رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس السابق لدائرة الإرهاب بمحكمة الجنايات يروى لـ«الدستور» شهادته عن جرائم الإرهابية..

المستشار ناجى شحاتة: جماعات الإرهاب وضعتنى على قائمة الاغتيالات واستهدفتنى بـ«آر بى جى»

ناجى شحاته ومحرر
ناجى شحاته ومحرر الدستور

◄ مصر تضررت من الهدم والخراب بعد يناير.. و«30 يونيو» انتصار على الفوضى

◄  الرئيس السيسى حافظ على استقلال القضاء وحسدته على هدوء أعصابه يوم 3 يوليو

◄  كثير من القضاة اعتذروا عن قضايا الإرهاب لعدم تأمينهم وقبلت لأن هذه مهمتى
◄ حاكمت ٣٨ ضابطًا من قسمى كرداسة وإمبابة وخرجنا فى مدرعات عسكرية من الجلسة

◄ تألمت كثيرًا لقرار عزل المستشار عبدالمجيد محمود وهو لم يتدخل مرة واحدة لطلب حكم معين 

◄ «غرفة عمليات رابعة» أدارت الحرب ضد الدولة

◄ وقائع «مذبحة كرداسة» كانت وحشية.. وقضية ماريوت عملية تجسس عالية التقنية

◄ القاضى إذا اتجه إلى السياسة وتحدث فى أمور بعيدة عن وظيفته لا يجوز له أن يعمل بالقضاء وإنما يجب عليه العمل فى مهنة أخرى

قال المستشار محمد ناجى شحاتة، الرئيس السابق لدائرة الإرهاب فى محكمة الجنايات، الذى تصدى لعدد من قضايا الإرهاب فى فترة ثورة يناير وما بعدها، إن ثورة ٣٠ يونيو انتصرت للنظام على الفوضى، وأنقذت مصر من العام الأسود لحكم جماعة الإخوان الإرهابية، بعدما أسفرت جرائمها عن كثير من الهدم والتخريب وتهديد كيان المجتمع.

وأكد «شحاتة»، خلال حواره مع «الدستور» أن فترة حكم الإخوان كانت مؤلمة للغاية، حتى إن كثيرًا من القضاة اعتذروا عن عدم نظر بعض القضايا لأنهم لا يأمنون على أنفسهم أو أسرهم، كاشفًا عن كواليس عدد من القضايا البارزة التى نظرها فى تلك الفترة وما بعدها، وعلى رأسها قضايا «مذبحة كرداسة» و«غرفة عمليات رابعة» و«أحداث أوسيم» وقضية «ماريوت»، وغيرها، بالإضافة إلى تعرضه المتكرر للتهديد والاستهداف، حتى إن اسمه تم وضعه على قائمة اغتيالات أثناء عمومية القضاة لرفض قرار الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى بعزل النائب العام.

■ بداية.. كيف رأيت ثورة ٢٥ يناير كمواطن قبل أن تكون قاضيًا؟

- العمل فى القضاء علمنا أن القاضى لا شأن له فى السياسة، ومما لا شك فيه أن الاضطرابات فى أى بلد والخروج على النظام شىء مذموم، ونحن فى أحداث ٢٥ يناير شهدنا التخريب، وتعد هذه جريمة ارتكبتها العناصر التى أرادت هدم كيان المجتمع.

وقد تعرضنا فى تلك الفترة لعناصر تخريبية انعكست أفعالها على الاقتصاد القومى للبلد، ونحن كمصريين تعرضنا للأذى والفوضى، وأنا مثل الشعب، تضررت من الهدم والخراب الذى حلّ فى البلد.

كما أننى تضررت من خروج الناس دون سبب، وتعطيل مصالح الدولة بأكملها، وعدم توافر السلع الأساسية، وكل هذه أضرار أحس بها كل الشعب المصرى. 

