رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسبوع ثالث ضد الإرهاب!

بالنتائج نفسها، أو بالـ«لا نتائج»، التى انتهى إليها الأسبوعان الأول والثانى، انتهى الجمعة الماضى «أسبوع الأمم المتحدة الثالث لمكافحة الإرهاب»، الذى لا نعتقد أنك كنت مهتمًا بمتابعة فعالياته الرئيسية، أو الجانبية، أو المؤتمر الثالث رفيع المستوى لرؤساء الوكالات والهيئات المسئولة عن مكافحة الإرهاب، الذى أقيم بمقر الأمم المتحدة فى نيويورك، تحت عنوان «التعامل مع الإرهاب عبر تعددية نشطة وتعاون مؤسساتى»!.

متأخرًا جدًا، لاحظ أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، فى افتتاح الأسبوع والمؤتمر، أن جماعات تابعة لتنظيمى «القاعدة» و«داعش» تتمدد فى إفريقيا، وأشار إلى أن «حركات النازيين الجدد وحركات تفوق البيض» أصبحت تشكل «التهديدات الرئيسية للأمن الداخلى» فى بعض الدول، وقال إن الإرهاب يتغذى على الأزمات المتعددة التى تواجه العالم، مثل أزمتى الغذاء والطاقة، وما وصفه بـ«الجحيم المتّقد» لتغيّر المناخ. وعن الوقاية، التى أكد القدماء أنها خير من العلاج، قال جوتيريش إنها «لا تعنى فقط إحباط الهجمات أو المخططات الإرهابية، بل تعنى أيضًا التعامل مع الظروف التى تؤدى إلى الإرهاب فى المقام الأول، مثل الفقر والتمييز والكراهية وضعف البنى التحتية والمنظمات الهشة وانتهاكات حقوق الإنسان».

الكلام، كما ترى، جميل ومعقول، لكنه قديم، معاد أو مكرّر، وستجده هو نفسه، فى البيان الذى افتتح به الأمين العام ذاته، الأسبوع والمؤتمر رفيع المستوى الأول، الذى أقيم فى يونيو ٢٠١٨، أى منذ خمس سنوات، وكان عنوانه «تعزيز التعاون الدولى من أجل مكافحة خطر الإرهاب متغير الأشكال». كما ستجد الكلام نفسه أيضًا فى بيان افتتاح المؤتمر رفيع المستوى الثانى، الذى كان من المقرر إقامته فى يونيو ٢٠١٩، وجرى تأجيله بسبب وباء «كورونا المستجد»، ثم أقيم افتراضيًا، مع أسبوع مكافحة الإرهاب الثانى، فى يوليو ٢٠٢٠، تحت عنوان «التحديات الاستراتيجية والعملية لمكافحة الإرهاب فى بيئة وبائية عالمية».

إلى جانب كون الكلام الجميل قديمًا، معادًا أو مكررًا، فإنه لم يشر أيضًا إلى مَن يدعمون الإرهاب أو يموّلونه أو يوفرون له المنابر السياسية والإعلامية والملاذات الآمنة، ما يجعلنا نكرر، نحن أيضًا، أنه «لا مجال لأى حديث جدى عن مصداقية نظام دولى يكيل بمكيالين: يحارب الإرهاب فى الوقت الذى يتسامح فيه مع داعميه، بل ويُشركهم فى نقاشات حول سبل مواجهة خطر هم صُناعُّه فى الأساس»، وما بين التنصيص سبق أن قالته مصر، بلسان رئيسها، فى ١٩ سبتمبر ٢٠١٧، أمام الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

المهم، هو أن الأسبوع الأممى الثالث لمكافحة الإرهاب، ركز على تقييم الأنماط الناشئة من التهديدات الإرهابية، وسبل تحصين مؤسسات الدول الأعضاء ضدها، وتطوير برامج بناء القدرات لمواجهتها. وتناول بيان مصر، الذى ألقاه الوزير المفوض محمد فؤاد، مدير وحدة مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية، أمام المؤتمر رفيع المستوى، المقاربة المصرية الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف، التى تركز على المحور الوقائى، ولا تقتصر على البعد الأمنى، وإنما تتضمن مكونات اقتصادية واجتماعية وفكرية. 

فى البيان نفسه، أعربت مصر عن قلقها إزاء تصاعد موجة التطرف اليمينى، الذى يستهدف المهاجرين والأجانب والأقليات فى بعض الدول، وأشارت إلى الدعم الذى تقدمه مؤسسات الدولة المصرية لبناء قدرات الدول الإفريقية الشقيقة فى مجالات مكافحة الإرهاب، لافتة إلى تنامى التهديدات الإرهابية فى مناطق مختلفة من القارة. كما تناول البيان، أيضًا، أولويات الرئاسة المصرية لـ«المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب»، وسعيها إلى أن تتواءم مخرجات مجموعات العمل التابعة للمنتدى مع أولويات واحتياجات الدول الإفريقية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر تتولى حاليًا، بالمشاركة مع الاتحاد الأوروبى، رئاسة «المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب». وخلال اجتماع اللجنة التنسيقية للمنتدى، الذى استضافته القاهرة الشهر الماضى، جرى تناول أولويات الرئاسة المشتركة، التى كان على رأسها مكافحة الإرهاب فى القارة الإفريقية، عبر برامج محددة تتسق مع أولويات واحتياجات دول القارة. وشهد الاجتماع مناقشات مستفيضة بين المندوبين الدائمين لعدد من دول القارة، استعرضوا فيها تجارب بلادهم فى مواجهة الإرهاب والدروس المستفادة منها.