالي واردات مصر. 

ومن المتوقع أن تظل أسعار النفط في ارتفاع بسبب الأزمة الحالية، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد المصري من حيث ارتفاع فاتورة الاستيراد وانتقال التضخم المستورد إلى أسعار المحروقات وغيرها من المشتقات البترولية، وبالتالي ارتفاع تكلفة النقل وأسعار المنتجات النهائية.

وبالنظر إلى ارتفاع أسعار الزيت الخام من 94 دولارًا للطن قبل الغزو إلى متوسط سعر يصل إلى 110 دولارات حتى نهاية عام 2022، من المقدر أن تصل فاتورة استيراد الزيت الخام إلى حوالي 5.3 مليار دولار بنهاية عام 2022. 

ومن المحتمل أن تؤدي هذه الزيادة في أسعار المشتقات البترولية والبنزين وغاز البوتاجاز إلى ارتفاع الأسعار المحلية لهذه المشتقات، وانعكاس ذلك على تكلفة النقل وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات النهائية. 

ومن المحتمل أن يؤدي هذا التصاعد في فاتورة الاستيراد إلى زيادة حدة العجز في الميزان التجاري، حيث ازدادت الواردات لتصل إلى 87.3 مليار دولار في عام 2021 بنسبة نمو 23.4%، مما أدى إلى توسع الفجوة بين الواردات والصادرات السلعية لتصل إلى 43.4 مليار دولار، مقابل فجوات أقل في الأعوام السابقة قبل جائحة كورونا. 

ومن المتوقع أن يزداد هذا العجز إلى 55 مليار دولار نظرًا للاستمرار في الأوضاع الحالية في جميع أنحاء العالم وتصاعد ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمعادن الأساسية.

90 قرشًا تكلفة رغيف الخبز المدعوم المباع بـ5 قروش

ويمتد تأثير ارتفاع قيمة الفاتورة الاستيرادية بشكل أساسي إلى العجز في الميزان التجاري، ولكنه يؤثر أيضًا على حجم الإنفاق العام المخصص لدعم السلع الأساسية. 

على سبيل المثال، يؤدي ارتفاع سعر الدقيق إلى زيادة قيمة الدعم المخصص لدعم نظام الخبز. وعليه، تزداد تكلفة توفير الخبز المدعوم من 65 قرشًا للرغيف إلى 80 قرشًا للرغيف، ثم إلى 90 قرشًا للرغيف بعد تحرير سعر الصرف، في حين يظل سعر البيع للمستهلك ثابتًا عند خمسة قروش للرغيف.

وبالمثل، يترتب على ارتفاع أسعار المشتقات البترولية زيادة الدعم المخصص للسولار لتغطية الفرق بين تكلفة الإنتاج التي تبلغ 11 جنيهًا للتر وسعر البيع المدعوم الذي يبلغ 7.25 جنيه للتر. وهذا يشكل عبئًا على الموازنة العامة للدولة.

وتقدر البنوك الدولية أن كل زيادة بمقدار 10 دولارات في السعر العالمي عن السعر المقرر في الموازنة، ستؤدي إلى زيادة نسبة العجز في الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2-3 نقاط مئوية، مما يجعل من الصعب تحقيق أهداف الموازنة العامة في رفع نسبة العجز للناتج إلى نحو 6.1%.

آثار سلبية وارتفاعات جنونية بأسعار السلع بسبب الحرب الروسية 

ويتأثر الاقتصاد المصري بشكل أساسي بالضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء والطاقة والمعادن الأساسية في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية. 

تنتقل هذه الضغوط إلى مستويات الأسعار على السوق المحلية من خلال تأثر ما يعرف بالتضخم المستورد، والذي يبلغ نحو 35% من تحركات الأسعار المحلية. 

ومن ثم، تزداد فعالية هذا التأثير كلما ارتفعت نسبة المكون المستورد بالمنتج النهائي في السوق المحلية.