■ تم استدعاؤك فى هذه الفترة لمحكمة الاستئناف للفصل فى قضايا إرهاب.. فما أسباب ذلك؟

- فى هذه الفترة الحرجة كنت رئيس جنايات، واستدعيت لمحكمة استئناف القاهرة لغرض أن تفصل دوائر معينة فى قضايا الإرهاب، ووقتها اعتذر عدد كبير من القضاة لأسباب مختلفة، منها الخوف من سرعة الأحداث، لأن القاضى الذى يعتذر كان لا يضمن تأمين نفسه فى المحكمة ولا يضمن تأثير العامة عليه وعلى أسرته فى الشارع.

أما أنا فقبلت لأن مهمتى كقاضٍ ووظيفتى أن أقبل ما يعرض علىّ من أعمال طالما ذلك فى إطار الصالح العام للمجتمع، كما أن قضايا الإرهاب لا تخرج عن كونها قضايا جنائية تمس أمن الدولة، وخلال عملى كنت قد تمرست على العمل فى القضاء الجنائى، لذا كان من السهل علىّ أن أحكم فى قضايا من هذا النوع.

■ بعد تلك الفترة كنا على موعد مع حكم الإخوان وتربصهم بالقضاة.. فكيف تعاملت مع ذلك؟

- كانت فترة مؤلمة للغاية، وقد تألمت كثيرًا من عزل النائب العام، خاصة أن من صفات منصبه أنه غير قابل للعزل، لذا قرار عزله كان تهديدًا من السلطة التنفيذية للسلطة القضائية، وكل التهديدات وقتها كانت تنصب لعزل عدد كبير من القضاة وإحالتهم للمعاش، وأنا كقاضٍ شعرت بالمهانة لما آلت إليه السلطة القضائية فى هذا الوقت.

وكمواطن تألمت أكثر، لأن المجتمع تعرض لهزة عنيفة فى كل أركانه، ووقتها تذكرت ما حدث فى الحرب العالمية الثانية، حينما حدث قصف على العاصمة البريطانية «لندن»، وسأل البعض: هل تعرضت المحكمة البريطانية للضرر؟، فلما قيل لا، قالوا: إذن إنجلترا بخير، وذلك لأن الركن القضائى من أهم أركان الدولة، وأى تعرض له يشكل خطرًا على المجتمع.

وبسبب هذا التألم الشديد من عزل النائب العام وتهديد القضاء، حتى إنه تمت محاصرة المحكمة الدستورية العليا، اضطر القضاة لعقد جمعية عمومية طارئة لرفع الضرر الواقع عليهم، وكلنا فى هذه الفترة أبدينا تأييدنا للنائب العام ورفضنا الكامل عزله.

■ هل تواصلت وقتها مع النائب العام؟

- طبعًا، فقد كانت تربطنى علاقة طيبة بالمستشار عبدالمجيد محمود، ومن بعده المستشار هشام بركات، على المستوى الإنسانى، لكن فى عملى كقاضٍ، أى حين أعمل فى قضية، لا يمكننى أن أستشير النائب العام، بل كان يخاطبنا كرؤساء دوائر إرهاب وقت تسلم القضية، لكن لا يمكن أن يشاركنا فى الحكم، وهو لم يتدخل ولو لمرة واحدة لطلب حكم معين، كما أنه كان يساند القضاة لرفع الضرر عن عائلاتهم.

■ كيف رأيت حركة «قضاة من أجل مصر» التى ظهرت وقتها؟

- القاضى إذا اتجه إلى السياسة وتحدث فى أمور بعيدة عن وظيفته لا يجوز له أن يعمل بالقضاء، وإنما يجب عليه العمل فى مهنة أخرى، وكقاضٍ لو لبست الوشاح ونزلت أطالب بمطالب سياسية فهذا يعنى أننى لا يجوز لى العمل فى القضاء، وهذا ما فعلته الحركة، التى قالت إنها تهدف لإعلاء شأن القضاء، وكان يجب عليها من أجل مصر، كما تدعى، أن تحكم فى القضايا التى أمامها.

■ ما أصعب القضايا التى نظرتها فى تلك الفترة؟

- كانت قضية اتهام الضباط بقتل المتظاهرين فى ٢٥ يناير، والمتهم فيها ٣٨ ضابطًا من قسمى شرطة كرداسة وإمبابة من رتبة العميد فيما أقل، من أصعب القضايا التى نظرتها، وأودعت المتهمين جميعًا فى القفص، وكانت تجربة صعبة جدًا حينما يجمع القفص الضابط والمتهم معًا.

