رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هدية "مارك شاجال" فنان الإبداعات الراقصة للشعب المصرى فى عيد القاهرة الألفى

مارك شاجال
مارك شاجال

مارك شاجال، الفنان الفرنسي، المولود في مثل هذا اليوم من العام 1887، فنان اللوحات الضخمة، ونجم القرن العشرين وفنان الإبداعات الراقصة، كما وصفه وزير الثقافة الأسبق، دكتور ثروت عكاشة، في الكتاب الذي يحمل العنوان نفسه.

عالم مارك شاجال، عالم خيالي متحرر من إسار الجاذبية الأرضية، الذي استلهمه من الأساطير القديمة التي طبعت أثرها على ذاكرته منذ طفولته المبكرة في بلدته الريفية الروسية "فتيسك"، فخلفت في نفسه رهافة حس ورقة.

ويلفت "عكاشة" إلى أنه: لقد ابتكر مارك شاجال، هجائن حيوانية ساحرة فتنت ألباب مشاهديه، ولعل فنانًا آخر غيره لم يمارس التصوير يذوب في غمارها، وفي الوقت نفسه قل أن يرضي رضاءً كاملًا عما تصوره فرشاته.

وكان مارك شاجال يرسم علي الحجر بنفس النعومة والإنسيابية اللتين يرسم بهما على قماش اللوحة، فلا يضع تخطيطًا نهائيًا أو قاطعًا لما يصور، ذلك أن ذاكرته كانت زاخرة بالكثير مما ينوي الإفصاح عنه، وفي ذهنه وفرة من التجليات التي تكشف الطريق أمامه لتحقيق ما يعتمل في مخيلته من أجل إسعاد مشاهدي أعماله واجتذابهم.

مارك شاجال وفن الباليه

ويمضي "عكاشة" كاشفًا عن كواليس اللقاء الذي جري بينه وبين مارك شاجال، تحديدًا بعد عرض باليه "دافنس وكلويه"، والذي صمم "شاجال" لوحات المناظر الخمس لهذا الباليه، ويسأله "عكاشة" عن سر انجذابه إلى فن الباليه، والذي صوره في العديد من أعماله، وصمم لوحات لبعض عروضه، وبدوره يقول مارك شاجال: لقد كنت دومًا أرى في الباليه نبضات خفاقة، وبحرًا يعلو ويهبط مدًا وجزرًا وهو يحتضن الراقصين والراقصات، فإذا أنا مدفوع إلى استنباط تكوينات تشكيلية خاصة تتفق والعزف الموسيقي الميلودي.

ويشدد ثروت عكاشة على أن: التصوير عند مارك شاجال أشبه ما يكون بالموسيقي، كل لمسة فرشاة فيه كأنها اختلاجة قوس على كمان، تستوحي في عزفها ما تمليه عليها الذكريات، ثم هو دائم السعي إلى أن يحقق عرضًا شاملًا لا حاجز فيه بين الإطار والحركة، أو بين المناظر الثابتة وأزياء الراقصين والراقصات، أو بين العناصر الموسيقية والعناصر التشكيلية، فرداء الرقص في نظره ليس مجرد ثوب، بل هو عنصر أساسي يشارك الراقص أو الراقصة فيما يؤديانه، كما يشيع اللون على جسد الراقص مثلما تحدد الخطوط هيكله، بمعنى أن يحمل الراقص أو الراقصة فوق جسده عنصرًا أساسيًا يشارك الشخصية الراقصة أداء ما تؤديه، ويمثل فوق جسده شخصيته وشمائله.   

هدية "مارك شاجال" فنان الإبداعات الراقصة للشعب المصري في عيد القاهرة الألفي

ويذكر الدكتور ثروت عكاشة لفتة طيبة قام بها "شاجال"، مؤادها أنه وخلال احتفال مدينة القاهرة في العام 1969 بعيد تأسيسها الألفي، وكان فريق باليه أوبرا القاهرة يتدرب على تقديم باليه "دافنس وكلويه"، فطلبت إلى الفنان شاجال إذنًا باستنساخ مناظر الستائر الخمس لهذا الباليه، فضلًا عن تصميمات الأزياء، فبادر بتلبية طلبي مشكورًا كهدية دون مقابل، ومع إصراري على القيام بهذا الواجب، إذ هو يردني قائلًا: "إذن فلتعدها هدية شاجال إلى الشعب المصري في مدينة القاهرة الألفي". 

وهكذا عرض الباليه في القاهرة في ظل لوحات ستائر "شاجال" الشهيرة وأزياء شخوصه المبتكرة، إلى أن التهمها حريق عام 1971.