من الأمثلة التي تدل على ذلك، تطور أسعار القمح في السوق المحلية، حيث شهدت الزيادة المتتالية سواءً بالنسبة للمعروض من القمح الروسي أو الأوكراني أو المحلي. 

وسجلت أسعار الدقيق المحلي تزايدًا مضطربًا من 6900 جنيه للطن في 16 فبراير قبل الحرب إلى 9525 في 11 مارس 2022، ثم إلى 10625 جنيها للطن في نهاية سبتمبر 2022، مع تواصل الزيادة ليصل السعر إلى 15825 جنيها للطن في 19 ديسمبر 2022، وتراجع طفيف في 4 يناير 2023 ليسجل 14275 جنيها للطن.

وقفزت متوسط أسعار الذرة الأوكرانية والبرازيلية من 8450 جنيها للطن في 30 يوليو 2022 إلى 10000 جنيه للطن في 28 سبتمبر 2022، ثم تواصل الارتفاع ليصل إلى 14200 للطن في 22 ديسمبر، وبنسبة زيادة تصل إلى 167%، مع انخفاض طفيف في بداية العام الجديد ليسجل 13750 جنيها للطن في 11 يناير 2023. وبالتبعية، قفزت مستويات أسعار زيت عباد الشمس وزيت فول الصويا وزيت الذرة الصفراء بدرجة ملحوظة بالسوق المحلي، متأثرة بالأزمة العالمية.

وبالتزامن مع هذه الزيادات، شهدت سلع الأسمنت البرتلاند العادي المعبأ ارتفاعًا من 1700 جنيه للطن في ديسمبر 2022 إلى 1900 جنيه للطن في مارس 2023 بنسبة تقارب 12%، وارتفع حديد التسليح بصورة مضطردة إلى 19000 جنيه للطن في مارس 2022، ليصل إلى 33600 جنيه للطن في مارس 2023..

62 % ارتفاعًا بأسعار مجموعة الطعام والشراب فى مارس 2023

تسببت التطورات السعرية في الطاقة والغذاء وغيرها من البنود في ارتفاع معدل التضخم بشكل مضطرب من مستوياته المنخفضة 5.3% عام 2019 إلى 10% كمتوسط ثانوي لعام 2021، ووصوله إلى نحو 22% كمتوسط شهري للشهور التسعة الأولى من عام 2022-2023.

كما ارتفع معدل التضخم الأساسي ليصل إلى 19.2% كمتوسط ثانوي للنصف الأول من العام المالي 2022-2023، وبنسبة 39.5% في شهر مارس 2023، وذلك بسبب استمرار تصاعد الأسعار العالمية للغذاء والنفط والمعادن الأساسية، وارتفاع تكلفة عمليات النقل والتأمين الملاحي والخدمات اللوجستية.

ويظهر تأثير الأزمة على مستويات الأسعار المحلية حيث ارتفعت مجموعة الطعام والشراب أسعارها بدرجة ملحوظة تزيد على 62% في مارس 2023، أي ما يقارب ضعف الارتفاع المناظر في المستوى العام للأسعار.

تخارج الأموال الساخنة من سوق الأوراق المالية

تتميز الاستثمارات في حافظة الأوراق المالية بالتقلبات الحادة من عام لآخر، ولذلك فهي تُعرف بـ "الأموال الساخنة". 

ومن خلال استقاء البيانات من البنك المركزي المصري، يتضح أن هذه الاستثمارات غير المباشرة قد انخفضت بشكل كبير ومتصاعد خلال فترة من 2016 إلى 2019، ثم تحولت إلى قيمة سالبة بنحو 7.3 مليار دولار بسبب خروجها من السوق المصرية في عام 2019-2020، تأثرًا بتداعيات جائحة فيروس كورونا. ومع ذلك، عادت هذه الأموال للتدفق بقوة خلال عام 2020-2021، حيث بلغت قيمتها 18.7 مليار دولار.