ويعلم الله أننا حكّمنا ضمائرنا فقط، وحينها تعرضنا لأعمال شغب داخل القاعة بعد الحكم ببراءة الضباط، وكنا فى محكمة جنوب القاهرة القديمة فى شارع بورسعيد، وتم تكسير القاعة وتحطيمها من قِبل أهالى كرداسة وإمبابة، وكانت أول مرة نطلب فيها دعم الشرطة العسكرية لتمكيننا من الخروج من قاعة المحكمة، وخرجنا يومها فى مدرعات لأنه كان من الصعب الخروج، وكانت هذه أول طامة كبرى تحدث فى محكمة، لأن القاضى تنتهى علاقته بالقضية بمجرد الحكم فيها، كما أن رفض الناس حكم القاضى شىء صعب.

■ قضية مقتل ضباط شرطة كرداسة كانت من أهم قضايا الرأى العام بعد يناير.. فما ذكرياتك عنها؟

- كانت القضية تسمى فى الإعلام بـ«مذبحة كرداسة»، وقُتل فيها ضباط شرطة من عدة رتب فى قسم كرداسة، وكان فيها ١٥٨ متهمًا، وشاهدنا فيها فظائع وأهوالًا وقتلًا للضباط ورمى جثثهم، وعملنا بحكم القانون.

وكنا ننظر القضية فى مجمع محاكم طرة، وننتهى يوميًا من نظر القضية فى الساعة الـ١٢ مساء، ولم يكن لدينا تأمين قوى حينها، وكانت الفظائع فى هذه القضية مما يعجز اللسان عن وصفه، فقد ارتُكب فيها كم مهول من وقائع قتل الضباط بوحشية.

وأتذكر أن المتهمة سامية شنن لم تلق «مية النار» على اللواء عامر عبدالمقصود، ولكنها تبولت فى فم المجنى عليه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، كما قام أحد أعوانها بقطع يد الضابط لاستخراج الساعة من يده.

وناظرت المحكمة الوقائع واستمعنا لكل التسجيلات والمكالمات بين العناصر المخربة، التى استخدمت سلاح «آر بى جيه» لإسقاط سور قسم كرداسة، وبمناظرة الدلائل تأكدنا من أن هذه القضية كان مخططًا لها، إذ إن الجماعات المخربة كانت تطلب تسليم الأسلحة من القسم مقابل توفير ممر آمن لرجال الشرطة لخروجهم من القسم، وأصدرت الجماعات الحكم عليهم بالقتل، وفى اليوم التالى نفذت العمليات الإرهابية المخططة.

■ كيف رأيت تعامل الرئيس السيسى مع القضاة؟

- منذ اليوم الأول للرئيس السيسى وهو يطالب بفصل السلطات عن بعضها، ويقوم بذلك على أكمل وجه منذ توليه رئاسة البلاد، وكمواطن، شعرت بأن غمة الإخوان قد انزاحت، فقد كان حكمهم سنة سوداء على مصر بأكملها، فمن الخطورة أن يتحكم بالناس مجموعة من الدهماء، حتى إننا كنا نرى أناسا محترمين يقبض عليهم فى التحرير ويعذبون لأنهم يعملون فى أمن الدولة، كما أن هناك مقرًا فى الميدان كانت مهمته محاسبة رجال القضاء والضباط، ولم تكن هناك أى سلطة لمحاسبتهم.

■ ماذا عن كواليس قضية «غرفة عمليات رابعة»؟

- نظرت قضية «غرفة عمليات رابعة»، وهى مختلفة عن قضية «فض اعتصام رابعة»، التى نظرتها دائرة إرهاب أخرى، وكان المتهمون فى القضية التى أنظرها هم المرشد العام للإخوان محمد بديع ومحمد البلتاجى وصفوت حجازى وباسم عودة، وغيرهم من قادة الجماعة.

