رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحوار الوطنى.. خريطة قضايا مصر بالطول وبالعرض

قولًا واحدًا.. ما يدور فى الحوار الوطنى الذى بدأ منذ أسابيع هو الحوار الأوسع والأعمق فى تاريخ هذا النوع من الحوارات، شهدنا في بداية حكم الرئيس مبارك حوارًا اختصر نفسه على الملف الاقتصادى، بينما الحوار الوطني 2023 جاء شاملًا وعلى أسس منهجية تدفع للتفاؤل والتعامل بجدية مع مخرجات هذا الحوار.
حتى أمس الأول بلغ عدد الجلسات التى تم الانتهاء منها خمسين جلسة تم تنفيذها فى أربعة أسابيع، مجهود عظيم لمن يدرك صعوبة التحضير للجلسة الواحدة.
ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، أثبت قدراته التنظيمية ومرونته فى التعامل مع أطياف مختلفة من التيارات السياسية، التي لا تتطابق فى الرؤى ولكنها- أي التيارات- جاءت وقد وضعت نصب أعينها ضرورة إنجاح الحوار، وذلك بالتوافق على القاسم المشترك الذى يأخذ بلادنا خطوات للأمام، وقد أحسن رشوان صنعًا عندما تعهد منذ الجلسة الأولى بأن ديمقراطية الحوار سوف تكون كلمة السر من أجل الوصول إلى شاطئ التوافق.
تقول أوراق الحوار الوطنى إن هناك 113 قضية موزعة على جميع اللجان، وفى ظنى أن هذه الخريطة الواسعة من القضايا المطروحة للنقاش قادرة على الدخول إلى تفاصيل التفاصيل، ومن ثم يراهن المراقبون على أن نقلة نوعية سوف تشهدها مصر سواء على مستوى التشريع أو البنية التنظيمية لدولاب الدولة.
الجلسات الخمسون التى تمت خلال الأسابيع الأربعة الماضية ناقشت نحو 60 قضية، وبالتالى نكون قد قطعنا ما يقترب من نصف مشوار الحوار، وفى هذا النصف الذى تم الانتهاء منه أعلن ضياء رشوان أن هناك عددًا من القضايا تم التوافق عليها، أكثر من المتوقع، مثل الوصاية على المال، وإنشاء مفوضية لتجريم التمييز، وقانون للتعاونيات، وقانون المجلس الأعلى للتعليم والتدريب، وهناك اتفاق على وجوده لكن هناك نقاشًا مستمرًا حول صلاحياته.
واللافت للانتباه هو حرص قطاع كبير من المشاركين فى الحوار على التقدم بأوراق منضبطة تحمل وجهة نظرهم فى القضايا المطروحة، وهو ما ساعد على حل مشكلة الدقائق الأربعة الممنوحة لكل متحدث، الاهتمام بتقديم أوراق مكتوبة يشير إلى الجدية فى التعاطى مع ما يطرحه الحوار وما يمثله من أهمية لمستقبل بلادنا.
الأوراق التى عكف على كتابتها خبراء من مختلف التيارات السياسية يتم الاشتباك معها باهتمام بالغ واعتبارها وثائق أساسية وذلك بالنظر إلى العقول الكبيرة التى أبدعتها، وهذه سنة حميدة استطاعت أن تقضى على التصور الخاطئ للحوار الوطنى بأنه مكلمة سوف تنتهى بانتهاء جدول أعماله. 
نعود إلى المخضرم ضياء رشوان الذى أوضح أن جميع اللجان تناقش الآن فى جلسات مصغرة القوانين التى حصلت على توافق الجميع بوجود أصحاب المقترحات.
هذه الجلسات المصغرة يمكن اعتبارها الثمرة الناضجة، حيث تتجه الآن نحو إجراءات عملية ليخطو الحوار خطوة متقدمة وترك مسافة بين القول والفعل.
طبعًا مناقشة النظام الانتخابي هي مناقشة فاتحة لشهية السياسي بشكل عام، وما من سياسي طموح إلا وهو مشغول بالنظام الانتخابى الذى يضمن العدالة بين جموع المرشحين ويحافظ على أصوات الناخبين دون هدر، لذلك سيشارك في الجلسات المصغرة الخاصة بالنظام الانتخابى ممثلون عن أصحاب الرأى القائل بالقائمة النسبية، والقائمة المطلقة، والنظام الفردى، المهم هو الوصول إلى الشكل الأمثل الذى يتفق مع طبيعة الناخب المصرى، والذي يهدف إلى الاقتراب من التمثيل الأمثل فى المجالس التشريعية.
فكرة التمكين للفئات الأضعف التى عشناها فى السنوات الماضية لم تؤتِ بالمستهدف منها بل يرى البعض أنها صارت حملًا زائدًا على العملية الانتخابية، ليس هذا فقط إنما يرى بعض آخر أن التمكين هو شكل من أشكال التمييز الواجب رفضه.
على كل حال.. نتابع ونرى يحدونا الأمل فى غدٍ لائق بالجمهورية الجديدة.