وكان لتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية تأثير سلبي على الاستثمارات الأجنبية في حافظة الأوراق المالية في مصر، حيث تحولت تحويلات الأجانب لأموالهم للخارج منذ اندلاع الأزمة، وسجلت استثمارات الأجانب في حافظة الأوراق المالية قيمة سالبة بلغت 21.9 مليار دولار في عام 2021-2022. 

ويرجع ذلك إلى تخارج الأجانب من البورصة المصرية وبيع ما في حوزتهم من أسهم وسندات لرغبتهم في تدبير السيولة جراء خروجهم من السوق المصرية لتعزيز مراكزهم المالية في الأسواق الخارجية، فضلاً عن سعيهم للاستفادة من الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار الفائدة التي أعلنتها البنوك المركزية.

ارتفاع أسعار الفائدة وانعكاساتها على تكلفة التمويل

تماشيًا مع البنوك المركزية في العالم، أصدر البنك المركزي المصري مجموعة من القرارات في ضوء اجتماعات لجنة السياسات النقدية، والتي تهدف إلى رفع أسعار الفائدة بهدف امتصاص جانب من السيولة والحد من التضخم. وفي 21 مارس، تم رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة، ثم بمقدار 200 نقطة في 19 مايو، وأخيرًا تم زيادة أسعار العائد مرة ثالثة في 27 أكتوبر بمقدار 300 نقطة أساس.

كما عمل البنك المركزي على تحديد سعر صرف الدولار ليصبح في حدود 18.2 جنيه بدلاً من مستواه السابق شبه الثابت عند 15.6 جنيه للدولار. 

وتم أيضًا إصدار شهادات ادخارية لفترة محدودة استمرت حوالي شهرين حتى نهاية مايو 2022. وفي تطور لاحق في أكتوبر 2022، رفع المركزي العائد على شهادات الادخار لثلاث سنوات لتتراوح بين 16% و17.25%.

وفي يناير 2023، وفقًا للاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي، رفع البنك المركزي العائد على الشهادات الادخارية، وأصدرت بنوك مصر والأهلي والقاهرة شهادات مدتها عام واحد بعائد 22.5% يصرف شهريًا و25% يصرف في نهاية مدة الشهادة. 

كما تم اتباع سياسة مرنة لتحرير سعر الصرف، مما أدى إلى استمرار ارتفاع قيمة الدولار في منتصف يناير 2023.

وطبقًا لقرارات لجنة السياسة النقدية، تم رفع سعر عائد الإيداع والإقراض عدة مرات، وعلى الرغم من أن هذه التطورات قد ساهمت في امتصاص جانب من السيولة من السوق، فإن المودعين يحصلون على عائد إيجابي على ودائعهم، بالإضافة إلى تحقيق قيمة حقيقية لسعر الصرف، مما يحفز على تدفق الاستثمارات الأجنبية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، والتقويم السليم للمعاملات الاقتصادية الدولية لمصر. ولكن من المنظور التمويلي، يترتب على ارتفاع أسعار الفائدة وتحرير سعر الصرف بعض الآثار الجانبية.

تشهد تكلفة الاقتراض الخارجي لتمويل المشروعات الاستثمارية العامة المدعومة من اعتمادات الدولة ارتفاعًا مستمرًا. فقد ارتفعت اعتمادات الباب السادس من 250 مليار جنيه في عام 2021 إلى 330 مليار جنيه في الفترة من 2021 إلى 2022 بنسبة زيادة قدرها 32%، ومن المتوقع أن تتجاوز في العام 2022 - 2023 إلى 376 مليار جنيه بزيادة نسبتها 14%. ومن المتوقع أن ترتفع قيمة الاعتمادات الفعلية بناءً على ارتفاع أسعار الفائدة التي حدثت مؤخرًا.