وتعرضت فى هذه القضية لاستفزازات كثيرة من جماعة الإخوان، الذين حاولوا الإخلال بنظام الجلسة، لكن كان توفيق ربنا فوق كل شىء.

وكان الغرض من غرفة عمليات رابعة هو إدارة الحرب ضد الدولة، وكانت المجموعة تتجمع فى أحد المساجد فى منطقة رابعة العدوية، ليديروا العمليات بذهن صافٍ وبهدوء، بهدف مواجهة النظام وتشكيل قوى قادرة على هدم الدولة المصرية.

وطوال الجلسات كانوا ينكرون كل شىء بشكل تام، لدرجة أن صفوت حجازى أنكر علاقته بالإخوان، والمرشد اتبع طريقة عدم الحديث المباشر، وكان «حجازى» ينوب عنه فى كل شىء، وكنت أطلب منه أن يصمت والمرشد يتكلم.

وكنت أقول له: «المرشد متهم زيه زيك، وملوش حصانة علشان تنوب عنه، وكان المحامى الخاص بهم يستنزف وقت المحكمة بتقديم العديد من المذكرات، وهذه القضية أخذت وقتًا كبيرًا لأنهم كانوا يطلبون طلبات عديدة يجب أن ترد عليها المحكمة، وكانت هذه حيلتهم لتعطيل المحاكمة».

وأؤكد أن النظام لم يتدخل فى أى قضية تخص الإخوان، بل كان الجميع يتركون القضية تأخذ مجراها الطبيعى، وربنا وفقنا فى النهاية وفصلنا فيها.

■ وماذا عن قضية أحداث مسجد الاستقامة؟

- هذه القضية كانت بها نسبة إجرام غير عادية، لأن العناصر الهدامة اعتلَوا كوبرى الجيزة المعدنى، وأطلقوا النار على المواطنين بشكل عشوائى، وأخطر ما فى الجريمة هو استخدام بيت من بيوت الله فى أعمال دامية، كما أنهم زرعوا عبوات ناسفة بمحيط المسجد.

واستمعنا فى القضية إلى العديد من الشهود، وكانت الجماعة كعادتها تعمل على تعطيل الجلسات، لكن فى النهاية فصلت فيها، وصدر الحكم على جماعة استحلت بيوت الله لقتل الناس بلا رحمة ولا هوادة.

■ تظل أحداث قضية الماريوت من أخطر القضايا التى نُظرت فى تلك الفترة.. فما ذكرياتك عنها؟

- أحداث قضية الماريوت كانت عملية تجسس عالية التقنية، وكانت قناة «الجزيرة» الإنجليزية هى من تدير هذه العملية، وقد تم رصدها من فترة حينما جاءت إلينا من محكمة الاستئناف، ووجدت أن الأمن الوطنى هو الذى ضبطها، وكان بها مواطن أسترالى وثلاثة مصريين، والقضية صعبة لأنها أظهرت المخاطر الحقيقية التى كانت تحيط بمصر من الخارج.

ووقتها أثبتنا على وجه اليقين أن قناة «الجزيرة» سخّرت إعلامها من أجل خدمة ودعم فصيل هذه الجماعة الإرهابية، وانحازت له قلبًا وقالبًا على حساب شرفها الإعلامى، بما يكفى أن تتوافر به أركان جريمة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون فى حق القائمين على إدارة القناة من أصحاب هذا التوجه، وكذا العاملين بالقناة ممن يعلمون بأهدافها المنحازة للجماعة وقبلوا العمل بها والاستمرار فيها.

■ تلقيت تهديدًا بالقتل فى قضية أحداث أوسيم.. فما تفاصيل ذلك؟

- كانت قضية أوسيم من كبرى القضايا التى نُظرت فى هذا التوقيت، حيث تعرضت إحدى الكنائس إلى حريق بفعل أحد العناصر الإرهابية، وكان بها ١٢٨ متهمًا، وقد نظرنا هذه القضية فى الكيلو ١٠ ونص طريق الإسكندرية الصحراوى، ووصلتنى معلومة أنهم سيستهدفوننى بسلاح «آر بى جيه» قبل دخولى قاعة المحكمة.

