رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حجر رشيد من "بوشار" إلى "شامبليون".. قصة اكتشاف اللغة المصرية القديمة

حجر رشيد
حجر رشيد

حجر رشيد، والذي عثر عليه “بيير فرانسوا بوشار”، أحد جنود الحملة الفرنسية على مصر، في مثل هذا اليوم من العام 1799، كان انطلاق علم المصريات، ونقطة البدء لفك أسرار الحضارة المصرية القديمة والتعرف عليها.

عثر “بوشار”، والذي كان مكلفًا بالعمل في قلعة رشيد، على الحجر في مبنى جدار قديم، كان لا بد من هدمه لوضع أساس القلعة، نقل حجر رشيد إلى لندن عام 1802، ومنها إلى المتحف البريطاني، ويعد من أهم القطع الأثرية المصرية المعروضة حتى الآن.

يقال إنه كان يمثل قرص الشمس المجنح رمز “هوريس”، ومن تحته اثنتان من الأفاعي، إحداهما متوجة بتاج الوجه القبلي والأخرى بتاج الوجه البحري، والأرجح أن ارتفاعه كان في الأصل ما بين خمسة أو ستة أقدام وأنه كان قائما على قاعدة مرتفعة قريبا من تمثال الملك في الهيكل.

 

ــ قصة فك رموز حجر رشيد

عرف مضمون حجر رشيد من النص اليوناني المنقوش في الأسفل منه والذي قرأ “ستيفان وستون” ترجمة له أمام الجمعية الأثرية بلندن، والنص يحتوي علي مرسوم أصدره الكهنة المصريون المجتمعون في عاصمة البلاد القديمة وتقع جنوب القاهرة بحوالي 25 كم، لتكريم الملك بطليموس أبيفانس ويرجع إلى العام 196 قبل الميلاد.

ومن أهم العلماء الذين ساهموا في حل رموز حجر رشيد، الفرنسي سلفستر دي ساس ولكنه لم يتوصل إلى نتائج مهمة، والدبلوماسي السويدي “أكربلاد” والذي نجح في قراءة أسماء بعض الأعلام المكتوبة بالخط الديموطيقي، عالم الطبيعة البريطاني “توماس يونج”، والذي توصل إلى بعض النتائج منها، أن الهيروغليفية والديموطيقية وثيقتا الصلة أحداهما بالأخرى، وأسماء الملوك في الهيروغليفية تكتب داخل إطار مستطيل ملفوف الأركان أو ما يسمي بـ “الخرطوشة”. 

أما جان فرانسو شامبليون والذي درس اللاتينية والعربية والعبرية والكلدانية والسريانية والفارسية والإثيوبية والقبطية ساعدته الأخيرة في حل كثير من رموز الهيروغليفية، واطلع على نتائج أبحاث من سبقوه مع معرفته أن ما جاء على حجر رشيد هي ثلاث كتابات لمرسوم واحد، واستعان أيضا بأسماء الأعلام خاصة الملوك والمكتوبة داخل الخراطيش، وبمقارنة الأسماء في النص اليوناني والمصري، اهتدى إلى مجموعة من المعلومات والحروف الهيروغليفية، وقورنت هذه المعلومات وكتابات على آثار أخرى عليها أسماء مثل بطليموس وكليوباترا، والاثنان بهما كثير من الحروف المكررة، وبذلك عرف أن العلامات الهيروغليفية لها قيمة الروف الأبجدية، وبعدها تمكن شامبليون من قراءة أسماء تحتمس ورمسيس وغيرهم ولم يقتصر جهده على قراءة الأسماء فقط بل عرف معانيها. 

وعندما وصل إلى هذه المرحلة أعلن نتائج دراساته في خطابه الشهير الذي قدمه للأكاديمية الفرنسية والمعروف ياسم “خطاب إلى السيد داسييه عن أبجدية الهيروغليفية الصوتية"، وكان ذلك يوم 27 سبتمبر 1822، وهو التاريخ الذي يعتبر تاريخ ميلاد علم المصريات. 

ونشر شامبليون في عام 1824 موجزًا للنظام الهيروغليفية، وبعدها زار مصر في الفترة ما بين 1828 ــ 1830، وجمع خلال هذه الفترة كثير من المادة العلمية التي نشرت بعد وفاته في عام 1932 ومن أهمها: “آثار النوبة” في أربعة أجزاء، “قواعد مصرية” 1836، و"القاموس المصري" 1841. 

وسيظل حجر رشيد حجر الزاوية لفك طلاسم نقوش أبجدية لغتنا المصرية القديمة، وطرح الغموض الذي لازمها طويلا.