أيضًا، تم زيادة مدفوعات الباب الثالث في الموازنة العامة للدولة، وهو ما يتعلق بأعباء الفوائد. فقد شكلت هذه الأعباء حوالي 32% من إجمالي مصروفات الباب في عام 2021 - 2022، وارتفعت إلى نسبة 33.3% في مشروع موازنة عام 2022 - 2023. على الرغم من تراجعها قليلاً عن العامين السابقين (كانت 40% عام 2019 - 2020 و 36% عام 2021)، إلا أنها لا تزال نسبة مرتفعة. ويؤدي استبعاد هذه الفوائد إلى زيادة الفائض الأولي بنسبة تقدر بما يعادل 1.4% و 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في موازنة عام 2021 - 2022 ومشروع موازنة العام التالي. ويترتب على ارتفاع أسعار الفائدة تزايد عبء هذا البند في الموازنة، حيث كل زيادة بنقطة أساس تؤدي إلى زيادة تقدر بحوالي 28 مليار جنيه في القيمة السنوية للفوائد. وبالتالي، فإن رفع سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس، كما حدث مؤخرًا في ديسمبر، يترتب عليه زيادة في قيمة الفوائد قدرها 84 مليار جنيه.

بالإضافة إلى ذلك، يشهد تمويل العجز في الموازنة ارتفاعًا في التكلفة. حيث يتم تمويل العجز الأساسي من خلال إصدار أذون الخزانة والسندات وجذب الاستثمار في سوق الأوراق المالية الحكومية. وتم زيادة أسعار هذه الأوراق المالية بنسبة تصاعدية من 15% إلى 18% للاستحقاق الثلاثة والستة شهور، و21% للاستحقاق التسعة شهور والسنة، وذلك حسب العطاءات المطروحة. وهذا يؤدي إلى زيادة تكلفة التمويل للعجز ويضيف أعباءً جديدة على الموازنة.

450 مليار جنيه فاتورة الدعم فى الموازنة الجديدة

تمت زيادة مصروفات الدعم والمزايا العينية للحفاظ على دعم الحماية الاجتماعية للفئات المتضررة من التضخم. تلقت الحكومة توجيهات واضحة من الرئيس عبد الفتاح السيسي بتقديم كل الدعم والمساندة اللازمة.

وارتفعت بنود الانفاق على الباب الرابع الخاص بالدعم والمزايا الاجتماعية من 264 مليار جنيه في عام 2021 إلى 321 مليار جنيه في عام 2022، بنسبة زيادة تجاوزت 20%. 

كان من المتوقع أن تصل الاعتمادات في موازنة عام 2022 - 2023 إلى 356 مليار جنيه، ولكن بسبب التضخم الملحوظ في الفترة الأخيرة، ارتفعت الاعتمادات إلى أكثر من 450 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، مما يشكل نموًا بنسبة 40% عن العام السابق.

وتعكف الحكومة على توفير مزيد من الدعم والمزايا الاجتماعية في مشروع موازنة عام 2023، مع الأخذ في الاعتبار تأثير ارتفاع الأسعار على الفئات المحدودة الدخل. يتضمن ذلك توفير 180 مليار جنيه لصندوق التأمينات والمعاشات، و90 مليار جنيه لمبادرة حياة كريمة، و61 مليار جنيه للتعليم قبل الجامعي، و34 مليار جنيه للمنظومة الصحية، و30 مليار جنيه لدعم المحروقات، و22 مليار جنيه لبرنامجى تكافل وكرامة. بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعة من القرارات والتدابير التي اتخذتها الحكومة، بما في ذلك تخصيص 16 مليار جنيه لشراء الأدوية، و11 مليار جنيه لملف التأمين الصحي وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة، ومبالغ أخرى لدعم التغذية المدرسية.

وتزيد زيادة الأعباء على الموازنة بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للزيت الخام والمواد الغذائية، وتحديدًا القمح. فقد تم تقدير سعر البرميل من الزيت الخام في موازنة عام 2022 عند 60 دولارًا، وفي موازنة عام 2023 عند 80 دولارًا للبرميل. وتعد هذه المستويات السعرية أقل بكثير من الأسعار العالمية السائدة، التي تتجاوز 100 دولار للبرميل خلال فترة مارس - أغسطس 2022. ويظهر هذا الارتفاع واضحًا على الموازنة، إذ إن كل دولار يمثل زيادة تقارب من 2 مليار جنيه في موازنة عام 2022.