والمتهمون فى تلك القضية برروا جرائمهم بالدفاعِ عن الإسلام، ودبروا أمرهم لذلك بحرق الكنائس ومجلس المدينة وقتلوا قاضيًا، وسموا أنفسهم بـ«المقاومة الشعبية بأوسيم».

■ هل تعرضت لتهديدات أو محاولات اغتيال أخرى؟

- جاءتنى معلومة حول وجود قنبلة فى أول نفق الهرم أمام مسجد نصرالدين، وتم رصد العملية، وغيّر ضابط الحراسات الطريق، ومرة أخرى حدث ذلك أثناء عقد عمومية القضاة لرفض عزل النائب العام، وفوجئنا بأفراد مجهولين وزعوا كشفًا بقائمة المستهدفين، وكنت أنا رقم ٤ فى هذا الكشف، وكان رقم واحد هو المستشار عبدالمجيد محمود، الذى أود أن أقول إنه قامة قضائية وخدم بلاده كثيرًا جدًا.

وأيضًا حينما ترأست إحدى اللجان الانتخابية فى انتخابات الرئاسة، وهى الدائرة العامة فى منطقة المطرية، أُبلغت ألا أذهب لاعتبارات أمنية، وقد استجبت لذلك، وحتى الآن لا أعلم السبب.

■ أدرت هذه الجلسات بحزم حتى إنك حبست أحد الضباط للإخلال بالنظام.. هل هذا صحيح؟

- بالفعل، قاعة المحكمة لها قدسيتها وأدبها، وعلى الجميع الالتزام بذلك، وفعلًا حبست أحد الضباط ٢٤ ساعة لأنه تكلم بغير إذن وولع سيجارة فى القاعة، ورفضت أى وساطة لإخراجه لأنه أخل بنظام الجلسة، لأن الجلسة لها نظام وانضباط، يلتزم به الجميع.

■ بعد كل تلك الأحداث.. كيف رأيت ثورة ٣٠ يونيو؟

- ٣٠ يونيو تمثل لى انتصار النظام على الفوضى، وانتصار سلطات الدولة، وإعادة الهيبة للدولة، والقضاء على الفوضى والهمجية التى كانت منتشرة فى المجتمع، لأنها أعادت الأمور لنصابها الطبيعى. 

وأتذكر أننى يوم ٣ يوليو ٢٠١٣ كنت فى منزلى أشاهد بيان وزير الدفاع وقتها الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وشعرت وهو يتحدث حينها بأن النظام قد عاد للدولة، وحسدته على هدوء أعصابه وقدرته على إعادة الأمور لنصابها، لأن البلد كان يسير نحو مصير مجهول، كما أنى لم أكن أتوقع طبيعة الأحداث التالية، بل كنت أشعر بأننى أشاهد لعبة شطرنج. 

وما حدث كان لا بد منه، لأن البلد كان قد وصل لمرحلة أنه لا يوجد به سلطات، والدليل أنه فى سنة حكم الجماعة كان استقبال أى سفير من دولة أجنبية يتم فى المقطم، حيث مقر الإخوان، والجميع شاهد الحوارات التى كان يلقى فيها المعزول محمد مرسى خطابه وبجواره مرشد الجماعة يلقنه الكلام.

■ أخيرًا.. كيف تقضى يومك بعد التقاعد وترك المنصة؟

- منذ تقاعدت شعرت بأننى قد اكتمل عطائى، وحاليًا لا أنام بدرى بل أستيقظ متأخرًا وأتابع الأخبار وأجلس مع أسرتى وأحفادى، ولا أتابع أى قضايا وإنما أقدم بعض الاستشارات للأقارب والأصدقاء. وأشعر طبعًا بفراغ كبير بعد الطلوع على المعاش، لكن طبيعتى وشخصيتى لم تسمح لى بالعمل فى أى وظيفة أخرى غير القضاء، لأنه أشرف مهنة فى الدنيا، ومهمة الفصل بين الناس كانت مهمة الرسل، وأنا راض ومبسوط، وعمومًا هذه هى سنة الحياة.