ارتفاع تكلفة الاقتراض الدولى وزيادة حجم الدين الخارجى

تأخذ الحكومة المصرية توجهًا من القيادة السياسية الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تتجنب التوسع في عمليات الاقتراض من الأسواق الدولية نظرًا للارتفاع المستمر في أسعار الفائدة العالمية ونقص الموارد التنموية المتاحة في الأسواق الدولية، سواء من المؤسسات الدولية أو المانحين من الدول المتقدمة. 

يتم ذلك بإعادة ترتيب الأولويات بناءً على الظروف الحالية، مع التركيز على استخدام الأموال لمواجهة أزمات الغذاء والطاقة وتلبية الاحتياجات العاجلة للمواطنين. 

وهذا يؤثر على قدرتهم على الاقتراض وحجم التمويل الذي يمكن الحصول عليه بأسعار فائدة مناسبة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم مواكبة تنفيذ المشروعات السنوية بالإيقاع السريع الذي شهدناه في مراحل سابقة.

وقد زادت نسبة الدين الخارجي بشكل ملحوظ، حيث ارتفع من 138 مليار دولار في عام 2020 إلى 155.7 مليار دولار في عام 2021، ثم تراجع قليلاً إلى 155 مليار دولار في سبتمبر 2022، وبلغت 163 مليار دولار في مارس 2023. وهذا أدى إلى زيادة أعباء خدمة الدين وارتفاع نسبتها بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي.

تجنبت الحكومة هذا التوسع في الاقتراض بهدف التركيز على الاحتياجات الأساسية وتلبية الاحتياجات العاجلة للمواطنين، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة وتأثيرات ارتفاع أسعار الفائدة العالمية على قدرتهم على الاقتراض. 

تأتي هذه الخطوة بناءً على توجيهات واضحة من القيادة السياسية بالحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وتوجيه الاهتمام لمعالجة أزمات الغذاء والطاقة وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

نجاحات غير مسبوقة بمعدل النمو الاقتصادى

نتيجة لبرنامج طموح تم تنفيذه بقيادة السياسية الحكيمة، حقق الاقتصاد المصري نموًا مرتفعًا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6% في عام 2021. 

تم تحقيق هذا النمو بفضل المعدلات المرتفعة التي تم تحقيقها في الفترة من يوليو 2021 حتى مارس 2022، والتي عوضت تراجع معدل النمو في الربع الرابع إلى 3.3% نتيجة لتأثير أزمة روسيا وأوكرانيا. 

ونظرًا لتوقع استمرار هذه الأزمة في العام المالي القادم، فإن معدل النمو المتوقع في خطة عام 2023 - 2024 يقتصر على حوالي 4.1%، ويقترب من المعدل المتوقع للعام المالي 2022 - 2023، ثم يعاود النمو التصاعدي ليصل إلى 4.5% في العامين التاليين.

تشتمل تقديرات الخطة بشكل كبير على تقديرات البنك الدولي الصادرة في عام 2023، حيث تشير إلى توقع تحقيق مصر لمعدل نمو يبلغ 4% في عام 2022 - 2023، و4.7% في عام 2024/2025. 

وتتوافق هذه التقديرات مع تقديرات صندوق النقد الدولي الصادرة مؤخرًا في أبريل من العام الحالي، والتي تشير إلى متوسط معدل النمو 4.35% للعامين الماليين 2023 - 2024.

إمكانات تنموية واعدة

ورغم التداعيات السلبية للأزمة الروسية، إلا أنها كشفت عن فرص واعدة للاقتصاد المصري يمكن الاستفادة منها، نظرًا للمزايا التنافسية التي يتمتع بها مصر وبسبب ظروف الحروب التي أثرت على مسارات التجارة والملاحة الدولية، بالإضافة إلى تأثيرها على المعروض العالمي من السلع الأساسية.

من بين هذه الفرص، توفر فرصًا واعدة لتنشيط صادرات المحاصيل الزراعية، مثل الخضروات والفواكه، إلى دول غرب أوروبا وبخاصة ألمانيا وإيطاليا، نظرًا لتزايد الطلب في هذه الدول على المنتجات الزراعية. ومن المتوقع زيادة إجمالي الصادرات المرتفعة واستحصال شركات التصدير المصرية لمستحقاتها بطرق مختلفة، مثل دفع مغيره بالنظام المعمول به في روسيا والصين، أو نظام الصفقات المكافئة، أو السداد بالعملات الصينية أو الروبل الروسي.

هذه الجهود ساهمت في زيادة الصادرات الزراعية من نحو 2.35 مليار دولار في عام 2020 إلى حوالي ثلاثة مليارات دولار في عام 2021، وتقترب من خمسة مليارات دولار في عام 2022، مع ارتفاع حجم الصادرات الزراعية إلى 5 ملايين طن حاليًا.

هناك أيضًا فرص هائلة لزيادة صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال، نظرًا لنقص الإمدادات من روسيا إلى أوروبا والذي أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات غير مسبوقة. تقدر احتياطيات مصر من الغاز الطبيعي بـ 2.1 تريليون متر مكعب، وقد نما الإنتاج من 45.3 مليون طن في عام 2020 إلى 53.1 مليون طن في عام 2021. وبلغت صادرات مصر من الغاز الطبيعي 3.9 مليار دولار خلال عام 2021، ومن المتوقع أن تصل إلى 5 مليارات دولار في عام 2022.

وتعمل الحكومة حاليًا على بحث إنشاء أسطول من سفن النقل العملاقة للغاز المسال، بهدف زيادة فرص فتح أسواق جديدة لصادرات المنتجات المصرية.

بدءاً من مشروع يورو أفريقيا، زادت أهمية مصر كمركز إقليمي للطاقة، حيث يربط هذا المشروع بين شبكات الكهرباء بين مصر واليونان وقبرص ويمكّن نقل قدرة تصل إلى 2000 ميجاوات إلى باقي دول أوروبا، مع إمكانية زيادة طاقة الكهرباء الموجهة إلى أوروبا إلى 3000 ميجاوات. يعزز ذلك مركز مصر كمنصة لتجارة وتداول الطاقة نظرًا لموقعها الاستراتيجي وتوفّر بنيتها التحتية من خطوط وشبكات كهربائية.

بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع استقرار تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي بلغت 31.9 مليار دولار في عام 2021، ومن المتوقع أن يتجاوز إجماليها 33 مليار دولار في عام 2022 - 2023. هذا التوقع يأتي في ظل تزايد إيرادات الدول الخليجية من عائدات النفط نتيجة لارتفاع أسعار النفط عالميًا. كما يأتي زيادة المتحصلات من رسوم المرور بقناة السويس بفعل زيادة حركة الملاحة وتحول دول أوروبا لاستيراد البضائع من مناطق أخرى غير منطقة البحر الأسود.

تأكيدًا على توفر هذه الفرص، نجد زيادة حصيلة إيرادات قناة السويس بنسبة 18.6% في العام المالي 2021 - 2022، حيث بلغت 7 مليارات دولار مقابل 5.9 مليار دولار في العام السابق. هذه التطورات تسهم في تعزيز دور مصر كلاعب رئيسي في تجارة الطاقة والنقل البحري بين المناطق الإفريقية والأوروبية وتؤكد أهمية مكانتها كمركز إقليمي استراتيجي.

الاستثمارات الاجن
الاستثمارات الاجن
التضخم 2
التضخم 2
الذرة
الذرة
الزي النباتية
الزي النباتية
معدلات النمو
معدلات النمو
تضخم4
تضخم4